فوزية ضيف الله - أن تستريح في نص، لأنه يشبه تعبك

يحلّ الليل. العاشرة ليلا. تترشف قهوتك ولا تدر كيف تدحرجت وانسكبت في دمائك كالوميض. تُوقظ فيك دبيب النمل في حركاته. تُطلّ من النافذة، كلّ العائلات يُفتّتون بقايا الكسل على الأرائك أمام التلفاز. ضجيج الموائد ينتقل كالحشد من إلى مكان الاغتسال. طهارة بعد دناسة آدمية. تنهمك في البحث عن شرفة من الشرفات المفتوحة، كلّ الشرفات أقفلت نوافذها وأحجمت عن إدراك العالم الخارجي. أضواء خافتة تنبعث من المقهى المجاور. يشتغل ليلا يُوزّع فناجين القهوة للعاشقين من وراء حجاب. يلفها في عشقه ويخرج هاربا من المقهى لا يلتفت وراءه. حمّاص الحيّ يغتنم فراغ الشارع ويجهّز فواكه السهرة على عجل من أمره. أما حارس العمارة فقد كان يستمتع بصراخ النساء المُتعبات من كسل ازواجهن. يترصد النوافذ. ويكتب يوميات الحيّ على ورق التبغ المستهلك. ثم ينهي ليله نائما تحت شجرة البوصاع الشاهقة منصتا إلى أهازيج البوادي...ناسيا أنّه ينبغي أن لا ينام....
تعود إلى نصوص الصباح تتفقد لغوك، وهذيانك. تصلك رسائل تتساءل عن علة الكتابة، قد تُجيب وقد لا تُجيب. ورُبما تقول لهم أنك تُهذي فعلا من جراء الحجر الصحي. قد لا تفهم ان هؤلاء الفضوليين عقولهم خالية من الإحساس بالحياة. يختصرون الحياة في الواقع. ولكنك تؤمن أنّ قلمك خارج عن سيطرة الحيطان. قد تكتب نصّا منك لكنه نصّ لا يُشبه صورتك لديهم. لأنه نصّك أنت. وقد تكتب نصّهم فينكشفون أمام ذواتهم ويهربون منك إليك. إن الحرف إذا أصابه الخرف صار إبداعا واذا مسّه جنون الحبر صار بركانا.

إنما الكتابة مغامرة أو لا تكون!!!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى