الديماني ولد محمد يحي - رنين الهاتف

unnamed%20%281%29_17_0_0.jpg

أحكم عليه إغلاق باب مكتبه، بعد أن نادى البواب، ووجه إليه سيلا من الإنذارات والوعد..لا أريدأحدا قلت لك أنت لا تقوم بواجبك، علي أن أستبدلك بغيرك .. لم يرد عليه البواب، كان ينظر إليه باهتمام كبير، وبعلو شفتيه ابتسامةيمكن أن تفهم على أنها استعطاف من مستخدم لصاحب عمل.يرن الهاتف الثابت..يأخذه.. مازالت علامات الغضب بادية على وجهه،يتجرعها.. أهلا مرحبا.. اتصلت في الوقت المناسب.. كنت سأتصل بك، كل شيء على مايرام .. الفواتير جاهزة؟ حينها يرن الهاتف النقال يتناوله باليسرى، ينظر إلى الرقم الظهر على الشاشة، يقطب وجهه،ويتركه يرن... واصل المكالمة الأولى وقد استغرقت وقتا طويلا..ظلت خلاله"ليلى" تعاود الاتصال، فيكمل الهاتف دورة رنينه من دون جدوى، ساورتها شكوك كثيرة ...ياإلهي! ما الذي أصابه؟ أرجو أن لايكون تعرض لمكروه ...بدأت تتضرع إلى الله أن يحفظ(والد الأطفال) ..سبحت في عالم من الهواجس المخيفة، حلقت بهاخارج فضاءات الدنيا...ظل الطفل يواصل الأنين...وقدارتفعت درجة حرارة جسمه... أنساها الفزع الطفل الذي هو السبب في الاتصال ... لقد قدمت به من القرية، بعد حاولت بكل الوسائل التقليدية الحد من حالته الصحية المتدهورة... كانت تأمل أن تأخذ العلاج مبكرا، وتشدرحال العودة في المساء، فبناتهاالصغيرات تخاف عليهن كثيرا، مازلن في سن الحضانة.. لكن ،تجري الرياح بمالاتشهي السفن، لقد قرر الطبيب على الفور حجز الرضيع، وكتب له وصفة بكل شيء...آه من أين لي النقود؟ تمنت لو كانت عملت برأي الوالدة ،فأخذت من أخيها نقودا ، لكن قناعتها ظلت ـ دائماـ تحول بينها وبين الاستعانة بأقرب الناس إليها ،كما أن تسترها على الزوج وإظهاره مظهر الإباءحالادون معرفة الناس حقيقتها!!1

ظلت "ليلى" تعاود الاتصال دون جدوى...ومع كل اتصال تزداد الهوجس و المخاوف



قبل أن يرحلهم إلى القرية بحجة المحافظة على تربية الأطفال ، كانت تسمع عن الحالة الأمنية المخيفة في المدينة .. أحدهم وجد مذبوحا على قارعة الطريق .. وآخر مشنوقا فوق سطح منزله ... حكايات مزعجة يتحدث عنها سكان المدينة يوميا!!1

كانت تستعيد تلك الذكريات وتحاول الربطـ لاشعورياـبينها وبين عادة أحمد التي لا تنقطع.. لقد كان يعود إلى البيت في وقت متأخرمن الليل، بحجة العمل أحيانا أو دعوة أحد الأصدقاءأحيانا أخرى ،أوغيرهامن المبررات الكثيرة...لقد كانت تلاحظ ذلك ويحز في نفسها ..لكن ..ظلت دائما تمتص آلامها المكنونة محافظة على مستقبل أطفالها، فهي تعرف مدى قساوة أحمد...فمن السهل عليه أن يفعل أي شيءـ إذاما غضبـ حتى ولوكان الطلاق!1



كانت تحدثها نفسها ..مسكين أحمد ...أرجو أن من الله أن لايكون تأخر ولقيه لصوص المدينة... وأملافي خبرسارعن الزوج الحبيب ،ظلت ليلى تعود الاتصال مرة بعد أخرى،كان أحمدـفي كل مرةـ ينظر الشاشة، ويلقي الهاتف جانبا دون اهتما!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى