سليم النفار - صورتها.. شعر:

"هكذا عرفت القدس وهذه صورتها"

أنا في الصف، لا أعرف، سواها
معلمتي
وخالقها على مهلٍ
تأنى صنعةً، في كل تفصيلٍ، فسوّاها
معلمتي تقول:
كفى ضجيجاً، واسمعوا
أنتم سوادسْ
قد كبرتم، ولستم صغارْ
أليوم نأخذ حصةً
عن قدسنا
كم طالباً حفظ النشيدْ
من سوف يحكي قصةً
عن ذلك الزمن المجيدْ؟
يتأتئ طالبٌ، في سحرها
وأنا أحدق من هناك,
في داخلي أهمسْ:
تُرى أيّ شيءٍ ها هنا
قد يشبه القدس البتولْ؟
معلمتي
على السبورة السوداء
ترسم قبة الأقصى
بإصبعها الذي من نورْ
فألكز صاحبي، وأقولْ:
لماذا خربشتْ,
تكفي إشارتها إلى أسماءَ
تلمع في الثغورْ
معلمتي
تتابع رسمها، جملاً وأشكالاً
وتغرق في التفاصيل الحميمةِ
أو تفورْ
*****

منْ يذكر الأيام تلك
الشعر مربوط، هناك
بأحجيةٍ
وأغنيةٍ
وضفيرةٍ حلوةْ,
تلاعبها على مهلٍ
بنات الحيّ
في ساح النشورْ
*****

يا صاحبي:
ها قد كبرنا
فماذا سوف نحكي,
أيّ أخيلةٍ
تُرانا نمسك الغيم فيها،
أيّ أخيلةٍ نصولْ؟
أنا لا أعرف المدن الكبيرة
حين أفقدها
وتفقدني الفصولْ
بالكاد، أمي قد تناوش صورةً،
وتعيدُ عن جدي,
تفاصيلَ
هنا وهناك
أمّا أنا:
أوجاعُ حالمةٍ تغني
ولو ضلت هنا الأحلامُ
سأطلب من سمائي غيمةً
أغفو عليها
ربما أدركت قدساً
كالتي أسعى إليها.
هيلا هيلا
هيلا هيلا
معلمتي
لماذا تهربين الآن منيْ؟
*****

هنا أمشي
على أهدابِ ذاكرةٍ
وتأخذني,
إلى ما لست أرغبْ
بردها نارٌ
أزقتها القديمة
في بقايا...
من بقايا وجدها تتعبْ
فهلْ نمضي، إلى حبٍّ يداويها
تُرى:
ما سوف يلزمنا، لكي نعملْ؟
هنا وجعٌ
هنا حلمٌ يغيبُ
وحلمٌ يُستعادُ
*****

هنا التاريخُ أنهارٌ تُضاءُ
فلا تعطيكَ متسعاً، لكي تعربْ
هنا كلُّ اللغاتِ ضعيفةٌ
فالله أعلاها
وخيلٌ في مداها
فكيف لعاشقٍ مثلي,
بأنْ يبلغ صداها؟!
*****

أنا في القدس
لا أسعى لمعرفةٍ
لأنَّ العمر، لا يُسعفْ
ألا يكفي
بأنّ القلبَ في أطيافها، يرجفْ؟
أنا في القدس
لا أسعى كما يسعى الغريبُ:
لأحجيةٍ
وأشكالٍ تريبُ
أنا أسعى لعاشقةٍ
هنا... فضتْ حكايتها
على زغبِ الخليقةِ
فوق أمواج الكلامْ
أنا من خلَّصَ الأقمار عتمتها
وألبسها السكينة
ثم هامْ
أنا أسعى لطفلٍ كنتُهُ
في السوق يطلبُ دُميةً،
أو أي شيءٍ قد يرى...
ويُغريهِ المُقامْ
أنا في القدس
لا أسعى لتفصيلٍ
لتدبيرٍ
وأشكو- دائماً- شوقي
لخطوٍ لا يُجاوبني،
فيأخذني
إلى نهر الحكاية والمنامْ
*****

قلْ كيف أعرفها، وتعرفني
قلْ كيف ألفحها، وتلفحني
قلْ كيف أنساها، وتنساني
لو جُنَّ شوقٌ، واستدامْ
يا وردةٌ سقطتْ، من عاشقٍ ولهانْ
كيفَ السبيلُ لشمِّها،
والنارُ تطفحُ في الزمانْ؟

كُتبت في العام 2008

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى