ألف ليلة و ليلة منقول - قصص ألف ليلة و ليلة و كيف تحول التراث المغاربي الأمازيغي إلى مشرقي عربي؟

لطالما كنت نستمتع بقصص ألف ليلة و ليلة في طفولتنا و كم كنا نُعجب بألبسة الشخصيات و مدنهم القديمة الرائعة , و لكن هل تساءلنا و لو لمرة في حياتنا أين يتجسد النموذج الحقيقي لهذا التراث اللباسي و العمراني في أرض الواقع ؟
أولا في الحقيقة إن أول ظهور لقصص الألف ليلة و ليلة لم يتجاوز القرن الثامن عشر , فقد تم اقتباس بعض القصص الشرقية القديمة كالعربية منها و الفارسية و الهندية من طرف رواة أوروبيين أجانب و تم التصرف فيها و إضافة قصص أخرى من إبداعهم كقصص أنطوان غالان التي كان يتخيل فيها الأحلام العربية , و أول ظهور تجميعي لهذه القصص كان فقط في عام 1706 , و رغم أن القصص الموجودة كانت متنوعة سواءا عربية أو مغاربية أو هندية أو فارسية لكن تمت تسميتها بعنوان " الليالي العربية " وفق وليام ماكجتن ..
و رغم أن معظم القصص التي كانت في هذا الكتاب أعجمية فحتى القصة الافتتاحية له كانت للملك شهريار و الجارية شهرزاد و هما فارسيان , إضافة إلى أن قصة علاء الدين جرت في المغرب الكبير و هذا حسب القصة التي تقول أن علاء الدين عاش في إحدى مناطق المغرب الكبير و تعرف على ساحر فيها و توالت الأحداث إلى أن أصبح أميرا , معظم القصص التي في هذا الكتاب التي أصولها فارسية , أمازيغية , هندية تم جمعها في إطار كتاب " الليالي العربية " ..
1 / كيف تحول التراث المغاربي الأمازيغي إلى مشرقي عربي ؟
بظهور هذه السلسلة في القرن الثامن عشر و التاسع عشر , برز العديد من الفنانين التشكيليين في تصوير حكايات ألف ليلة وليلة في أعمالهم، منهم ديلاكروا، بول كلي، كاند ينسكي، بيكاسو، ماتيس وغيرهم. تناول الفنانين في أعمالهم المساجد والحارات والفروسية والصحاري والطبيعة , سافر الفنان الفرنسي بيكاسو ثم ديلاكروا إلى طنجة ومكناس بالمغرب وإلى وهران بالجزائر ليضفي تفاصيل البيئة " العربية " على لوحاته، ومن أبرز أعماله لوحة "نساء الجزائر" سنة 1834 من وحي ألف ليلة وليلة، بالإضافة إلى لوحة "الحرية تقود الشعب" التي رسمها سنة 1830، ولوحة "سلطان المغرب" سنة 1845
كذلك الفنان السويسري التجريدي بول كلي الذي تمسك بأسلوب فردي تتفاعل فيه تأثيرات عدة وخاصة الفن العربي، وقد زار تونس والمغرب للتعرف عن كثب على الحضارة الإسلامية، وكشفت مذكراته عن مدى ارتباطه الوثيق بحضارة وسحر الشرق وقصص ألف ليلة
في الحقيقة لا يوجد أي مصدر عربي لحكاية علاء الدين , بل أضافها جالان أنطوان بنفسه في كتاب " ألف ليلة و ليلة " و ذكر فيها أن علاء الدين شاب فقير جداً ويتيم الأب. وجده ساحر من المغرب الكبير ويزعم بأنه عمه وشقيق والده الراحل مصطفى الذي كان يعمل خياطاً و باقي الأحداث معروفة , فهذه القصة تم تأليفها في المرحلة التي كان فيها بالفعل اتصال بين أوروبا الغربية و الجزائر في عهد الإيالات , مما أدى لاحقا فالفنانين إلى السفر للجزائر لرسم المدن الجزائرية و الألبسة الجزائرية لكي يتخيلوا كيف كان محيط قصة علاء الدين ..
2 / التراث المغاربي الأمازيغي الذي تحول إلى مشرقي عربي بلمحة بصر :
في الحقيقة إن الطربوش يدخل ضمن التراث الأمازيغي , فأول أصل للطربوش هو الشيشية و أول ظهور للشيشية كان في القرن الثاني للهجرة بالقيروان , و تم تطوير شكل الشيشية لاحقا في المغرب بمدينة فاس , و كان استعمالها يقتصر في المغرب و الجزائر و تونس إلى حين قدوم العثمانيين و تبنيهم تلك القبعة و قد سموها " فاس " نسبة للمدينة المنشئة في المغرب و قاموا بنشرها في معظم مناطق النفوذ و حتى في المشرق الذين رفضوا في البداية لبس " الفاس " و الاحتفاظ بالعمامة إلى أن الأمر تغير في القرن الثامن عشر و أصبح ضمن التقاليد بل و تغير الاسم الحقيقي " فاس " إلى الكلمة الفارسية " طربوش " رغم أن أول من أدخل الطربوش للمشرق هم العثمانيون الذين هم بذاتهم يسمون الطربوش بـ " فاس " هذه التسمية الأمازيغية التي تعني اليمين , و من سخرية القدر أن الفاس الآن أصبح مقتصرا فقط في المغرب و الجزائر و تونس بينما في المشرق أصبح مجرد لباس ديني فقط !
و حتى ما نشاهده في حكايات ألف ليلة و ليلة و خصوصا سلسلة علاء الدين نلاحظ دائما أن لباسهم و بيئتهم مغاربية بحتة بامتياز و لا تشابه بينها و بين المشرق العربي أبدا , فالقبعة الحمراء الشيشية أو الفاس و اللباس التارقي الأمازيغي الذي يلبسه الأمراء بل و البيئة المغاربية التي لا تجدها إلا في المدن المغربية أو التونسية أو في القصبة الجزائرية , و لا تشابه بينها و بين لباس المشرق أو البيئة المشرقية سواءا الشامية أو الحجازية ..
و لو كان هذا الطابع العمراني و اللباس عربيا لكان الأولى أن نجده في المشرق قبل أن نجده في المغرب , هذا دليل على أن منشأه لم يكن إلا في بلاد المغرب الأمازيغي الكبير !
3 / الخلاصة : إن الفارسيين و الأمازيغ و الهنود خدموا الإسلام عن حسن نية و أرادوا أن تكون أعمالهم ضمن الحضارة و الثقافة الإسلامية و لكن المغرضين نسبوا كل ما للحضارة الإسلامية إلى العروبة و لكن لا يمكن أبدا تغطية الشمس بالغربال ...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى