زينب النامو - رسالة لم تكتب..

رسالة لم تكتب.. ورسالة من تحت الماء، ورسالة على الجدران، وأخرى في مظروف ترتجف منها مصائر الأسرة، ورسالة يحملها الحمام الزاجل بين مخالبه في رق، أو قشرة من جلد حوت، أو "محارة" من "فكرون" (سلحفاة)، رسالة لم تترجم هي ذاتها "الذرة المنسية" في "الطفل الصغير" أو "الرجل البدين" .. مسكينة أنت يا "هروشيما" ويا "مريومة لبن الإبل"... بات الزمنُ لا يملك إلا نصف دورة أو ربعها، فبنات "الأوس" يتعشين على رضابهنَّ الذي كان الحجيج الأول من العشقِ مستعدون بيع كل زادهم وإحراماتهم وكل دمائهم من أجل ذلك الرضاب الذي تمنى المزن أن يخشاه...!
رسالة مكتوبة بالحبر، أو الماء، أو الدم، أو الرصاص، أو الزنك، أو الذهب، أو الحموم، أو أي سائل يتجمد عند حدود الدائرة الشرفية للمعنى المحلق..
رسائل تصل قبل أن تكتب، وأخرى في زجاجات عائمة عبر البحار، تائهةِ كأشرعة الرشود... ثم تصل بعد مئات السنين، وبعد رحيل المرسل والمرسل إليه..
ورسائل لن تكتب ولن تقرأ ولن تبعثا طبعا.. فهي جزء من منظومة أجفان المراوح في لحظات الصقيع الرملي.

ورسائل حملها الأنبياء.. هي البقاء والنقاء..

لملمتْ كل حقائبها ودفاترها، وكسرت الأقلام... فقد أيقنت أن الرجل لن يجفَّ، ولن يرخي حزامه مهما علق به من سهام أو نبال.
قالت لمزنة عابرة في سماء متخيلة تحت سقف العريش الغربال :
- هل يوجدُ الماء تحت المنبر.. فرجال الخطابة من قس بن ساعدة إلى المختار السالم والدي وأحمد عبد القادر والخليل لا يفكرون في زيادة ركعة ثالثة للفجر.. فالفجرُ في رسالة، والرسالة في زجاجة، وأنا أحاولُ بنصف برقع أنْ أغلق أكثر عدد ممكن من الطرق إلى "الضفة السفلى"... عسى أن يغفرَ الليمون سكرته بالسكين..
رسائل... رسائل.. رسائل.. ضفائر .. وأرداف.. ومعاقل.. وقصائد.. وسادنات وسدنة، وبلابل..
ما بال هذه الرسائل ؟!
بالله عليكم ليفسر لي أحدكم معجزة الرسائل هذه؟!.. وأتعهد بأن أرشده إلى أقربِ مسجدِ بعد أن أمرره بقبس من نار في هذه الوديان التي تؤمن ليلا وتكفر نهارا...
رسائل، وبلابل.. أي شيء تراه يا "يوسفي": السجن والزغب الحواصل، والنساء المائسات على المناجل أم الخلاخل؟
أي شي تراه يا يوسف: أسنابل أو قنابل؟


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى