عبدالوهاب محمد يوسف ( عبدالوهاب لاتينوس) - قبل أن تراود الموت.. شعر

قبل أن تتقعّر في جسدِ العالمِ
المصاب بالتعفُّن
وقبل أن تدكَّ الصخر
لتنبتَ لكَ زهرة بلا أشواك ؛
قبل أن تعلن كفركَ بالحياة
متحدِّياً مشيئة الرب
وقبل أن تقذف وجه الحياة بالبصاق واللعنات
نكايةً في البؤس ؛
قبل أن تفعل كل ذلك ،
عليكَ أن ترضع مِن ثدي الألم
لتصيرَ ثملاً على حافةِ الترنح
كمخبول ، تصرخ في وجه كل شيء
تصرخ مِن أجل شيء
ومِن أجل لا شيء أيضاً .
عليكَ أن تفهم أن الحياة
فكرة مثقوبة في الخصر
رئةٌ محشوةٌ بالدود والبارود .
قبل أن تنزوي في زاويةِ العالمِ القصيَّة
وتبكي كأرملة فقدتْ زوجها
في حرب لا طائل منها ؛
عليكَ أن تتبوَّل على سواح الجامعات
التي لا تخرِّج سوى سُذج بلا عقول
أن تتبوَّل على أبواب المعابد
التي لا تآبه لأمر خراف الرب .
في الليل قبل أن تتهاوى على رأسكَ
جرة الكون وتنكسر ،
فتتناثر أجزاؤها المشلولة ؛
وقبل أن يتداعى الجسد
فينحسر الثوب
ليكشفَ عن فخذٍ هزيلٍ
لا يسرُّ مراهقاً
عن نهدٍ ضامرٍ
لا يصلح للرمي ؛
قبل أن يسقط قناع العالم
لترَ وجهاً مليئاً بالبثور
لترَ القبح منحوتاً
على وجهِ مرآةٍ باهتٍ
لترَ الدم طازجاً
يسيل مِن جثةِ العالمِ المنتفقة ؛
وقبل أن تراود الموت
وتشهر سيف العدم في وجهِ الجميع ؛
عليكَ أن تكون مستعداً
للموت مِن أجل أمرأة
لا تعرف عنها سوى تعاريج جسدها
سوى شهقاتها الناضجة
على حافةِ النشوة الأخيرة
أمرأة ؛ لا تعرف إسمها
ولا حتى تفاصيل وجهها
إذ لم تجرؤ على التحدق
في وجهها المسكون بالبراءة
لستَ تجرؤ على النظر
في عينيها الحالمتين
تخاف أن يحيد قضيبكَ عن الإنتصاب
فتعود خائباً مِن تفاحةِ النشوةِ الملعونةِ
وحفنة أموال تكفي
لإحتساء زجاجة بيرة رديئة
في حانةٍ كئيبة
تعج بالمومسات وسكارى آخر الليل .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى