عبدالناصر الجوهري - حَبَّاتٌ ِمنْ دُمُوعِ الْقَمَر


دَنَا

قمرٌ مِنْ جبين المساءِ ..

و لم يكتملْ

دَنَا ؛

كي يُقبِّلَ هامتهُ في خَجَلْ

و كان التقي جيشَ " أبرهةٍ "

في " قُبيسٍ " وراء الجبلْ

لماذا تقهْقرَ ،

كيف تخوِّفهُ غيمةٌ في الفضاءِ؛

و جنْرالُ تلك الجنودِ ثملْ ؟

إلامَ يُروّج بين المجرَّاتِ

أنَّ النَّخيلَ انحنى،

ثمَّ أغْرى الحجيجَ بمجدٍ لأجل " هُبلْ "

إلام يطوفُ بأوثانهِ

والمنايا كُثرْ؟

ويشعلُ حربًا،

يؤلّبُ كلَّ المشايخ ،

يطلبُ ثأرَ العروبةِ ؛

يدعو "القرامطة" المُسْتعربين؛

من أجل نهب " الحجرْ "

و يدعو الموالي

و ساداتِ كل البطون،

و يعلنُ أن " تميمَ "

أحقَّ بكسوة بيتِ الله الحرام وليست " مُضرْ "

فغارُ " حرائي " أفاض علينا

يعلّم أسحارنا ما لها ،

يرتضي بالقدرْ

و عاد يذيعُ حكايا الطواغيت يُرْهبُ من قد أتى

للتقرُّبِ زُلفى ،

وغرس التقاتل بين الجُزرْ

لنحرِ شغاف الأراجيز؛

لو جاء فيْلقهُ المُنْتظرْ

ليضربَ أزْلامهُ للتَّخاذل؛

حتى يقايض حُرْمةَ أرْضٍ بأصْغر كبْشٍ

و يرهن نصرًا بخوفٍ هنا يسْتعرْ

أيُدفنُ حيًّا بجوف الرمال صهيلٌ ؟

أيُدفنُ حيًّا قريضُ البداوة ؛

كيما تموت لحونُ الأعاريض بين السَّحرْ ؟

ربَّما

أبابيلُ طيرٍ تحلِّق فوق رؤوس الغزاة ،

تطاردُ مَنْ للحِمَي قد غزا،

أو عبرْ

أيُعقرُ خيلٌ تخضَّب بالنُّور يومًا

أيترك طاغيةً في البلاد يمُرّْ

دنا قمرٌ من سما لُحْمتنا

صار يخْتبئ اليوم بين الأعالي

وبين سُفوح القممْ؟

يُساومُ ضوْءُ المجرَّاتِ،

جُرْحُ البداوةِ ؛

حتى ولو جُرْحها الرَّخوُ لم يلتئمْ

فما للدَّياجي فُحولة وادٍ ك"عبْقرَ" ملَّ الخُطبْ

بقرب الطواف انتحبْ

أيبدأُ صنْعَ التَّماثيل ،

نقش المُحاق

يُقدّس فينا التَّناحُر؛

حين يجفُّ المطرْ

فأيُّ النزال ترى ينفجرْ

أيبدأ عُرس البداوة ،

بالسَّيف يرْقصُ ؛

حتى يجيء دوارُ التَّعبْ

لماذا يفرُّ كما فرَّ أمس بعيرُ العربْ ؟

فكلَّ الفوارس تنتظر اللهو ..

في حلقات السمرْ

و دار سقيفته لم تعدْ في الجوارِ

تفضُّ النَّزالَ ،

الخطرْ

أيتبعُ قصَّاصَ ذاك الأثرْ

فما غيرهن الملائكُ يسْقين ركْبَ الذَّبيح ..

بجوف الفلاةْ

و قافلة السَّبْي حين تسير ،

سنخفي نساءَ الهواشم ،

ماذا نقولُ؛

ولم يُخبر الحيُّ باقي الرُّوةْ ؟

أنبش القبور سينسى ،

و قتل رواة الحديث سيُغرى الجناةْ ؟

أفي لعنة الرِّق سبْيٌ عتيقٌ ؟

فأشرافُ يعْرب ترهن ما للفصاحة ..

كل الوجوه أمام مرايا الزمان تشيخ

فما للتجاعيد إرثٌ يواري العبرْ

فمازال يبقى حبيسًا بـ فُلْكٍ بعيدٍ

وليس كأسلاف نسْلٍ غدا يندثرْ

فـكهَّانُ يعربَ قد غرَّها لبسُ تاج الزعامة،

والإقتتال علي العُشْب في الُمْنحدرْ

و أطلاله في السُّهولِ عليها النحيب انسدلْ

و يرْغِمُ كل الفوارس

أنْ تسْتريحَ ،

و أنْ تعتزلْ

بدا قمرٌ لايزالُ يّورِّثُ حتى احتراف الحروب

وشق الخنادقْ

على رأس إطنابنا مدَّ كفًّا ليمسحَ زنْد البنادقْ

وأعطى الرِّياح نبوءات نخْلي

وبعْثرَ تلك الخلائقْ

فكيف يُشكِّكُ في وحْي إرسال تلك السَّماء

بـ شبْهِ الجزيرة يومًا نزلْ ؟

وحين يسافرُ في تيههِ الجاهليِّ،

تُراهُ يكف عَنِ الاقتتال

فكم نام جرحٌ بأضلاع عتق ترامى

وأيُّ الجراح ترى يندملْ ؟

هنا مرفأٌ له كم يحنُّ إليّ سُدرة المُنْتهى

وقد بسط الأرض سهْوًا

وجدتُ عباءته

حيث يجثو على ركبتيه ،

وعينٌ تسيل بما يكتحلْ

و تبكي عليه النيازكُ ،

ينزف حتى زُحلْ

دنا من فراشات حقْلٍ تخضَّر وجْهَ سُنابلهِ

حزَّ في قلبهِ حين أمسى يُودِّعُ عشَّ نُجيْماته في السَّحرْ

و حين التقي رجْع ذاك الصُّراخ؛

وجدْناهُ

يبكي صغيرًا له كان عند قبور الصباح،

انتحرْ

وجدْناهُ يمسكُ سيفَ العروبة في كفِّهِ

كان لم ينكسرْ

أَمَا عاد يُمْسي بـ "عبْقر" ،

يفْجؤنا بالبطولاتِ ،

يُظْهرُ سرَّ الفحولةِ يُنجب" عنْترةً" ،

و "امرأ القيْس" بين مقامنا،

والحجرْ؟

فكيف سيُرْهنُ فقْهُ البداوة،

كيف يُكبِّلُ ضوءٌ له ،

عاش فينا وَجِلْ ؟

أيسْتغفرُ الله حين التهجُّدُ،

ثم يعاود سفك الدماءِ

بأشهرنا الحُرُمْ؟

يحكِّمُ فينا رويبضةً قد هَرِمْ

دنا قمرٌ قد تشيْطنَ ،

يأكلُ لحم أنامله في كل غيظٍ ؛

لا يغادركهْف الجحيم؛

إذا الصحوُ يومًا أفلْ

يُعرِّجُ سرًّا لـ "قُدْسي "

و يندم لو كان بدرُ الصمود ابتهلْ

فلا تسألوه إذا النورُ عنه توارى

و ظلَّ هلالًا تقوَّسَ عُرْجونُه في انحناءٍ،

و لم يكتملْ

إذا كان أوْدَعَ بيْتي الحرامَ لربِّ السَّماء؛

فردُّوا عليه الإبلْ.

شعر: عبدالناصر الجوهري - مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى