علي الدميني - الهوادج.. شعر

ما تبقى من العمر إلا الكثيرْ.
ما تبقى من العمر إلا الكثير،
فماذا أسمي البياض الذي يتعقّبني
غازياً أم أسيرا؟
قم من الليل، يا لابس الخيل كيما ترى
أفقاً
ناسكاً ونهاراً طهورا
إن قلبي ينوس وحيداً وقد فارقته البواكير
واستخلفته
الأساطير
ينزف ماء الزمان على الساعة الجامدةْ
واحدةْ:
كانت السنوات تعبّ العشيّات حتى شربنا
على ظمأٍ
جمر ذاك الضباب العفيف.
واحدةْ:
صارت السنوات تغرّد في متن غربتها
وتبيح لنا من يباس سفينتها بيرقاً،
وتدندن ساعاتها
في الفناء الرهيف،

* * *

ما تبقى من العمر إلا يسير يقود يسيرا
قد خبرت المدينة.… أبراجها واحداً واحدا.
افترشت حصاني على بابها حينما لم أزل
نطفةً في الأزل
وتخيرت أجمل أسمائها
من هديل الحروف
ومسّ القبل
قد عرفتُ المدينة … أنهارها والحصى
ودعوت النخيل بأحرفه اللّينات وباركته
شاهداً شاهدا
فاشهدوا أنني:
قد تحملت من وجد عشاقها ما تنوء به الذاريات
ورأيت الذي لم ير الأولون ولا علم الآخرون.
إذ سقيت بوادي القرى شربةً مست العظم حتى اكتوى
واغتوى القلب من غيه ما اغتوى
وتبدّت لي الفاتنات ثمانين حولا
فلا أنا مستوثق من جنوني
ولا أنا عن حبهن (أُرعوى(
يا نساء المدينة اخفقن كالطير مبهمة في البكور
وملهمة في السرى،
قد تلبست منكن حرقة عيسى الصحارى وإبل القرى
فأنا مهلك ناقتي بينكن على ملأٍ لأرى.
وأنا مستعيذ من الشدو بالصمت
مستمطرٌ ديمةً أربعت، ورياحاً تسوق هوادجها البدوية
في الماء،
طالعةً من عروق السحاب، ونازلةٌ في متون اليباب،
فلا كنت أول من نظر النجم يأوي الى ظلّها
ولا كنت آخر من أبصرا.
فإذا خاضت الناس في القول
واستأنست زمناً أخضرا
أعشبت طفلة الروح،
وانفلقت حبة الصبح
بين يديّ، فأطلقها
غضةً بضةً
تصف الكون باللون،
والتمر بالمن،
والراح بالروح،
تكتب بيني وبين بنيّ المواثيق
حتى إذا ما تغشّاني النوم
ملت إلى القلب في دعةٍ
ودعوت لنسلي بمغفرةٍ
واسترحت لحرقة مجد الكرى

* * *

ما تبقى من العمر إلا و …إلا
ما تبقى من العمر إلا بياض الصبايا يلوّح للطير
أنا اهبطي من علٍ
واشربي باقيات يقيني
ما تبقّى سوى رعشة الثوب في بدني،
واختلاج الأعنة فوق جوادي،
وكأس حنيني.
ما تبقى من العمر إلا التي راودتني صغيرا،
اتعبتني كبيرا،
البلاد التي.
. . . . . . . .
. . . . .
. . . .
. .
سأغني لهودجها البدويّ،
وأرقص بين يديها ومن
خلفها
مبصراً وضريرا.
أعلى