محمد علاء الدين - فيروس كورونا.. وجزر الاغتراب المنعزلة

فيروس كورونا يحتل كوكبنا الأرضي، نعم.. أنه يزحف بتؤدة وثبات لينذرنا بخطر جديد يهدد الوجود الأنسان برمته، وعلينا نحن البشر أن نعيد التكيف مع الطبيعة - الثائرة بطبيعة الأحوال - من جديد، علينا أن نصالحها وأن نعقد معها عقد إجتماعي آخر مبني على السلام والتعايش.

جزر الاغتراب المنعزلة

يوجد مفارقة غريبة في هذا الأمر ففي حين أصبح العالم قرية صغيرة يشعر كل فرد فيها بأنه جزء لا يجزء من عالم أكبر تربطه به مواقع التواصل الاجتماعي والأنترنت، أصبح على أرض الواقع يسير في إتجاه أن يكون عالما من الجزر المنعزلة نتيجة للحجر الصحي والإجراءات التي تتخذها الدول للحد من إنتشار الفيروس، وأصبح الإنسان في هذه الجزر يشعر بالاغتراب القهري عن إنسانيته لعدة عوامل منها فقده حريته فقد أصبح سجينا لمنزله أو لمنطقة الحجر الصحي ، ومنها فقد الآنشطة التي تتيح الوجود الفعلي للذات كالعمل والآنشطة الثقافية والرياضة المختلفة، بل وتهديد وجوده / الوجود برمته من الأساس.

الكراهية / العنصرية

وتتجلى أولى مظاهر الاغتراب هذه في الكراهية، حيث دعا البعض في بداية الأزمة إلى عزل الشعب الصيني بشكل كامل في حين هجم ثلاثة شبان على صاحب مطعم صيني في مقاطعة بريطانية هذا بالأضافة إلى نظريات المؤامرة التي أصبحت تجوب مخيلة الكثيرين في قريتنا الصغيرة حيث يرى البعض آن الولايات المتحدة هي من صنعت الفيرس لتضرب الأقتصاد الصيني في حين يرى آخرون ان الصين هي من صنعته لتشتري الشركات على أرضها برخص التراب وآخر هذه الموجات العنصرية تتجلى في وصف الرئيس الأمريكي الفيرس بالفيرس الصيني.

القناع / العقد الاجتماعي الخفي

تأخرت منظمة الصحة العالمية في وصف الكورونا بالوباء العالمي وكانت بذلك ترتدي قناع أن كل شيء على مايرام ولازال تحت السيطرة ونحن قبلنا ذلك القناع - في عقد إجتماعي خفي وليس معلن - بالرغم من علمنا بزيفه لكي لا نثير الرعب ولكي نحافظ على الأقتصاد العالمي مع علمنا التام بأننا على شفا حفرة من الكارثة.

أسطورة الكورونا المرعبة

تحويل الكورونا إلى أسطورة مرعبة أصبح أمرا جليا للجميع والاسطورة هنا بمعنى إيجاد الوهم الأبستمولوجي فيما يخص الكورونا وأضافة قدرات خارقة لهذا الفيرس ليست فيه بطبيعة الحال، وذلك عن طريق فرض أسطورتي أنهيار الدولة والبطل المنقذ من الانهيار / الحكومة، وذلك للتهيء لحصول السيء بتوقع ماهو اسوء أو من آجل تمرير إجراءات إستثنائية وفرض واقع لم يكن ليقبل في حالة عدم وجود الكورونا من الاساس ونجد ذلك جليا في تصريحات المسؤلين حيث نجد رئيس الوزراء البريطاني يطلب من مواطنيه التهيء لتوديع زويهم في حين تتوقع المستشارة الألمانية أصابت سبعين في المائة من الشعب بالوباء هذا بالأضافة إلى قبول المحكمة الدستورية الروسية إمكانية ترشح بوتين لفترتين جديدتين في استغلال واضح لأزمة الكورونا، هذا بالأضافة إلى الشركات العالمية التي غزت الأسطورة المرعبة للحصول على مكاسب مادية .

ربما أن العالم لازال قرية صغيرة لهو أمر في غاية الأهمية لذا علينا أن نتكاتف سويا بالوقوف على المشترك الإنساني ومواجهة ما يهدد وجودنا بالبعد عن العنصرية وبث الكراهية، والواقعية في التعامل مع الوباء، وعدم الرضوخ لأقنعة الوهم المزيفة، التي تفترض آن كل شيء على مايرام أو التي تجعل من الوباء أسطورة مرعبة لتحقيق أغراض سياسية واقتصادية مختلفة، نعم العالم مازال قرية صغيرة في مواجهة جزر الاغتراب المنعزلة، فلنتكاتف سويا ولنقاوم وبائي الكورونا والاغتراب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى