عبد الرحيم التوراني - شاعر المغرب في المعاريف..

غير بعيد عن هذا المكان الذي يحمل اليوم اسمه بعد رحيله، كان الشاعر أحمد المجاطي يتردد على الأماكن القريبة، ليلتقي بأصدقائه، وعلى رأسهم توأمه الروحي الشاعر الراحل أحمد الجوماري، والقاص والروائي محمد زفزاف، هذا الأخير كانت له مكانة خاصة لدى المجاطي، بل كان صاحب "الفروسية" لما يكون في أحسن أوقاته برفقة بعض خلانه من الأدباء يتلو عليهم فقرات من قصة زفزاف: "حمار الليل يضرب سكيرين"، يدندن بكلماتها وكأنه يترنم بقصيدة شعر موزونة.

زنقة أحمد المجاطي تتكئ عليها حانة ومطعم "لابريس" التي كانت في زمن ما نقطة جذب للمثقفين، مغاربة وعرب، من الباحثين عن لقاء زفزاف والجوماري. وتمتد لتلتقي بزنقة أحمد الجوماري مرورا بالمركب الثقافي محمد زفزاف. هكذا تصر خريطة الحي على حضور الأصدقاء الثلاثة بعد غيابهم.

الراحل أحمد المجاطي، أو أحمد المعداوي، (اسمه الحقيقي) هو من أبناء المدينة القديمة في الدار البيضاء، وبعد انتقاله للإقامة والاستقرار في الرباط، حافظ على صلته بمسقط رأسه ومرتع صباه، حيث كانت زيارته للمعاريف منتظمة وعلى أول أجندته لما يدخل العاصمة الاقتصادية.
وكم سعدت بمرافقة المجاطي والجوماري وزفزاف في فضاءات المعاريف أو في بيت صاحب "أوراق الليل" بزنقة مون بلان (ابن فارس). وهناك محكيات طريفة حول تلك الجلسات الإنسانية والحميمية لا يتسع المجال لسردها الآن، وأتمنى أن تسعفني الظروف لتدوينها مستقبلا.

في يوم من أيام نهاية الأسبوع من شهر فبراير 1995 جاء المجاطي بعد غياب إلى المعاريف، وأمضى الظهيرة والمساء برفقة الجوماري، بل إن المجاطي سيقضي الليل عند الجوماري. وقد حكت لي المرحومة عائشة وكريم عن تلك الليلة. قالت لي رفيقة حياة الجوماري: "وصل الصديقان إلى البيت في ساعة من بداية الليل، وعند وقت النوم تمدد كل واحد منهما على الكنبة الطويلة بالصالون، ووضعا رأسيهما عند بعض، وظلا يتحدثان ويتكلمان حتى الفجر. وبعد أسبوع توفي الجوماري إثر أزمة قلبية. وكأن المجاطي الذي غاب زمنا عن زيارة المعاريف جاء ليودع صاحبه. وبعدها سمعنا بمرض المجاطي الذي لم يمهله طويلا ليلتحق برفيقه في نفس العام بعد أشهر قليلة".

تم اعتبار أحمد المجاطي فترة "شاعر الحزب"، والمقصود حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية/الاتحاد الاشتراكي، قبل أن تبادر رابطة أدباء المغرب لتطلق عليه لقب "شاعر المغرب".

عبد الرحيم التوراني

شارع احمد الجوماري.jpg
أعلى