علجية عيش - عيدٌ ليس ككلِّ الأعيادِ

يأتي عيدُ هذا العام في أجواء غير عادية اتسم بانفصال شبه كليِّ للعائلات و المجتمع ككل، غابت فيه الفرحة و الإبتهاج، لم يشعر فيه المواطن بلذة العيد و هو أسير داخل منزله، لا حركة مرور، لا صلاة جماعة، لا زيارة الأهل و لا زيارة المقابر، هي "حالة الطوارئ" فُرِضت على الشعب على غرار باقي شعوب العالم جراء انتشار الوباء

images.jpg
هل هو الحرص الشديد من السلطات لحماية مواطنيها من الخطر؟ أم هو الجهل بالقضاء و القدر؟، أم هناك أجندات تسعى الحكومات لتنفيذها، هل يظن الحكام أن الله غير قادر على رفع هذا الوباء؟ ، سؤال وجب أن يطرح و بكل موضوعية على المسؤولين، ما يحدث في العالم هو ابتلاء من الله و هو درسٌ لكي يجرب البعض حياة السجون و ما يشعر به الأسير و هو بعيد عن أهله و أطفاله، خاصة في يوم العيد، هي فرحة ناقصة يعيشها أبناء المعتقلين و إن ارتسمت على وجوههم ابتسامة فهي باردة برودة الموت، لا يطيب للأطفال طبعا أن يحتفلوا بالعيد و والدهم في المعتقل، و هم يسألون أمهم: متى يُفْرَجُ عن أبي يا أمّي؟..

ماذا لو سألنا واحدا من أبناء المعتقلين عن شعوره بالعيد بعيدا عن والده و هو الذي اعتاد أن يرافقه لشراء لباس العيد و لعبة العيد،؟، ماذا لو سألنا تلك الحامل التي قاربت على وضع مولودها و زوجها غائبٌ؟، هو سؤال وجب أن يُطْرَحَ على الذين تسببوا في وضع شريحة من أبناء الجزائر و إطاراتها داخل المعتقل لمعارضتهم نظام متسلط دكتاتوري، ناشطين سياسيين كانوا أم إعلاميين، اعتقلوا من أجل قضية آمنوا بها، هو سؤال يوجه للذين يقبعون اليوم داخل سجن الحراش، الذين عاثوا في البلاد فسادا ونهبوا أموال الشعب، الذين يسمونهم "العصابة" دعونا نسألهم: هل جرّبتم حياة السجون؟ أنتم الذين اعتقلتم الأبرياء هل جربتم البعاد عن أسركم و أبنائكم؟ ، هو العتاب الذي يوجه إلى الذين جعلوا من الإنسانية المزعومة و المغشوشة و المزيفة لباسا يظهرون به أمام الرأي العام و وسائل الإعلام ، خدروه بخطبهم الديماغوجية باسم حقوق الإنسان و في داخلهم مفهوم عنصري أسسوا به علاقات هيمنة، في كل الأحوال لم يعد الأَسْرُ داخل السجون و المعتقلات فقط، كلنا أسرى أمام جائحة كورونا 19، أسرى قوانين سُلِّطَتْ علينا، نطبقها مرغمين، مجبرين، خاضعين و مُستسلمين و نحن نطبق الحجر الجزئي في منازلنا ينتابنا شعور بأننا شبه "منفيين"، لا فرق بيننا و بين الذين يقبعون وراء القضبان، نجهل ما يحدث أو ما يطبخ في الخفاء.

محزن طبعا و نحن نحيي شعيرة من شعائر الله بهذه الأجواء الكئيبة، محزن طبعا و نحن نستمع للآذان و هو يختم بعبارة: "الصلاة في بيوتكم" إن الدستور الذي وضعته السلطة حتى و إن استجابت لمطلب المعارضة بإعادة النظر فيه، سوف يكون أشبه بكثير بشجرة أعيد غرسها دون جذور، لتزيين حفلة زائلة و مُعَرَّضَةٌ لا محالة للموت السريع، هكذا أرادت السلطة، و المشهد صار مألوفا، السلطة التي اعتادت استغفال الشعب، و ترفع شعارات مزيفة، السلطة التي اعتادت أن تغرس نخيلا مصطنعا تزين به الشوارع أثناء زيارة الرئيس، لن يحدث أيّ تغيير، ليس في الحاضر فحسب، بل في المستقبل كذلك، لأن النظام لا يرضى بالتغيير و يريد أن يصنع من الشعب شعبا مهزوما ماديا و معنويا، و قد وجد في الوباء دافعا للتضييق عليه و سجنه ، يعامله كرعايا لا كسيّد في بلد قدم أغلى ضريبة أيام الثورة و في المأساة الوطنية من أجل الإستقلال و الإستقرار،من أجل الحريّة و الكرامة، هو عيدٌ ليس ككل الأعياد، فبأيّ حالٍ عدت يا عيدُ؟( مجرد وجهة نظر)

علجية عيش
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى