نبيلة غنيم - جفاف قلم

رأيته محبطا، حزينا، التعاسة تخرج من صدره مع دخان سيجارته التى لا يطفئها إلا نادراً، متجهما في وجه الحياة ، غيمة سوداء صفدت قلمه ومنعته من سكْب ما فيه علي الورق، عقله مازالت أتونه تعج بالمعاني والأفكار، ينقصها الخروج حتى لا تحترق بداخله وتبقي رمادا تذروه الرياح.

غيمته السوداء تدور في أفقه ، تجعله كجواد حَرُون، كلما امتطت الفكرة رأسه تلتف حولها لتغلفها، فيحرُن القلم وتتوه الحروف.

يجلس علي مكتبه يتأمل الأوراق البيضاء يمسك القلم الذي هجره منذ زمن، يشعر بالإحباط كلما واتته الغيمة، يخرج تاركاً قلمه يئن ويشكو الهجر، يشعر بانصهار رأسه، تترنح خطاه ما بين مشاعره المُحْبَطة وبين هروبه من ذلك العالم الذي لا يعطيه حقه في أن يكون أديباً يشار إليه بالبنان!

أفكر كصديق صدوق استخدام قميص عثمان لتحفيزه واستنهاض همته واستئنافه للكتابة، فأنا تعلمتُ علي يديه فن الكتابة، فهو الكاتب الأريب الذي خرجت من بين تلافيف عقله أجمل الروايات وأجمل القصص، لماذا تتصلب بنات أفكاره وتستعصي عليه الآن، من الذي سجن إبداعه وجعله يقبع في صومعة حديدية كراهب أدى دوره في الحياة وليس لديه ما يسديه للبشرية؟

أتخيل أحيانا، بل أتمنى أن أكون كساحر أمسك بعصاته السحرية المثبت عليها نجمة لامعة ، أشير بها إلى رأسه فتنفرط الحروف علي صفحاته البيضاء.

تصرع الغيمة السوداء كل محاولاتي وتتهمني بالزندقة ومحاولة الاستيلاء علي رأسه المزدحمة بالخيرات !

تجري عليه كمحبوبة تغار علي حبيبها، تظلل رأسه ليخمد الفكر العبقري ويستقر قلمه المسجى علي أوراقه البيضاء منزوع الروح، ينتظر إكرامه.

تعليقات

أعلى