مؤمن سمير - أيها الشاعر.. أنتَ مقبوضٌ عليك

* خاطرتان بمناسبة صدور ديواني " بلا خبز ولا نبيذ"- يونيو2017 عن سلسلة " كتابات جديدة " ، الهيئة المصرية العامة للكتاب..بعد صدور ديوان "حيزٌ للإثم " عن دار " بتانة" بشهور قلائل.. *
(1) أكثر من مرة حدثت لي صدفة صدور أكثر من كتاب في عام واحد، وهو أمر لا يسعدني بالتأكيد، لأن من يقصد حدوث ذلك يظلم إنتاجه ويحرمه من الاهتمام والمتابعة – هذا بفرض أن هناك اهتمامًا أو متابعة - لكن هل قصدتُ أنا ذلك؟ وهل أملك أن أقصد أي شيء بالأساس؟!
سنواتٌ (بحالها) كانت تفصل دائماً بين الاتفاق على نشر الديوان الأول ونشر الديوان الآخر، لكن إن حدث وصدر الاثنان في توقيت قريب فالأمر لا يخضع بالنسبة لي إلا لألعاب القَدر التي لا تنتهي.. لم يحدث أبداً أن أخبرني ناشر حكومي أو خاص بميعاد دقيق ونهائي لصدور أي ديوان وربما لم أسأل أنا لأن صدور ديوان في بلادنا أمرٌ جلل تسبقه خطط وأحوال وسخريات كذلك، الشقي كالعادة كان يتقلب بين عدة مؤسسات ودور ولجان وفاحصين وأحياناً عدة بلاد! حتى ينطلق من حيز "العبء النفسي والهم"، إلى حال "النقطة المنقضية المؤهلة لفتح النافذة مرة أخرى".
لكل كتاب صدر لي قصة تقترب أحياناً من السريالية، فأنا مثلاًد قدمتُ ديواناً للنشر عام 1999 ثم مرَّ بأهوالٍ وغرائب جعلتني أيأس منهُ وأنساه حتى وصلنا العام 2013!!
نعم يا أخي، إنها أربعة عشر عاماً بالتمام والكمال، وفوجئتُ بصدوره، وكانت المصادفة أن هناك ديوانا آخر مَرَّ عليه سبع سنوات - فقط! – وصدر هو الآخر في نفس العام، فماذا عليَّ ساعتها أن أقول؟ وهل من الواجب الاعتراض وحرق أحدهما مثلاً؟ أظنني لا أملك إلا أن أهز رأسي بحكمة الجدات، ثم أردد العبارة المكتوبة على ظهر سيارات النقل، وأحياناً في صدر محلات الكشري: "لا تتعجب، إنها إرادة الله"!!
(2) في ظني، لا فرق في الأهمية والتأثير بين أن يكون الشاعر صاحب دواوين عديدة أو لم يُصدر إلا عدداً محدوداً من الدواوين – هذا إن كان الشاعر حقيقياً بالأساس وصاحب مشروع- فطبيعة وشكل ومداخل وأبعاد وجماليات وأنساق تجربة كل شاعر -والتي تختلف بالضرورة عن الشاعر الآخر- هي التي تفرض وتسمح بامتداد التجربة على مساحات كبيرة، أو تُرَكِّزها في مساحة أقل.. يعني لا تقل أهمية وتأثير صلاح عبدالصبور أو أمل دنقل لأنهما أصحاب دواوين لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة، وبالعكس لا تزيد قيمة وفنية سعدي يوسف ونصيف الناصري لأن أعمال كل منهما تقترب من رقم الخمسين ، ولكن بسبب فرادتهما الفنية.
الكل مهم ومؤثر باعتبار منطقه الفني وإضافته الجمالية. ولا أظنني في حاجة إلى التذكير بالشعراء الذين قضوا مبكراً، وتركوا أثراً وحيداً، لكن تأثيره الفادح وعمقه يجعله يحفر في الوعي بما يُكافئ عشرات الأعمال.
أقول هذا لأني مللتُ من السؤال حول دواويني الكثيرة، السؤال الذي يتجاهل كون هذا الأمر لم يعد نادراً ولا مستغرباً، فالشعراء أصحاب الدواوين التي تتوالى كثرُ، من كل الأقطار والأعمار ومن الاتجاهات كافة، كما أنهُ يتناسى مواقع التواصل التي دربت الكثير من الشعراء على الكتابة اليومية والدائمة.. وحتى لو ألحق السائلُ سؤاله بجملة: "لكن تجربتكَ نجت من فخ التشابه وماء الشعر يختلف من ديوان لآخر".
- شكراً يامولانا وخش في الموضوع، معاد الدَوَا قَرَّب!!!



مؤمن سمير . مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى