حانين يارين - السيد هاني فحص

في الزمن الفاصل بين كفرشوبا ويارين، كانت حانين تهبط في القلب، يقع القلب على أرضها، يميل مع السقوف المائلة، يتداعى مع الجدران، يرتفع صوت المعزّي:
«كم على تربِكِ لما صرعوا من دم سال ومن دمع جرى».
في لحظة التوحّد بين اللحم والأرض، تشتعل الإرادة، تطلع أمنيات مشروعة وأملاً، يأتي صوت من التاريخ: «والله لو ضربونا حتى ألحقوا بنا سعفات هَجَر لعلمنا أننا على الحق وأنهم على الباطل».
وكان أطفال حانين حفاة، وكان الليطاني يابساً يقتله العطش، تيمموا صعيداً جنوبياً طاهراً، صلوا الفجر على أنقاض مسجدها، وغضبوا. بين الفجر والظهر أظهر الغضب. [...] وفي يارين ذبحت عجوز. كان لون القمح في عينيها، وطعم التبغ في شفتيها، كان لون القمح في عينيها، وطعم التبغ في شفتيها، وأشرعت يارين دمها، وإذ هم ذاهبون إلى الوحل، يارين تأتي إلى الوطن -كل أهل يارين جاؤوا - ويأتي الوطن إليها، خلسة، يستدير الوطن في يارين، يأخذ شكل الرغيف، وتستدير العيون في يارين، يأخذ الرغيف لون الدم، ينضج القمح في يارين، كان محصولها ثلاث عشرة سنبلة، في كل سنبلة مائة. قل ألفاً وقل ألفين... منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.


* (أوراق من دفتر الفتى العاملي)
أعلى