عمر أزراج - ضيفك الآن خريف.. شعر

ازرع الفكرة، تحصد الفعل
ازرع الفعل ، تحصد العاده
ازرع العادة ، تحصد الطبع
ازرع الطبع، تحصد المصير
هكذا قال لي زائري قرب الغدير
حين عادت روحه بعد الممات.
هوذا الآن يقيس ظله في الظلمات
يرسم القرية في عزلته متكأ للطير، في جبته العشب ديار
وبكاء الوقت ظلّ
في الطريق نحو أصداء الشجر
أدركته الفلوات فارتداه خبب الخيل
وسريعا هوت الريح بعد أن خدّر البرد يديها
فهوت آثاره خلف مجرّات الحجب
وهناك التقى وجها لوجه وطنا يسكنه الموتى وأحياء غِيَبْ
♦♦
يرتدي في الليل ،أحيانا ، كنايات العجبْ
وعلى كفّ السحبْ
تنحني أيامه مثل القصبْ
جزّه صيف التعبْ
مرّة يجثو على قرْن الكُرَبْ
مرّة يجلس في الريح قرونا من لهبْ
بغتة يجعل معلولاً سببْ
في الذرى يُلبس قفطان الهواء
للقرى كي ترقص النسوة فجرًا
ويلاعبن أراجيح الغناء.
حين تأتي نجمة يصعد أبراج السماء
وأمام الأولياء
صاح: يا نهر الصّمام
فلماذا يرجع الموتى غمام ؟
ولماذا يصبح الكاتب ظلاًّ في طواحين الظلام ؟
♦♦
مرّة قرّب بحرًا من صداه
ثم قال للذي قشّر أحلام صباه
بالرمال والرماد والصدى يُلوِي نداه:
فلو سُحبتْ من ساعديّ الموانعُ
لما غمرت قلبي الحزين المدامعُ
لعمري وما حلمي عليّ بضيّق
لقد خسروا حرًّا وذُلَّ التوابعُ
فهم شَبَهُ القحط الذي هو راحل
فلو قيّدوا نهري، ستهمي المنابعُ
إذ حطموا حرفي، فروحي مزارعُ
إذا سجنوا برّي، فبحري زوابعُ
حلفتُ، فلن أدني لنعْلك هامتي
وهل ينحني ذو عزّة وهو ساطعُ
فإن يد الحق المبين وراءك
وإن خلت أن المنتآى عنك واسعُ( )
♦♦
ها هو الآن يذّري شيبه في الطرقات
يسدل الحلم طريقًا، وإلى الخبزة سار ألف عام
حين صار قرب قصر من رخام ،
فيه كانت ترتدي رقصة الدنيا، اختفت من ناظريه ثم نام
وإذا الأسوار تهمي فوقه طيرًا أبابيل وأمواج سخام
♦♦
هو الآن يسلّي قطط القطب الشّمالي ويدني جرة حافية
من حلقه. للغرباء الباردين
يشعل النار، وللبحر يخيط الشهوات.
حين مال ظلمه، وانكمش الوقت على
جبهته، نادى خطاهم:
خفف الوطء فقلبي الأرض والأهل نداء الشرفات
بين أيدي الكلمات.
يا قريني، هذه الليلة قشّ،
وهواء الأرض خيل تنحني، ليس هناك
ما يعزّيني سوى هذا الدخان.
قيل لي لا وقت هنا تفقسه،
لا جرسا للرغبات.
فلماذا يرحل النجم بعيدًا،
ولماذا لم تنادمني جبال الذكريات ؟
ولماذا لم تلد نسوتنا غير الجفاف ؟
ولماذا تنكر النهرَ الضفاف ؟
ولماذا لا يضيء الليلَ الحُبَاحبْ ؟
ولماذا دشّنوا النهي عن الحب براكين لإطفاء الكواكبْ؟
ولماذا في المنام فاجأتني بلادي في ممرات الخريف ؟
هل هناك سلم خارج هذي المنحنيات أم أنّني
أسأل قبض الريح وقطعان الزبد ؟
هل هناك معهد يدرس فيه الناس فقه العشب ؟
هل ثمة وقت للزغاريد ؟ وهل ثمة بيت
لا يخون حجرًا كان له ظهرًا و خبزًا ؟
هل أنا في حضرة الزيتون وخلخال النخيل
أم أنا أقبض صحراء بلا ذاكرة؟
هل أنا أبحث عن خيل اللغات في بلاد دلّني
فيها السبيل عن الرماد ؟
♦♦
في الأسابيع التي خبأته النساء
في حقول الشيب غنّى ملء فضاء
يرتدي زمن الموتى وحمى ضباب انكلترا : لا تسألوني
ها هو الشاعر يمضي مثلما تمضي الخيول
مثلما ترحل في الحلم الحقول
إنه ينفخ أسفار الطوالعْ
يكتب الآن على نقر الأصابعْ
محنة الجيل وأحزان المزارعْ
أنظروا في بلدي تخشى المياه من أساطيل الضفادعْ
أنظروا.. لا مطرّ في مستودعات الأحزاب ولا في
منتجعات الدولة يُصغى للمسامعْ
أنظروا فالبنك منفوخ وخلق الله جائعْ
أنظروا ليس سوى الحزن على إسفلت الشوارعْ
والخرافات تدبّ في الجوامعْ
هذه ساحتنا منّا مبيع وبائعْ
وعلى أشفارنا قد نمت الظلمة أنهار مدامعْ
أيها الشعب ، لماذا أخذوا الأحلام منّا
ثم صرنا نتغنّى: طلع البدر علينا شاحبا
خلف ثنيّات المخادعْ؟





L’image contient peut-être : 1 personne
أعلى