عفاف السيد - مكائد عاجلة

المفاتيح غريبة، ورائحة الشقة غريبة، وابتعادك عن مساقط الضوء يؤهلني لمركز اهتمامك، هكذا تأخذنا نظريات ألفيزيقا لان نسقط جدارا دون ان نتلقى نثار بعضنا، هل ادركت أن نظرتي من ثقوب النافذة لم تكن اكثر من ملء ما خلف الجدار ببضع رؤى مهذبة عن بشر لسنا مضطرين ان نحفظ ملامحهم او نكون نحن من ملاحظاتهم العابرة .

قلت قبليني، فشققت كل المتاح من هواء الحيز المفتعل، ما بين ادراكي لكذبك، وانشغالي بالافتتان لطعم الشبق الاخير.

لم أرد ان اصمت هكذا، طعم الوحدة ضد قوانين الخيانة، تذهب اليهن خلف الجدر المعكوسة فاخاف فقدك، واظل أدور بك على كل الصيغ العذبة لامرأة تقليدية تخشي المقارنات فتتشبث بالنشوى المرجأة، ثم تتصنع الاندماج بين الصحاب التافهين .

فكرت ان اكتبك بالأمس، لحظة ان وضعت المفتاح الغريب وادرته في الباب الذي لا يعرفني ثم نفذت بين جدران لا تشبه معتقداتي الخاصة عن العشق الأليف، وفكرت وانا اسمع "باخ " ان اسرق صورتك ثم ألقي بالمفتاح خلف الضلفات وان اعتذر لك عن حماقاتي المفرطة، لكنني وانا ادير غطاء زجاجة المياه، حاولت ان اسقطك من معطيات وجودي واتحرر كغابة او اكون مثلهن اللائي لم يكدرن تصوراتي التقليدية للغاية، لمكنك وأنت تقبلني، انخلعت عن بنت لم تعرف كيف تحب ببداهة، فظل الاستغراق هو السمة الوحيدة الغائبة عن الوعي، وبدوت امامك بلهاء مهذبة، ثم أردت ان اكتب المفتاح الغريب، والشعور الذي لم أزيف وحشته او الارتكان الى التماهي عبر موسيقى «زياد رحباني».

كيف أنهي هذه القصة وانت معهم، أصحابنا الذين استطاعوا برقة ان يشعروني بالغربة ثم ضحكوا باستخفاف، فظهرت معالم الوحدة شيقة، والسطور مدفوعة بسلاسة الى نقطة التلاقي ما بين الحزن والحنين . ماذا تبقى هذه الليلة سوى بضعة تواكبات لزوم الذكرى، ومفتاح ملقى على المنضدة، وبروفات عاجلة لمكائد بريئة، وصحاب يدركون جيدا ان الغد سيكون حولك وحيدا، وانك ستحاول مصادقة الفراغ والرسائل السخيفة، ولن تكون سعيدا، فكما قلت لك بين نفسي، ان السعداء الوحيدين بلهاء، فإنني اكثر تعاسة مما ينبغي، ولذا ربما بوعي متقن، حملت منك بضعة أثار لا بأس بها، وتعمدت ان أجول بين شفتيك بكل أناقة واعتداد، فهل ستذكر ان التهام الحيز من دواعي الخوف، فتؤكد بلفتات سريعة انك تراكم العدم بإسهاب لتخترق الموت، فلا اقدر ان أضمك لما تكون عيناك لهذا الحد حزينتين، ودون ان اخبرك، فان اتسناع الهوة التي ندور فيها معا دون ان نصطدم ابدا ببعضنا، قد جعل قلبي مأخوذا بك وانت تغدق المرارة باتقان، وتختبىء بين كؤوس الصحاب المفعمين بالتضارب، وتهمس بحكاية رفيعة تسقط بين فراغات الحنين فأود لو التصق بك، ولكنك تحدثهم عن وحدتك في الغد، لما تبقى الامكنة مجرد محيطات للمراوغة والسخط، لكن الكذب يصنع معجزات وفخرا، وانت كاذب كالنهارات الواضحة، وربما دفعك هذا للحظة الصدق العدمية، فحاولت ان تبرر الخوف من وحدتك بافتعال الرغبة في الموت، وتجاوزت بالنقوص والصيرورة معا، فاختصمت الاضداد بمسافات مفرطة في الغرابة .

لم تحدثني، ولكني أحبك ..

رغم غرابة المفتاح والاشياء الباردة على الجدران وألوان الحوائط المحايدة وافتقاد نظرك للدفء، فانني ربما لن اكتب سوى أشيائك العشوائية، وقلبك الكاذب كالعشق .

اتابع معك فرحا بسيطا متبقيا لكلينا في المساحة المخلخلة بين جسدينا، وحول الفراغ الذي تركناه وحيدا مفعما بالافتقاد، وكنت أعلم وأنا أدفع السلمات الصامتة وحدي، بأن الاركان الدقيقة لشفتيك لن تستوعب سطوتها إلا نشوتي، وربما ظلت الذكرى الوحيدة التي أخفيها جيدا، وانا أنتظرك بلهفة في كل ليلات ابتعادك، ثم أقف صامتة تماما ألملمك من زوايا حادة تركها الصحاب بعفوية دون ان أجرؤ على سؤالهم عنك، فالتصق بهم دون مبررات اقدمها لوحدتي وأنا معهم لا أستوعب ضحكاتهم وقد تركوا مقعدك عند الركن بإهمال حقيقي، فأداري اضطرابي في الاوراق ثم أبكي عند حدود القصة وانا أحاول انهاءها عند حد رحيلك، فألقي بالنقطة الاخيرة عند عيون أصدقائك المفعمة بالعتمة، وقلبي المعلق في مساقط الضوء الزائفة، ثم كل ذلك الانتظار داخل كادر لا يستوعب سوى كلمة النهاية .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى