رواء أحمد عبد العال - ليلة الحنة.. قصة قصيرة

حينما بدأت شمس الظهيرة بالغروب ، أستعد الجميع لعملهم بكل نشاط وهمه ، أخذوا يعلقون عناقيد الأنوار على الجدران الخارجية لمنازل الحى وهم يعتلون السلالم الخشبية . فرشوا الدكك فى أغلب الشوارع ، اضأوا الأنوار ، علت الزغاريد ، البهجة ملأت المكان .
جرى الأطفال مسرعين ليغمسوا أيديهم فى دماء العجول المذبوحة ، ومن ثم طبعها على الحائط ، لتشكل أجمل ذكريات طفولية يرجعون إليها فيما بعد ، حينما تقسو عليهم الحياة .
كم ذكرتها تلك الأغنية به ؟ وبتلك الليالى الخوالى التى كانوا يستمعون اليها سويا ، وذلك العهد الذى إتخذاه بألا يفرق بينهم شىء سوى الموت . منذ متى وهى تنتظر ذلك اليوم ؟ الذى ترى فيه معشوقها يرتدى جلبابه الناصع البياض ، ويحمل فوق رأسه صينية الحنة المنغمس بداخلها الشموع المشتعله بالإشتياق ، والشباب يصفقون من حوله على أنغام المزمار البلدى ، ويتناولون الصينية فيما بينهم .الجميع يتقافزون من أجل الحصول على جزء من الحنة ، ليصبغوا ايديهم ، وكأنه تذكار لتلك الليلة .
كاذب من يدعى بأن من يحب تكمن أقصى أمانيه أن يرى محبوبة سعيدا وإن كان مع أحد غيره . فالمحب يغلبه الطمع ، يريد أن يمتلك حبيبه ولا يفارقه مهما كانت السبل ، فلا يحتمل أن يشاركه فيه أحد .
ظلت شاردة للحظات تراقب تلك الأجواء من شرفتها ، والإبتسامة تملأ فيها ، ظنت للحظات انها مقامة لأجلها ، ففارسها ممتثل أمام عيناها ، وذلك اليوم المبتغى قد أتى . نظرت الى مرآتها ، والى ملابسها المتسخة ، فتحت يداها وجدتها خالية من الحنة التى ظنت بأنها قد أخذتها من حبيبها ، أسدلت الستارة ببطء والألم يعتصرها ، بعد أن أدركت الحقيقة ، تحجرت الدموع فى مقلتيها ، إنكتم الصراخ فى حنجرتها ، لملمت خيباتها ، أرتمت على سريرها ، حضنت وسادتها ، وتجرعت الألم فى صمت .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى