رسائل الأدباء رسالة المفكر أنطون مقدسي إلى الرئيس بشار الأسد

الى سيادة الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية

اسمح لي أن أهنئك بالرئاسة الأولى ، و أيضاً بكلمات وردت في بيانك ، حقاً واعدة (احترام الرأي الآخر – ترجيح وجهة نظر الدولة على وجهة نظر الزعامة …) و بالاجراءات التي اتخذتها و نفذت : إلغاء اللافتات ، منع المسيرات ، إغلاق المضافات … إنها بداية لدرب طويل إذا سلكناه يمكن أن ننتقل تدريجياً من البداوة و الحكم العشائري الى حكم القانون و بداية الدخول في القرن الواحد و العشرين . لقد كفانا يا سيدي من الكلام الفضفاض : مكاسب الشعب ، انجازات الشعب ، ارادة الشعب . الشعب غائب يا سيدي منذ زمن طويل ، ارادته مشلولة تقوم اليوم على تحقيق هدفين : الأول و على الصعيد الخاص ، أن يعمل ليلاً نهاراً كي يضمن قوت أولاده . الثاني و على الصعيد العام ، أن يقول ما يطلب منه قوله ، و أن يتبنى السلوك الذي يطلب منه : ( مسيرات ، هتافات …). إن الذي يعصم هذا الشعب من الدمار ، هو أنه يتعايش مع هذا الوضع المتردي تعايش المريض مع مرض مزمن . ربما بدأ هذا الشعب يشعر بوجوده في أواسط الأربعينيات ، بعد نضال طويل ضد الأجنبي ، و لكن سرعان ما توالت الانقلابات العسكرية ، فلم يعد أمامه سوى العودة الى قوقعته بانتظار الأوامر … الوضع العام ، و باختصار يا سيدي : انهيار عام ، سياسي و اقتصادي و أيضاً ثقافي و انساني . ربما كانت سورية في السبعينات بعد نكبة 1967 ، و بعد انهيار البنى العشائرية ، بحاجة الى حكم قوي يلم شتات البشر ، لكنا اليوم صرنا كما قلت سيادتك ، في القرن الواحد و العشرين.
إن الشعب بحاجة بادئ ذي بدء ، أن تعود إليه ثقته بنفسه و بحكومته – و الاثنان واحد – و هذا ليس بالأمر السهل ، فقد يحتاج الى سنوات من أخذ الرأي الآخر بالاعتبار ، كما قلت ، و من ثم يتحول تدريجياً من وضع الرعية الى وضع المواطنة .
أتمنى لك يا سيدي التوفيق في السير على درب محفوفة بالمزالق من كل الأنواع.
و تفضل بقبول فائق احترامي أنطون مقدسي

موقع سوريات

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى