مؤمن سمير - مســــــــارات.. نَص

دخلتُ الغرفةَ فوجدتُ كومةً من الرمل فوق المكتب ، لونها متغيِّر وذراتها أكثر سُمْكاً من المعتاد بمراحل . نظرتُ للسقف فوجدته مكتملاً في تعاليه والنافذة كما هي، بعيدة و غامضة.. نظرتُ للحائط و الستائر و بعدها البلاط وأغمضت عيني ببطء.. لا مشكلة.. تحركت عيني نحو المكتب، أدراجه المغلقة والخطوط الباهتة المحفورة عليه بالقلم الكوبيا والرجل الذي بلا ملامح الذي يتوسط الأخشاب.. الحُفَر الصغيرة للطعنات المرتعشة.. الخ قَلَّلتُ الإضاءة كأني أُبعد المتلصصين ولبستُ نظارة أبي المكبَّرة وأخذت أحدق في الرمل.. وجدتني أغوص وألهث وسط أجزاء آدمية معجونة الملامح.. تراجعتُ للوراء لكني عدتُ سريعاً كأن قوة تشدني لكن العجيب أن عيني بعدما ثَبَتت على وضعية الجحوظ انغلقت فجأة وغرقتُ في نومٍ مدبب وحاد.. أفقتُ على ملوحة العَرَق في عيني وبرودته تحت إبطي ووجدتني في مواجهة المسارات التي حفرها النمل في كومة الرمل ولمحتُ الدويبات تتحرك بطمأنينة وكل واحدة تحمل على رأسها شيئاً ، جزءاً كبيراً أو صغيراً من الملامح .. رجعتُ بمقعدي للوراء بعنفٍ وفتحتُ باب الغرفة وعدوتُ .. وضعتُ رأسي تحت المياه ورجعت مرة أخرى .. كدت أفتح الباب بيدي المرتعشة التي تتساقط منها المياه لكنها شالت يدي ووضعتها على كتفها وسارت بي نحو الصالة ولكن بعد أن أغلقت الباب بساقٍ خلفية.. طاوعتها واستسلمتُ تماماً .. في الصباح رميتُ ببصري نحو الغرفة ثم أخذتُ أُدَلِّكُ الحنجرة برفق كي يمرَّ الهواء في مساراته المتعرجة بأمان ..
من كتاب "غذاء السمك" الصادر عن دار الذهبية -مصر 2019
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى