جوتيار نمر. -. أحتاجك


لا أدري كيف تعيش أيها الحزين التائه بقلب مجروح ينزف ويئن أنين الميت..؟ ولا أدري لماذا رغم حزنك وأنينك أنا متعلقة بك إلى هذا الحد..؟ حتى أكاد أجن من فرط تعلقي بك،ولا أدري لماذا أحبك كل هذا الحب رغم أنك بلامبالاتك وقسوتك وظلمك وإهمالك تقتلني في اللحظة ألف مرة..؟ ولا أدري إن كنت سأقدر في يوم ما استئصال جذور حبك من أعماقي أم..لا؟.
ولا أدري لماذا لا أقاوم نظراتك ولا همساتك..؟ رغم أنني قد أيقنت بأنك هجرت منفاي ومملكتي،وأصبحت تبحث عن مملكة أخرى تأويك وتبعدك حتى عن ريح منفاي..لا أدري لماذا رغم كل هذا أشعر باللهفة والسرور عندما يزورني طيفك وتسمع أذناي صوتك..؟ ولا أدري أي شعور غريب ذاك الذي انتابني عندما مددت يدي لأمسك بيدك(لأصافحك)..كنت في أعماقي أشعر بأنها كانت تنتظر مني أن أضمها بين أناملي،وأنها برغم تمرد ها وجحودها قد احتاجتني..؟.
اه ياأيها القلب المفتوك به..المشتتة أجزاؤه..اه ياأيها التائه الحزين كم كنت أرغب أن أظل ماسكة بيدك..وكم كنت أتمنى أن أضمها بين أحضاني،وأن أحرس أصابعك من البرد،ذلك البرد الذي كان يؤلمك،وأن أزرع شجرة كشجرة الأقحوان في قلبك،وأرسم عليها بخطوط طفولية لاتمحى قلبا حزينا مثل قلبك لأكتب بحبر أحمر مثل دمع عيني لقد انتصرت على جحودك يوما..ودخلت حصنك المنيع المحاط بالحفر والذئاب..ومع أني أجهل كيف دخلت ومن أي باب خرقت الحصن ومتى سأرحل عنه..؟ إلا أنني لست أبالي بأي شيء غيرك أنت..وأنت تبدو لي رجلا يحمل بين طياته هموم وأحزان تكاد لا تضمحل ولا تنتهي..ثم أصبح كغمامة حب تتلاشى شيئا فشيئا..!.
ورغم ذلك فأنا كنت ومازلت أشعر بأنك لم تعرف الحب كما أعرفه أنا..وأنت لا تحبني كما أحبك أنا..الفرق بيننا هو أنني صريحة معك وأطالبك بها..فكم من مرة طلبت منك أن لا تدعني هكذا طوال العمر معلقة بخيط نصفه أنت ونصفه الآخر قسوتك..نعم الفرق بيننا كلمة واحدة أنت تأبى النطق بها..وقررت في نفسك أن تعذبني وتحاصرني بها،وأن تبقى تلك الكلمة تقض علي مضجعي لأكون أنا دائما من تلجأ إليك وتوجهك بحاجاتها،ولتكون أنت دائما صاحب القرار تقرر ما تشاء، ومتى تشاء، وأينما تشاء..!.
بالرغم من كل ذلك قبلت بالوضع ودست على كبريائي أكثر من مرة وضعفت أمام عينيك،أمام حزنك اللامنتهي،أمام حبي لك وها أنا مازلت كما كنت أنتظر قرارك الذي بات يحرقني ويعذبني أكثر من ذي قبل لأنه أصبح مهددا بالذبول والتلاشي...!.
ورغم ذلك أجدني مازلت رهينة لقرارك وتأكد بأني سأتركك متى قررت أن تتركني فأنا نصبتك حاكما وقاضيا..وسلمتك جميع الحقوق وتنازلت لك عن جميع مطالبي وأسكت الدفاع وأخرجته من قاعتك وتركتك معي وحيدا..! مع أني أصبحت أهاب قسوتك وعدم ثقتك بي..إلا أنني رغبت أن أكون وحدي أنتظر موتي أو حياتي بعد حكمك وقرارك في قضية أنت وحدك صاحبها ومالكها..ولست فيها سوى سمكة هاربة من لحظاتها تتلاشى كما قطرة الدم في البحر تفقد بريق أنينها مع أنها ما تلبث أن تنبعث كبرعم نما رغم أنف الصخرة..!.
قد أكون موجة هائجة أو حتى حزينة مثل حزنك اللامنتهي..أو قد أكون موجة قلقة في بحرك الهائج الثائر..وقد أكون قشة تطفو على سطح مياهك..أو حتى زبدا يرحل نحو سواحل النهاية..أو تريد أن ترحل نحو سواحل أيامك التي أتلهف فيها لرؤياك..وفي أعماقي شعور يتلاشى كما خيط النور في الظلمة يتلاشى ثم ما يلبث أن ينبعث ويناديك بكل أشجانه..أحتاجك..أحتاجك..! بالرغم أنك تميتني في اللحظة ألف مرة..وبرغم تحجرك..وبرغم علمي بأن القسوة من طبائعك ومن طبائع نفسك إن لم تكن رفيقة صباها..!.
تكاد تكون رجلا مهجورا،غامضا،متقلبا ولكن رغم كل هذا فإن أصعب ما فيك وما لا يفهم..حبك المفرط به للوحدة والعزلة، أحيانا أجلس مع نفسي لحظات أتأمل فيها الماضي والحاضر وأسألهما بكل ما أملك من براءة كم دمعة سقطت منك في لحظات وحدتك..؟ وكم قطرة مطر سقطت في شتاء وحدتك..؟ وكم زهرة نمت وارتوت من جريان دمعك وراء أسوار قلبك..؟ وكم مرة فتحت أبواب حصنك..؟ أ أظل هكذا أردد الأسئلة في نفسي..؟ وأظل أبحث لها عن جواب يشفي صدري وألمي بسببك؟.
لا أجد غير الصمت ككل مرة جوابا صاخبا يهز أعماقي فأعود إليك لأنك عودتني منذ البدء أن أحتاج إليك وأن أبحث عن الإجابة في ملامحك.. لأجدك تخفي وراءها أسرارا وهموما وجراحا هي أكبر من كل همومي وأسراري وجراحي..! ، ولأجدك تعتنق في الحياة مذهبا غريبا لم أتعرف عليه إلا معك(الحذر من كل شيء) حتى مني أنا..الحذر الذي كما أظن جزء منك بل أصبح يمتلك عروقك ويغزو أعماقك..الحذر قبلك لم أكن أعرفه، ولم أكن قد قابلته إلا بعد أن رأيتك وأحببتك..ولكن ما يحيرني هو لماذا أنا أحبك إذا..؟ لماذا انصهرت تحت بوتقة أحزانك..؟ لماذا أتلاشى مع حركات أنفاسك..؟ لماذا لا أقاوم نظراتك..؟ لماذا.. لماذا..؟ أسئلة لا تريد أن تنتهي..وبدلا من أغمض عيني أجدني أهمس بصمت وأغازلك وأردد مع النغمات أغنية كنت أقول إنها لم تكتب إلا لي وعن ما أنا فيه..(يا........) .
منذ أن أتيت وغزوت بجنودك مملكتي وغرست رايتك الحزينة على أسوار حصونها عرفت الخوف وأدركت ماهية الحذر والقدر...لا أريد أن أتمرد عليك لا ولن أطالبك بالحرية،ولن أجرؤ على محاصرتك..لا..لا تخف فأنا قد أيقنت في قرارة نفسي بأن الحرية كانت ولم تزل تجري في عروقك،وهي وحدها زادك الذي تحمله في سفرك الدائم..والتي تحيا بها مع آلامك ووحدتك..!.
لا لا تتصور بأني قد أتمرد..فأنا الحزن الذي امتلكني جعلتني امرأة لا تحاصر..كنت قبلك صيادة أجيد العزف على أوتار القوس..ولكن لما أتيت أنت أصبحت فريسة بين يديك..أعلم جيدا بأن التيار الذي تحاول دائما السباحة ضده قد جرفك قليلا نحو سواحلي فقررت أن تمنحني جزءا من حزنك وآلامك..وسميته أنا(حبا) ولا أعلم ماذا قد سميته أنت..؟ فأنا أدرك بأنك رجل تكره العشق وتكره معانيه،وتكره مع ذلك سذاجة المرأة..وتكره القيود التي أكاد في نفسي أضعها في طريقك..لكن بالرغم من ذلك وبالرغم من كل ما تفعله،وما قد تقوله بعد قراءتك لكلماتي هذه..؟ لن تستطيع أن تنكر بأني قد تمكنت من جحودك وأصبحت لحظة من لحظات عمرك،ولا يهمني طالت أم قصرت هذه اللحظة..؟ المهم أني قد دخلت حصنك وكسرت بعض قيودك،ولم أعد أبالي بالذئاب التي تحرس أبواب حصنك هل ستدعني أكرر ذلك وأمر.. دون جراح..؟ أم ستفتك بي قبل أن أغادر..؟ نعم لم أعد أبالي بكل ذلك المهم عندي هو أني منحتك الحياة والروح معا شئت أم أبيت..اعترفت أم أنكرت وأحببتك واحتجت إليك..واحتجت أنت إلي..ولا أعرف إن كنت قد أحببتني أم لا..؟ فآه يا قدري الذي لا أقدر على الفرار منه..هل ستغفر لي يوما رحيلي..؟ وهل سأغفر لك يوما رحيلك.

هه ولير / اربيل -5-2-1997


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى