ألف ليلة و ليلة جمال النشار - أساطير الشرق القديمة.. هكذا أثرت «ألف ليلة وليلة» في الأدب الغربي

محتويات الموضوع

ما هو كتاب ألف ليلة وليلة؟
الجدل في الأصل.. ألف ليلة وليلة عربية أم فارسية؟
أثر ألف ليلة وليلة في الأدب الغربي

إذا ذكرت الأساطير في أي حديث في عالمنا العربي، وربما الغربي أيضاً؛ فسوف يكون اسم «ألف ليلة وليلة» هو أول ما يقفز إلى الأذهان، ونادراً ما تجد من لا يمكنه تمييز أسماء خلّدتها صفحات هذا العمل الخيالي المثير، مثل سندباد، وعلاء الدين، وعلي بابا، وإذا حصرنا الأسماء في منطقتنا العربية تحديداً فسنجد أبي قير وأبي صير ومعروف الإسكافي وعبدالله البريّ وعبدالله البحري وغيرهم.
وفي تقريرنا سوف نجيب عن العديد من التساؤلات حول أصل وجذور ألف ليلة وليلة، والجدل الذي أثير عنها، والأثر الذي أحدثه هذا العمل الأدبي الثقافي في عوالم الأدب غرباً قبل شرقٍ.

ما هو كتاب ألف ليلة وليلة؟
تُعرف المصادر الغربية كتاب ألف ليلة وليلة -اشتهر بالإنجليزية بعنوان الليالي العربية Arabian Nights– بأنه عمل أدبي خيالي، يحتوي مزيجاً من القصص الشعبية العربية والفارسية والهندية، وهو حتى اليوم من بين الأعمال الأدبية التي لا تحمل اسم مؤلفها؛ لأنها نقلت من موطن إلى موطن، ومن ثقافة إلى أخرى بشكلها السردي، الذي له طابع تراثي شعبي أكثر من كونه عملاً أدبياً منسقاً بشكله الحديث.

الجدل في الأصل.. ألف ليلة وليلة عربية أم فارسية؟
من أوائل الإشارات التي وردت في التراث العربي عن ألف ليلة وليلة ما ذكره محمد بن إسحاق النديم في كتاب «الفهرست»، الذي أتّمه ما بين أعوام 935 و959 ميلادياً، وتحديداً في مُستهلّ المقالة الثامنة من الباب الثامن، ويقول:
«أول من صنّف الخرافات وجعل لها كتباً وأودعها الخزائن وحمل بعد ذلك على ألسنة الحيوان، الفرس الأول، ثم أغرق في ذلك ملوك الأشغانية، وهم الطبقة الثالثة من ملوك الفرس، ثم زاد ذلك واتّسع في أيام الملوك الساسانية، ونقلته العرب إلى اللغة العربية، وتناوله الفصحاء البلغاء فهذّبوه ونمّقوه وصنّفوا في معناه ما يشبهه. فأول كتاب عمل في هذا المعنى كتاب “هزار أفسان”، ومعناه ألف خرافة. وفي هذا الكتاب دون المئتي سمر، لأن كل سمر كان يحدّث به في ليالٍ عدة، وهي من أظرف الحكايات التي وضعها الفرس في غابر الدهر».
وربما تكون قد اقتنعت بعد هذه الفقرة السابقة بـ”فارسية” أصل ألف ليلة وليلة، ولكن هناك فقرة أخرى في الكتاب نفسه ذكرها النديم قد تقدم لك طرحاً آخر:

«ابتدأ أبو عبدالله محمد بن عبدوس الجهشياري، صاحب كتاب الوزراء، بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم، كل جزء فيه قائم بذاته، لا يعلق بغيره، وأحضر المسامرين فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون، واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو لنفسه، وكان فاضلاً، فاجتمع له من ذلك 480 ليلة.. ثم عاجلته المنية قبل استيفاء ما في نفسه من تتمة ألف سمر».
وبينما يرى البعض أن كتاب ألف خرافة الفارسي الأصل يختلف عن الكتاب العربي الذي لم يُتم الجهشياري كتابته، يقول الباحث حمزة الأعرجي في كتابه تاريخ ألف ليلة وليلة:
“إن أغلب الدارسين يتفقون على أن حكايات ألف ليلة وليلة كتبت في العصر العباسي -خاصة أن هارون الرشيد ذُكر في أكثر من موضع بألف ليلة وليلة- وانطلقت من بغداد نحو الشام، لتكتمل رحلتها في مصر، وأضيفت إليها الكثير من الحكايات المستوحاة من حوادث التاريخ التي مرّت على الأقطار العربية بعد انهيار الدولة العباسية”.
ولم تنتقل إلى الثقافة الغربية إلا مع نشاط حركة الترجمة في أواخر القرن الثامن عشر، والتي نقلت العديد من الأعمال المكتوبة من العالم العربي، وتحديداً مصر والعراق.

أثر ألف ليلة وليلة في الأدب الغربي
بعد انتقالها إلى العالم الغربي، زادت شهرة ألف ليلة وليلة بقوة، وخصوصاً في بريطانيا وفرنسا، ومنها إلى أغلب ثقافات العالم، ويمكن أن نستهلّ الأثر الذي أحدثته بما قاله الأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، المعروف بكونه «عبقري الواقعية السحرية»، ففي مذكراته بعنوان «عشت لأروي» يقول:
«تعلّمت من ألف ليلة وليلة ما لن أنساه أبداً، بأنه يجب أن نقرأ فقط الكتب التي تجبرنا على أن نعيد قراءتها. إن ألف ليلة وليلة هو ما صنع مني أديباً، بعد أن سحرتني الحكايات داخله، وأكثر ما شغفت به هو دور الراوي».

بخلاف هذه الشهادة الأدبية حصرت بعض المراجع الأدبية مجموعات كبيرة من الأعمال الأدبية الخيالية التي تأثرت بكتاب ألف ليلة وليلة؛ يمكننا على سبيل المثال وليس الحصر أن نذكر منها:
– مسرحية كالديرون، الكاتب الإسباني «إنما الحياة حلم»، إذ استعار مؤلفها هيكل قصة من قصص ألف ليلة وليلة، وتحديداً قصة «النائم الذي استيقظ».
– المعجزة الثالثة والعشرون في ديوان «المعجزات» للشاعر الإسباني غونثالو دي بريتو، وهي تشبه قصة التاجر البغدادي المسلم الذي سُرِقَتْ منه أمواله في الصين، ودخل في مغامرة لاستعادتها.
– الروائي الإيطالي جيوفاني بوكاشيو، وجد في ألف ليلة وليلة مصدر إلهام، فكتب أبرز أعماله الأدبية الديكاميرون أو «الليالي العشر»، التي تحكي 10 قصص في 10 أيام، كل يوم تقوم شخصية مختلفة بسرد حكاية أسطورية الطابع.
هذا بخلاف العديد من الأعمال العالمية التي يمكن ملاحظة التشابه فيها مع العمل الأسطوري الشهير، حتى وإن كان بشكل غير مباشر، مثل أليس في بلاد العجائب، وساحر أوز، وحتى سلسلة الأطفال الشهيرة هاري بوتر.
أما هوليوود وعالم السينما، فهناك أعداد قد لا يمكن حصرها من الأعمال الأسطورية، والدرامية، وحتى أعمال الرسوم المتحركة، يمكننا أن نذكر من بينها:
– Aladdin 1992
– 2019 Aladdin
– Sinbad: Legend of the Seven Seas
– Sinbad and the Eye of the Tiger
– Arabian Nights
– The Thief of Bagdad
– The Golden Voyage of Sinbad
– The 7th Voyage of Sinbad



كتب بوكوفسكي على شاهد قبره رسالة أخيرة لعالمنا التقليدي الذي لم تطأه قدمه يوماً، تاركاً السخافة والقبح خلفه، منطلقاً لرحلة الوحدة الأبدية، لن يقاطع عزلته متطفل،

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى