الأطرش بن قابل - بعد 34 سنة أصبح عمري 13عاما…للحظات

اليوم يفوح بعطر الأمس، فقد اقتطف بعض أزهار الياسمين، رماها عبر سفينة الزمن إلى حجرة في قاعة من مدرسة كنا ذات يوم نطوي طريقنا إليها جريا لا تهدأ أنفاسنا إلا ويبدأ مشوار جديد من يوم آخر، والفرح يترادف بتسلسل الأيام.
لم تفقد المدرسة شيئا إلّا صيحاتنا في ساحاتها وبعض من عنفوان مديرها ورائحة أستاذة الانجليزية ليست بعطرها فقط …ولكن رائحة حرص الأم و الأخت التي تفوح منها …وورقة أخذتها مني ذات يوم ، شردت فيها بذهني أنشأت دولة مثالية، ربما كانت تلك السنوات ستكون ميـــلاد أو نشأة مشروع دولة فقد كان جيل من نور ومعلمين بقبس النُبـــوة.
تاريخ قد يبدو لبعض من يقرأ هذه الأسطر بسيط، لا قيمة له، لكنه خالج قلوبنا وأبكى بعضنا…حتى من كُنا نراهم قساة قلوب أو جعلتهم الحياة كذلك، ذرفت عيونهم شوقا الى لحظة من لحظات استراحة بين حصتين…
هو ماضي وحاضر ومستقبل، القدر لم يزحزح من النفوس شيء، نفس القسمات ونفس الابتسامات وذكريات صغر استحضرناها على كبر، دبت فينا كنَملٍ فأربكت جوارحنا وأغرقتنا في حوار مع حاضرنا نلومه عما فعل بنا… ولما أتى على عجل؟؟ …
ألم يكن يحق لنا أن نستنشق من السعادة ما يكفينا لنقاوم بها ما بقي من العمر أم استكثر فينا الفرح وصفاء القلوب .. آه يا زمن كعادتك تأخذ أحلى ما في العمر دون إذن ، تتسحب تحت وطأة الأيام بجنح ظلام الليالي كمفترس ألِف الانقضاض على فريسته، التفتنا فوجدناك قد أخذت السنين العّطِرة لتُطِل ما بقي من العمر كالدهر…
سنوات محبة اختصرت في ساعات ،كلٌ ذهب في حاله لكنهم عند الدعوة، سارعوا وهانت عليهم مسافات الأميال للحضور، فقط للعيش ولو للحظات في ساعة من الماضي، كان كل في داخله يردد…لماذا لم يأتي معي أولادي حتى يروا…كَمْ كان الحب والتآلف الذي عشناه واضحا فينا؟؟؟…
الآن، لكل حياته وذكرياته و ميولاته لكن الكل يستهويه الماضي عندما كان لدخول الأفئدة ألف باب ولا باب للخروج ..قلوب أحلى ما فيها فراغها لا مكان فيها لأي شيء، لا ظلمة فيها، ولا ظِلال، وأول شيء فيها كآخره، منبسط سيُورق بشتلات خير على أرض طيبة…. وسماء بيضاء بحبات برد نقّتها كنقاء هذا اليوم في زمن يقتصر النقاء على الثياب، قلوب طاهرة و مازال الطُّهر يلامسها كيومها ذاك…
وفي لحظات تمسح السعادة على قلوبنا تُنسينا بعض حاضرنا نُلامس فيها السماء، سعادة تُطبق على القلوب كسعادة الصبا، غير منتهية لا أفق لها.
ينطق أحدهم ..كيف لي أن أعيش الثالثة عشر بعد أربعة وثلاثين عاما… ثم يجيب بنفسه شكرا للجميع فقد عشتها اليوم.




* منقول عن
- ثقافات
- المجلة الثقافية الجزائرية:

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى