د. أمان قحيف - نموذج الدكتور مشالي

أثار رفض الدكتور محمد مشالي الدعم الذي عرضه عليه غيث من أموال لتطوير عيادته أو لاقتناء سيارة فخمة أو سكن مميز نقول أثار رفض الدكتور مشالي لهذا العرض العديد من ردود الأفعال ؛ إذ انقسم الناس تجاه هذا الموقف إلى فريقين أحدهما مؤيد لموقفه والآخر عارضه ورأى أنه ما المانع من أن يتقبل الدكتور هذا المبلغ المالي ويحسن به الظروف من حواليه ؟ .
والحق أن من الغريب جدا أن يتصور بعضهم أن الدكتور مشالي من الممكن أن يقبل مثل هذا الدعم أو يقبل أي دعم آخر يأتية بأية صورة من الصور أو بأي شكل من الأشكال .
لقد غاب عن هؤلاء أن من يقبل الدعم المالي هو من عجز عن جمع المال وهو يشتهيه.. وغاب عنهم أن قبول الدكتور مشالي لأي دعم مادي سيعني أن الرجل تهمه المادة ويشغله الحصول عليها من هنا أو هناك .. ولو كان الأمر كذلك ما فعل الدكتور مشالي ما فعله طوال حياته .. لقد كان بإمكانه جمع مال وتحقيق ثروة تفوق أضعاف أضعاف أضعاف ما كان غيث سيعطيه له .. وما زال الرجل قادرا - إلى الآن - على جمع مبالغ ضخمة لو أراد ، فقط بإمكانه رفع الكشف إلى خمسين جنيها مثلا ، وعندها سيجمع يوميا آلاف الجنيهات من دون كبير عناء .. ولو فعل ذلك ما لامه أحد ولا اعترض عليه أحد لأن خمسين جنبها للكشف عنده ليست بشيء على الإطلاق نظرا لإمكانياته العلمية وخبراته العملية .. وعندها سيجمع هذا المال من دون دعم أو مساعدة من أحد وسيكون المال بعمله ومجهوده ، ولو قبل الدكتور مشالي ما عرضه غيث لتغيرت صورته المرسومة له في أذهان الناس ..لكن الثابت أن الرجل ليس من محبي الثروة ولا من المتكالبين عليها أو المعنيين بجمعها وتكديسها .. الرجل لا يعنيه إلا الفقير ، فقط الفقير ، طلبا للقرب من الله والوصول إلى رضوانه .
ولا بد أن نعي أن الدكتور مشالي حالة إنسانية خاصة جدا لا تتكرر إلا على فترات بعيدة من الزمن ، وربما لا تتكرر على الإطلاق .. ولا يمكن لطبيب آخر أن يكون مثله ، ولا أحد يطلب من أي طبيب آخر أن يكون مثله ؛ لأن لكل حالة ظروفها ولكل طبيب طببعته وتركيبته النفسية والسيكلوجية .
نعم هناك أطباء يفعلون خيرا بالجملة في مرضاهم فمنهم من يكشف مجانا على بعض مرضاه ضعاف الحال ومنهم من يشتري العلاج على نفقته الخاصة لبعض مرضاه .. وهؤلاء أفاضل وشكر الله تعالى لهم ونسأله تعالى أن يتقبل منهم جميعا .
لكن الدكتور مشالي حالة لها خصوصية ويصعب وجود النظير أو المثيل له .. وقد يكون الدكتور مشالي ليس هو النموذج الذي يحتذى نظرا لظروفه الخاصة لكن لابد من الاعتراف بأن الرجل حالة إنسانية متفردة وحالة إيمانية عظيمة .
إن الرجل كما لو كان يرسل للجميع رسائل يومية مفادها " لا للسعار المادي ، لا لجعل جمع المال هدفا وغاية " .
وأيا ما كانت المواقف وأيا ما كانت التحليلات فنحن لاشك أمام رجل يمثل ظاهرة طبية وعلمية وإنسانية فريدة من نوعها .
والحق عندنا أنه لا يمكن لأحد تحليل حالة الدكتور مشالي وفهم واستيعاب جوهر قضيته إلا الدكتور مشالي نفسه .



د. محمد مشالي.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى