عبدالله البردوني - الفاتح الأعزل

=ساه … في مقعده المهمل = كسؤال ينسى أن يسأل
كحريق يبحث عن نار = فيه عن وقدته يذهل
كجنين في نهدي أم = لهفى تتمنى أن تحبل

***
يطفو ويقرّ كعصفور = توّاق في قفص مقفل
يستسقي كالحلم الظامي = ويحدّق كالطيف الأحول
فيشمّ خطى الفجر الآتي = في منتصف اللّيل الأليل
ويصوغ الصمت ضحى غزل = وأصيلا ورديا أكحل
ويضيع جمالا مبذولا = في الكشف عن العدم الأجمل
يشدو للزاوية الكسلى = ويصيخ إلى الركن الأكسل
ويفتش عن فمه الثاني = ويحنّ إلى فمه الأوّل

***
والأربعة الجدران إلى = عينيه تصغي … تتأمل
ترنو كفتاة تستجدي = غزلا … وإذا ابتسمت تخجل

***
يغلي ويمور كما يعدو = في كفّ العاصفة المشعل
مرمّي كالقبر المنسي = وإلى كلّ الدّنيا يرحل
يغزو الأقمار ولا يعيى = ويخوض البحر ولا يبتل

***
في كل راوية فنّان = من قصته الفصل الأطوّل
في كل تثبي أغنية = أنّى لهواه تتجمل
في كل كتاب عن بطل = أخبار عنه لم تنقل

***
يحيا في التاريخ الفاني = في الكثبان العطشى يخضل
يقتاد الحيل (كعنترة) = يجترّ الزق مع (الأخطل)
ويناضل (قيصر) في (روما) = (كسبرتاكوس) ولا يفشل
يطوي (الاسكندر) في يده = ويجول على كتفي (أخيل)
ويرد اليوم إلى الماضي = ويعيد الماضي مستقبل
ويلمّ الأزمنة الشتى = لحظات تعرف ما تجهل
تنشهّى (( تنوي)) تتحدّى = تستأني((تعدو)) تتخيّل
فيعفّر (ابرهة) .. يذكي = عيني (سينا) بدم المحتل
يهمي فوق (الجولان) لظى = يرمي (بالشمر) عن المنهل
يمحو (سابجون) بإصبعه = ويمزّق (خيبر) بالمنجل
يلقي عن صهوته (كسرى) = ويقاتل في (حيفا) أعزل
يدميه القصف ولا يدمى = يرديه القتل ولا يقتل
يهفو من حلق الموت إلى = اعتاب الميلاد الأحفل

***
يجتثّ الكون ليبدأه = أسخى ويشكله أفضل
ويصوغ العالم ثانية = أو يأمره أن يتحوّل

***
مرمي يرحل من بعد = كالهول إلى البعد الأهول
في كلّ متاه يستهدي = في كلّ حريق يتغسّل
يغزو المجهول بلا وعي = ويعي لا يدري ما يفعل
فيعود يشكل ما ألغى = أو يمضي يمحو ما شكّل
أعلى