عبد الحميد الصائح - وُلِدَ.. ولم يَعُدْ..

لماذا اذاً ْلم تُجِبْ على رسائلي ؟
**
ابوحُ لكْ ،
قبلَ انْ تنفرطَ الحياة ُمن بين اصابعِكْ:
لم يكنْ موعدَكْ ،
فما زلتُ ألمّكَ من شعاع ٍعتيقْ ،
انسجُكَ من الغيم ِالذي ظللَ الوحوش َ ،
و أمطرَ العنبْ ،
من الحقول ِوعطش ِالقواربْ ،
من بركاتِ الله ودعاء ِالفلاحاتْ
والجداول ِالناشفة ،
من انهارِ اللبْن وقناديلِ الجنّة،
من الجنونِ / وهو ينقش ُذاكرتي ويهدر ُدمي،
من القلب /
أرضعُكَ نبضَهْ وسيولهَ وهواه،
فلِمَ لمْ تجُبِْ على رسائلي ؟
وانا أهيئُ لكَ افرشةً من الماءْ ،
وقناديل َمن البرقْ ،
واحتفالاً مهيباً للبدائيينَ والصيادين ،
وسدنةِ الكهوف ِوالطيورِ والرياحْ ،؟
ليعمدَكَ الماءُ والسومريون ،
/اولئكَ الغرباءُ كاعيادٍ قديمةْ ،
يقطفون َثمارَ الحنّاءْ ،
ويبتعثونَ الصلاة َللمحاربين ؛
والأجنة َللأرحام ِالناشفةْ ،
الذين ذهبوا مع آلهتهِم الى المقابرْ ،
وافترضوا أصولاً للطغيانْ ،
**
في البلادِ التي لاتراكْ ،
حيث ُحقولُ البكاء ِوطواطمُ الليل ،
كانت ناقصةً /
تواقيع ُ المنجمين َعلى مجيئكْ ،
ترقبُ نهايةَ الطوفانِ هناكْ ،
حيث العراقُ مرتبكٌ يسافرُمع اللاجئين ،
ملطخا ًبالدم
تلاحقُهُ آفةُ الزمانْ ،
ومفارزُ الحزن ْ ،
وتواريخ ُصاخبة ٌكمستودعٍ للبغاءْ ،
**
في المتاهة ِتلكْ ،
حين قُتلتُ على الحدودْ ،
وَجَدْتُ الوطنَ يطمئنُّ على ثيابي ،
فقامرتُ بالحلمْ ،
مشتبكاً مع ظلالي ،
واقتدنا الى محاكم ِالموتى ،
والآلهةِ التي تفقأ العيونْ ،
وتطلقُ النار َعلى العبادْ.
**
في المتاهةِ تلكْ ،
أضَعْتُكْ ،
أخذني الفراتْ ،
فيما تسللتَ أنتَ إلى إناثِ الحيتانْ ،
وقنابل ِالتقوى.
**
هل لمحت َرايتي البيضاءْ
وانا أتقدّم الملائكة َ في الطريقِ اليكْ ؟
هل لمحت َرايتي البيضاءْ ، وانا ارفعُها خَجِلا في الطريق ِ اليك ؟.
فلِمَ لَمْ تُجب على رسائلي؟
لْم تَردْ على نداءِ الله / وحرائقِ القلبْ :
(وُلِدَ ..ولَمْ يَعُدْ) !
**
وُلِدْتَ ولم تَعُدْ ،
بلا وشمٍ من الغيوم ،ْ
دونَ برقْ ،
بلا مياسمَ ولا زهورٍ ولا احتفالْ ،
بلا اسم ٍولا رقمٍ ولا وطنٍ ولا مناسكْ ،
فيما بقي اهلك وجيناتُكْ ،
غرباء كاعيادٍ قديمةْ .
**
غرباء ،
اولئك الغرباء ،
اصولُك اليقِظةُ كالريحْ ،
كالبريدِ الذي لم يصلْ اليكْ ،
كالناصريةِ التي سَحَقَ الغزاةُ اثداءَها ،
وأذابوا على فراتها جماجمَ الائمةْ ،
كالشوارعِ المائعةِ مثلَ دموعٍ تغلي ،
مثل بيتِكَ الذي يحرسُهُ الحمامْ ،
ونعاجِكَ التي تتكاثرُ في الحقول.ْ
فلِمَ .. لِمَ لْم تُجِبْ على رسائلي ؟
وانا التحفُ غموضَكَ / يربكني ،
ودمَكَ الذي بلّلَ ريقي ،
ووطنَكَ الذي عادَ لَغزًا ،
وموعدَكَ, الذي ينتظرُ المعجزة.


18 تشرين ثان نوفمبر 2000/2001

التاريخ عادة هو تاريخ الانتهاء من النص ، وما قبلها هو حي في رحم المخيلة.

ولد ولم يعد من مجموعة - الارض اعلاه. اللوحة والغلاف للفنان الصديق الراحل كمال خريش غلاف الطبعة الثانية 2014، اما الغلاف الاخر فهو غلاف الطبعة الاولى شباط 2003 للفنان والشاعر ناصر مؤنس حيث اعيد نشر النص بمناسبة الحديث عن انجازه المخطوطة النادرة باسلوبه المتميز كما يرى في المنشور السابق لهذا .




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى