عبدالحميد البرنس - حامد يبحث في القاهرة عن شقة مفروشة

على مقهى صغير، بائس، يقع على أحد جوانب شارع الشهيد أحمد عصمت، بحيّ عين شمس الشرقية في القاهرة، وضعت عصر ذلك اليوم البعيد رحالي: جسد منهك، قلب يضج بالحنين، رأس مثقلة بالأفكار الصغيرة والتافهة على حد سواء. أما تلك فمنازل آئلة للسقوط يسارَ صحراء الروح وغارقة معا في الخواء والصمت.

ما لبث أن أقبل نحوي جرسون أسمر نحيل بوجه شاحب مأكول وعينين جاحظتين. كان في مشيته عتب خفيف. سألته بلطف أدهشني تماما عن "السيدة الفضلى نواعم". مالكة المقهى وسمسارة في مجال العقارات والشقق المفروشة. قال أسفل أسراب الذباب المخيم وهو يتابع النظر إلى فتاة في مشيتها غنج كانت تعبر من أمام المقهى "المعلمة زمانها جاية في السكة، يا بيه". جلست أنتظر وقد طلبت لنفسي بعد تفكير "شاي كشري سكر زيادة". بعد دقائق، وضعه أمامي. وانصرف لخدمة زبون آخر جلس للتو بوجه له ملامح مؤخرة مترهلة. هكذا، لم يُخلق الناس عادة على شاكلة قد تروق لهم. إذا لم أعثر اليوم على شقة للسكنَى ستسوء حالي أكثر فأكثر. لم يعد بالفعل أمرا محتملا: تسول المبيت لدى رفاق المنفى.

أحيانا، كانوا يقولون لي مازحين خلال أيام التشرد التي أنهكت قواي الذهنية حدَّ الرثاء "لعلنا أنجبناك دون أن ندري ونسينا أمرك فعدتَ ترمي علينا بظلك الثقيل، يا حامد". كنت أرد عليهم في العادة، قائلا "تذكروا أنني قد أحمي ظهوركم في أثناء المعركة". كانت ملامح الامتعاض تطل من وجوههم. لعلّهم كانوا يدركون في قرارة أنفسهم أن زمن المعارك قد ولّى ولا رجعة وقد كنت لا أزال غارقا في تصوراتي المثالية عن النضال. أجل، لقد بدا من الصعوبة بمكان الاستمرار في أخذ عطايا السُّم المغموسة في عسل المزاح حيال تفاقم حساسيتي المرضية التي قمت لاحقا بوأدها دونما رحمة ضمن أشياء أخرى داخل قبر جماعي هائل، ولا ندم!.

كانت عمليات نقل الكتب، عدا هذه المرة، من أكثر ما كان يشق على نفسي في أثناء التجوال بين تلك الشقق المؤجرة. كيف لا!، والكتب متاعي الوحيد تقريبا في هذا العالم. ثمة رفيق يدعى سعيد، أخذ يطلق عليَّ من آن لآن لقب "ملك الشقق الحقيرة". لست أبالي حيال هذا الهراء طالما وجدت لنفسي في نهاية المطاف مركزا في مدينة كبيرة مثل هذه القاهرة أنطلق منه وأعود إليه وقتما أشاء. أجل، خاصية التكيف عندي تعمل بمعدل كفاءة لا بأس به. والحق، قِلّة من بين أصحاب تلك الشقق المفروشة "مجازا" وجدت لها متسعا في ذاكرتي، لكنَّ الكثيرين من أصحاب تلك الأوكار الصالحة للعيش أخذت ملامحهم تضمحل، وتتلاشى في داخلي بتعاقب الأيام والشهور والسنوات، شيئا بعد شيء. كان بعضهم – ويا للسخرية- يعمل على تأمين ممتلكاته، قائلا:

"الحرامي ما تسهلوش المهمة بتاعته"!.

لمدى ثلاثة أشهر متصلة، لم أقم بدفع قيمة إيجار الشقة السابقة، ولم تكن صناعة مثل تلك الأعذار على أية حال بالمهمة اليسيرة. كان ذهني وقتها مشوشا إلى الدرجة التي أجريت معها عملية الزائدة "الدودية" لأكثر من مرة. كما لوأن العالم لم يعد فيه غير ذلك الداء. قتلت والدي مرتين في ظرف أقلّ من شهرين، قائلا لمالك الشقة بحزن ممثل بارع "ماذا نفعل يا حاج مع الموت؟". كنت قد نسيت في المرة الثانية أيهما رحل في خيالي أولا إلى رحمة مولاه الكريم، هو أم أمّي؟. كما ترون، حتى الآباء لا يسعفون أحيانا. مالك الشقة، ذلك الوغد، قال لي وقتها "كم مرة ستقتل أباك حتى تقوم بدفع قيمة ما عليك من إيجار، يا حامد"؟. كان مالك الشقة هذا عجوزا في أرازل العمر سقطت أسنانه منذ سنوات بعيدة. لم يتبقَ أمامه سوى وقت ضيق جدا قبل الذهاب رأسا إلى دار البقاء الأبدي. لكنه، لحكمة لا يعلمها إلا الله، ظلّ يتشبث بدار الفناء هذه بأظافر قطّ سيئ الطباع. كان له، لعجبي، خطط تمتد لعشرين سنة. أنا لم أكن أفكر عدا في شؤون الغرام إلى أبعد من حدود يومي. كنت (لا أكتمكم) راغبا من صميم قلبي في العمل بجدية مطلقة على تخليص العجوز اللعين من عذاب تأجيل الإيجار المتراكم على كاهلي شهرا بعد شهر. وقد غدا خوفه من مغبة ما يفقد أكثر ثقلا في الميزان من إغراء تهديدي. فكرت في مرة من المرات أنه إذا أنفق هذا العجوز اللعين ربع الوقت الذي قضاه في ملاحقتي في طلب الدخول إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض لكان أرحم له ولي. وهذا ما أذكره الآن بوضوح ومرح. ذات ليلة، من تلك الليالي السوداء العاصفة التي يهابها العجائز عادة، تركت له داخل الشقة مصحفا ومراجع وكتبا كثيرة – كان من بينها كتاب فضائل الجنة- كوصلِ أمانة ونزاهة من جانبي، ثم رحلت من دون حتى أن ألقي عليه بتحية الوداع. لو كانت التحية حجرا ثقيلا أقسم بالله ثلاثا لهويتُ بها على رأسه دونما تردد. أنا واثق تمام الثقة أن العجوز اللعين ظلّ بعد هروبي المتقن في أثناء تلك الليلة يشكوني إلى الله بمقلةٍ باكية قائلا بين تسبيحة وأخرى "أخذ الله ذلك النَصَّاب إلى جواره حالا"!.

"المعلمة نواعم، يا بيه".

أشار لي الجرسون بصوت راعش إلى سيدة في منتصف العمر أخذت تقترب من المقهى بدأب وعزم غريبين. كما لو أنها تجر من ورائها قافلة لا مرئية. أحسست وأنا أراها على ذلك القصر في القامة والإمتلاء البدني وكأن أحدهم قام رفقا بركل كرة من اللحم في اتجاهنا. وأنا أتطلع إليها أثناء حديثي معها من عل، وهي تبذل جهدا واضحا لترى من خلال تلك الوقفة أثر كلامها على وجهي، لم أتوصل أبدا أنا الغني بموهبة الخيال إلى تخيل وضع جنسي محدد يمكنني من خلاله أن أراها بعين خيالي لاحقا. قالت إنها لن تتحرك من مكانها "قيد أنملة"، نسيتُ أن أقول لكم إن لها ماضٍ عريق في دراسة اللغة العربية، قالت "ما أروحشي حتة"، قبل أن أدفع لها "يا هذا" مقدما "في التو والحين" مبلغ عشرة جنيهات لا ترد سواء راقتني إحدى تلك الشقق المفروشة أم لم ترقني. كانت على درجة عالية من التصميم وقوة الإرادة. فوافقتها آنئذ بإذعان المغلوب على أمره وبي لا تزال حاجة ماسة لا تقهر أبدا إلى ثوان قليلة من الصمت ريثما أبتكر لها في طيات خيالي الماجن إحدى تلك الوضعيات الساحرة على سرير الوحدة. لكأنّها قرأتْ أفكاري. أخذت نواعم تثرثر في أثناء الطريق لمعاينة الشقة بلا فواصل من الصمت، "السمسار ما يغلبوش إلا ربنا، يا هذا"، إلى أن توقفنا أخيرا أمام بناية صغيرة مكوَّنة من أربعة طوابق. طلبتْ نواعم مني، "يا هذا"، أن أنتظر إلى اليسار قريبا من البوابة الحديدية القديمة المشرعة، ريثما تخبر مالك العقار في أحد الطوابق العليا. رأيتها وهي تصعد السلالم الأولى دفعة واحدة بخفة كرة مطاطية. كما لو أن الأمر برمته يتم خارج قانون الجاذبية الأرضية. "لا شك أنها سمسارة موهوبة"، قلت في نفسي، مندهشا غاية الدهشة من تلك الحيوية التي هبطت على السيدة نواعم من السماء على حين غرة. وذلك شأن المواهب الأخرى في كل زمان ومكان. لا ترى ما يميزها عن بقية الناس في حياتها اليومية العادية. لكنها ما إن تتوغل حثيثا داخل مجالها المميز الخاصّ حتى تريك من أمر نفسها عجبا. مايكل جاكسون مثلا، في حواراته الغبيّة تلك يبدو رقيقا كعذراء، ساذجا كطفل قروي، وهو يتحدث بنبرة تجعلك تظن أنه لا يصلح لمضاجعة نملة، لكنه ما إن يعتلي خشبة مسرح، ويبدأ في الرقص والغناء، حتى تظن لوهلة وكأن عواصف رعدية تقصف بهدوء العالم، أقدام حالم تسير سابحة منسابة فوق سطح القمر، ومعارك غامضة تدور رحاها على بعد أميال قليلة من رعاية الإله.

كنت لا أزال أضع كلتا يديّ داخل جيبي بنطال الجينز الأزرق الوحيد. أحدق في تفاصيل الحارة هنا وهناك. أمامي، عبر الشارع الضيق القصير المترب، بدا سروجي سيارات شابا يعمل على شيء ما ومحل نجارة و"بقالة نور التقوى والايمان". ثمة مخبز عند الناصية الشمالية الشرقية من الحارة. وقريبا، إلى اليسار، بدا "جزار الأمانة" بلحيته المستديرة السوداء ولسانه المتدلي ويديه البارعتين منهمكا في سلب ساق كثيرة الدهن، بينما أخذ يبتسم في وجهي الحلاق المجاور له بلا سبب، ناظرا إلى هيئتي العامة، متوقفا عند شعري الخشن على وجه الخصوص. هؤلاء الحرفيون والباعة، لعجبي، يتفحصون بوقاحة تامة حتى طريقة المشية، الإيماءة، درجات الشهيق والزفير في الهواء، ما يوجد داخل أكياس الطعام من أغراض، يلوون أعناقهم جاهدين لقراءة عناوين الكتب المحمولة على يدي، ولو وجد أحدهم الفرصة الملائمة تماما لقياس فاعلية عمل الخصيتين وراء سروالي المتسخ عادةً لما تردد ثانية واحدة. كان أكثر ما ظلّ يثير أعصابي عند رؤية أمثال هؤلاء القوم تلك الابتسامة الخفيّة التي تظلل شفاههم وقت أن أقوم بضبطهم بينما يمارسون هواياتهم العتيدة على ذلك النحو المقزز تماما.

لاحقا، وقد استقر بي المقام بين أولئك الباعة والحرفيين قليلا، غدا من رابع المستحيلات، والحال على تلك الدرجة من الرقابة، أن تدلف امرأة على مدار الأربع والعشرين ساعة إلى داخل شقتي، خلسة!.

كانت نواعم، قبيل صعودها، قد أشارت إلى شقة في الطابق الأرضي، لا تقابلها شقة أخرى، على بابها ذي الطلاء البني القاتم بدا قفل رمادي متآكل الحواف. كانت ذات الشقة التي خرجتُ منها ذات ليلة صيفيّة عاريا تماما كما ولدتني أمّي. قالت نواعم "هذه هي الشقة المعروضة للإيجار، يا هذا". كان للشقة فتحة صغيرة قرب حدود السقف المنخفض تشبه كوَّة زنزانة من عصر سحيق. سددتها لاحقا بالكتب. ولما طال انتظاري للسيدة نواعم، أشعلت بعد تردد النصف المتبقي من آخر سيجارة متبقية لي بآخر عود ثقاب. وبدأت أتطلع من وقفتي بحذر إلى بلكونات وأبواب ونوافذ شقق البنايات المقابلة. وقد خيل إليَّ للحظة وكأن مئات الأعين المختبئة خلفها تتفحصني كفريسة محتملة من أعلى قمة رأسي حتى أخمص قدميَّ.

لم يتبق في فمي من السيجارة سوى طعمها المر، حين أقبلت أخيرا السيدة نواعم هابطة درجات السلم الأخيرة مثل كرة قدم تم ركلها هذه المرة من ضربة حرة مباشرة. كانت نواعم تلهث وفي أعقابها مباشرة أقبل ما بدا لي مالك العقار. وتلك لعمري صورة لن تفارق ذاكرتي ما حييت لرجل خمسيني، رائق البشرة، لحيم، ربعة، يرتدي جلبابا أبيض، على جبهته علامة سوداء. وسيم. باختصار، كان في هيئته العامة تلك أشبه بقواد من عهد هارون الرشيد.

شرعتْ نواعم على الفور في فتح باب الشقة. ظلّ القواد واقفا في الخارج ينتظر بلا حراك ريثما ننهي المعاينة. أذكر أنه، لسبب ما، بادلني التحية بنوع من البرود. قلت في سري "لا عليك، يا حامد". كانت الشقة من الداخل أشبه ما تكون بمغارة مهجورة منذ عهد عاد. دولاب خشبي متداع. صور ممثلات وعارضات أزياء ملصقة على أحد الحوائط الرمادية الكالحة كيفما اتفق.. ديمي مور. كلوديا شيفر. ناعومي كامبل. جوليا روبرتس. صوفيا لورين في شبابها. مارلين مورنو. سعاد حسني. لوسي شقيقة الممثلة المعتزلة نورا. الأميرة ديانا. وحتى غادة السمّان في صورتها العابرة للأجيال والعصور. كان ثمة عتبة منخفضة تفصل الغرفة عن الحمّام الصغير وأخرى مثلها تفصل الأخير عن حيِّز آخر ضيق يقع إلى الداخل أشارت إليه السيدة نواعم بنوع من الرصانة قائلة إنه "المطبخ، يا هذا"، أجل، لم يكن ثمة من ستارة أوباب داخلي. والله وحده يعلم ماذا كان يُسمّى هذا الحيّز في عموميته والمعروض كفضاء للعيش في السابق. كنت أتابع إذن معاينة المكان بأقسامه الثلاثة في صمت ونظرة ساهمة لرجل يعلم جيّدا أن زمن الخيارات في حياته ولَّى. كان ثمة مرآة جانبية كبيرة علاها غبار كثيف. كانت رائحة الرطوبة المحبوسة في الداخل عطنة لا تُحتمل. كرائحة ذكرى مشينة. أما تلك الإضاءة الكابية فلم تفلح كثيرا في إخفاء ذلك النشاط المحموم للعناكب المنتشرة بكثرة برغم غياب ما يؤكل. "الأستاذ حامد عثمان، أعرفه يا حاج من زمان". غني عن القول هنا إن السيدة نواعم كانت تكذب. "هو بتاع ربنا". قسما بالله العظيم ثلاثا، لم ألتقِ هذه السيدة من قبل. "أصله زبون عندي من زمان". ها، ستكتب عند الله كذابة، ولا ريب. "من السودان الشقيق طبعا". فجأة، أصابني حديث نواعم عند هذا المنحنى في مقتل. كما لو أنني كنت في حاجة أخرى للتأكيد على غربتي المقيمة ليل نهار. ظلّ الحاج إبراهيم العربي صامتا صمتا جليديا قاسيا لا يعلق على حديث نواعم بكلمة. وبدأت أقلق. هكذا، وجدتني غريبا بين يدي غرباء رهنا بمشيئةِ الآخر وعرضة في أية لحظة لغدر الرفاق. كنت أغالب تلك الرغبة الماسة في البكاء، حين قال الحاج إبراهيم العربي أخيرا وهو يمسح بهدوء وشرود على لحيته الشهباء "اعتبر نفسك المستأجر الجديد، يا ولدي، ولكن بشرط واحد". قلت بتسليم (وهل أمامي غير التسليم؟): "ما هو، يا حاج"؟. قال "أولا، حضرتك منين في السودان؟، الخرطوم، ولا أم درمان"؟. قلت مجاريا سذاجته: "أنا من أم درمان، يا حاج". ولم أكن. قال باعثا الحياة في جثة مضى على موتها عقود: "ما علينا، المهم، في سنة 67، جرى إيه في الخرطوم"؟. وقد أحارني السؤال عن شيء رافق تاريخ ميلادي تقريبا: "لا أذكر، يا حاج". قال "أقول لك أنا، كان هناك مؤتمر اللاءات الثلاث بين الزعماء العرب". قلت "طبعا، يا حاج، دي حقيقة تاريخية هامة، لا تُنسى". قالت نواعم فجأة: "بسم الله ما شاء الله، الحاج إبراهيم العربي فاهم كل حاجة". قال وهو يشدد على كلماته حرفا حرفا كما لو أن قطعا معدنية صلبة يتم طحنها داخل فمه "أنا عندي كمان تلات لاءات، وهي شروطي لكل ساكن جديد". كدت أن أسأله "ما هي، يا حاج". في اللحظة الأخيرة أمسكت لساني مفسحا المجال لصديقي الصمت. وقد شرعت أصغي إليه بذهولِ مَن لا حيلة له، وهو يتابع حديثه قائلا:

"لا نسوان، لا خمر، ولا ازعاج للجيران".

كانت السيدة نواعم لا تزال تنصت إليه بمبالاة مصاغة على يد المهنة بعناية تامة. وكان الحاج إبراهيم العربي قد أخذ على إثرها يتطلع إلى صفحة وجهي محاولا بجهد واضح سبر مكنوناتي الخفية بلا جدوى. كنت لا أزال صامتا وعلى وجهي ملامح حمل وديع مطرقا أزن الأمور في نفسي بهدوء شديد ودقة: "هذا المأفون، ماذا أبقى لي إذن من متع الحياة الصغيرة"؟.


عبدالحميد البرنس



* الراكوبة
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى