أحمد بلقاسم - عطلة مؤجلة.. قصة قصيرة

سبحان الله؛ في هذه العطلة الربيعية التي كان مقررا أن تبدأ غدا، كنت عاقدا العزم على أن أقضيها خارج الوطن، وفي نيتي أن أطير إلى إيطاليا أولا، أستهلها بزيارة مدينة البندقية، ومنها أقفز إلى مدينة بيزا لاحبا في البيتزا وإنما لأدعم برجها المائل وأقوم اعوجاجه، أو أدفعه دفعة لله فأريحه من معاناة الميلان، وما إن أنهي مهمتي هناك، أستقل قطارا فائق السرعة ووجهتي مدينة فلورنسا، ودون ضياع دقيقة واحدة، أقصد كنيسة سانتا كروتش الشهيرة، الكنيسة الفرنسية الفرنسيسكانية الرئيسية في المدينة، وأقف دقيقة صمت ترحما على روح غاليلو غاليلي.
ثم أودع إيطاليا متسللا إلى فرنسا، دون لف ولا دوران أركب الميترو على عجل لأضع إكليلا من الورد على قبرأب كوزيت في مثواه الأخير بمقبرة العظماء، وبعد ذلك أنزل إلى السين فأتوضأ بمائه، ثم أصعد برج إيفيل، وأصلي ركعتين تحية وداع.
وقبل أن أقفل راجعا إلى المغرب؛ أحط الرحال بالأندلس؛ لا رغبة في ولوج ميدان مصارعة الثيران، فأنا لا أعتبر هذه الهمجية رياضة البتة بقدر ما أنظر إليها على أنها إرث إغريقي خبيث يجب تطهير النفس من رجسه، وإنما لأحل بغرناطة، وأحث السير نحو الساحة التي يقف فيها فديريكوغارثيا لوركا منتصب القامة يواجه رصاص قاتليه بصدره، رابط الجأش والنهى ثابت القلب والقدم؛ أردد معه قصيدة:
ما الإنسان دون حرية يا ماريا؟
قولي لي كيف أستطيع أن أحبك دون إذا لم أكن حرا؟
كيف أهبك قلبي إذا لم يكن ملكي؟
أحني له هامتي إجلالا، وأرصع جبينه بلآلئ التقدير والاحترام.
هكذا كانت نيتي؛ لكن عندما لملمت أغراضي، وحملت حقيبتي على كتفي قاصدا المطار، وجدت أن كورونا قد سبقني إلى مدرج الطائرات فقص أجنحتها، فثارت ثائرتي وغضبت غضبا شديدا، وأقسمت أن لا أبرح مكاني قيد خطوة من عتبة منزلي، لأقضي عطلتي بين جدرانه..

28/3/2020
  • Wow
التفاعلات: نبيلة غنيم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى