أحمد البيضاوي - انتظار .. علي محمود طه

طال انتظارك في الظّلام و لم تزل = عيناي ترقب كلّ طيف عابر
و يطير سمعي صوب كلّ مرنّة = في الأفق تخفق عن جناحيّ طائر
و ترفّ روحي فوق أنفاس الرّبا = فلعلها نفس الحبيب الزّائر
و يجفّ قلبي إثر كل شعاعة = في اللّيل تومض عن شهاب غائر
فلعلّ من لمحات ثغرك بارق = و لعله وضح الجبين النّاضر
ليل من الأوهام طال سهاده = بين الجوى المضني و هجس الخاطر
حتى إذا هتفت بمقدمك المنى = و أصخت أسترعي انتباهة حائر
و سرى النّسيم من الخمائل و الرّبى = نشوان يعبق من شذاك العاطر
و ترنم الوادي بسلسل مائه = و تلت حمائمه نشيد الصّافر
و أطلّت الأزهار من ورقاتها = حيرى تعجّب للربيع الباكر
و جرى شعاع البدر حولك راقصا = طربا على المرج النّضير الزّاهر
و تجلّت الدّنيا كأبهج ما رأت = عين و صوّرها خيال الشّاعر
و مضت تكذّبني الظّنون فأنثني = متسمّعا دقات قلبي الثائر
أقبلت بالبسمات تملأ خاطري = سحرا و أملأ من جمالك ناظري
و أظلّنا الصّمت الرّهيب و نحن في = شك من الدّنيا و حلم ساحر
حتّى إذا حان الرّحيل هتفت بي = فوقفت و استبقت خطاك نواظري
و صرخت باللّيل المودع باكيا = و يداك تمسك بي و أنت مغادري
يا ليتنا لم نصح منك و ليتها = ما أعجلتك رحى الزّمان الدّائر

***
و لقد أتت بعد اللّيالي و انقضت = و كأنها الدّهر لم نتزاور
بدّلت من عطف لديك ورقة = بحنين مهجور و قسوة هاجر
و كأنني ما كنت إلفك في الصّبا = يوما و لا كنت في الحياة مشاطري
و نسيت أنت و ما نسيت أنني = لأعيش بالذكرى...لعلك ذاكري !!!




تعليقات

تحيات طيبات الدكتور سيدي عبدالجبار العلمي... وشكر كثير على هذه التحفة الشائقة لاحد رواد الاغنية المغربية والتي اصبحت من المعتقات التي نطيب بها ذوقنا اتقاء لهذا الصخب والزعيق الذي يطلقه اشباه الفنانين ، وبات هذا العفن يستوطن فضاءاتنا ، في زمن اصبحت فيه الموسيقا مطية لمن لا حرفة له.. ووسيلة للاثراء الفاحش ، وزجوا بها عنوة في الاعراس والسهرات الرديئة، بذريعة ( الجمهور عايز كذا)، على حد نعبير الاخوة المصريين، لتبرير ما لا يبرر، الشيء الذي اوصل الاغنية المغربية الى ما هي عليه من تردي وانحطاط ، بعدما كان الفناونون الحقيقيون ليس لهم من نصير الا موهبتهم وكبرياؤهم. وقد اثرى الموسيقار احمد البيضاوي الريبرتوار الموسيقي بالعديد من الالحان والاغاني العظيمة متوخيا اعذب النصوص الشعرية منافسا مع اقرانه زمنئذ فناني الشرق العربي. وقد عرفت عنه صرامته في اختياراته الشعرية واجازته للاصوات الغنائية المتميزة ، حتى انه تصدى للعديد من المتطفلين على الغناء وكان سدا منيعا في وجه كل من سولت له نفسه التعدي على الطرب..
 
عبدالجبار العلمي
الأمر كما ذكرت بحق ياصديقي العزيز سيدي المهدي المتذوق للفن الرفيع الذي يعرف قدر الناس . لقد قلت لزوجتي وأنا أنصت إلى أغنية " انتظار" ، وقبلها لأغنية " أنشودة الحب" التي نشرها على صفحته الصديق القاص محمد صوف " إن أحمد البضاوي هو عبدالوهاب المغرب بلا منازع ، كان بالفعل يختار كلمات أغانيه من الشعر الراقي الفصيح : فانتظار هي للشاعر علي محمود طه ، و" أنشودة الحب " للشاعر المغربي علال الفاسي ، و"أضحى التنائي " للشاعر الأندلسي ابن زيدون . مطرب من الزمن الجميل الأصيل . فنان عارف بأصول فنه وأديب متذوق . لم يكن يقبل أن يدخل مبنى الإذاعة إلا الموهوب الحقيقي والدارس للموسيقى على أصولها ، ليس لكل من هب ودب كما هوالحال بعد رحيل الكبار من فناني عصرنا , محبتي وتقديري ومتعك الله بالصحة والعافية وحفظك وسائر أسرتك ، ولا غاب عنك المطرب والطرب الحقيقيان.
 
أعلى