عبدالله البقالي - في انتظار الصدفة..

ميلاد القصص كميلاد الكائنات. بعضها يشق طريقه بسهولة و يسر. و آخر تنغلق في وجهه السبل المفضية إلى الحياة، و قد تحتاج إلى شتى أنواع العمليات من زرع و استئصال وكل ما يمكن أن يقوم به طفل وهو بصدد تركيب أجزاء لعبة ليس له اي فكرة مسبقة عنها. وهو عمل قد يتطلب زمنا قياسيا كي يتم تقديم القطعة أو المولود في النهاية دون أن يظهر أي شيء من تاريخ مخاضه الطويل.
المسألة بكيفية أخرى هي تلك التركيبة التي لم أفلح لحد الآن في إيجادها من أجل جعل المضمون يتلاءم مع الشكل، أو الوعاء يتناغم مع الكنه. و السبب في ذلك هو تلك الزوابع الذهنية التي تحول دون وضع قياسات ثابتة من أجل التأثيث اللازم لتحرك الكائنات وهي تجري خلف تفاصيل حكايتها . فالوضوح التام الذي يلوح في لحظة يعقبه الإبهام الكلي في اللحظة الموالية. و التفاصيل و الجزئيات الدقيقة تتحول فجأة إلى نقط متناثرة لا رابط ينظمها داخل خط الحكاية.
المشكلة أن الحكاية في العمق ليست بهذا التنافر . بل هي على العكس من ذلك شديدة التماسك و تنعم بما يجعلها قصة تستحق أن تحكى . و هي تغري بإعادة اكتشافها . لكنها تتحول الى ما يشبه كنزا مدفونا. رقدته الطويلة صنعت ألفة بينه و بين الرحاب و التحاما جعل الفصل بينهما يتطلب تعويذة لم افلح لحد الان في فك شفرة طلاسمها.
وضع نبهني إلى أن الصدفة وحدها ما ستمكنني من ولوج رقعة الحكاية . و علي أن أتصرف الآن كهاو في البحث عن المركز في لعبة الخيوط المتشابكة...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى