مؤمن سمير - مَسَالِك..

في الغرفة الأبعد ، أغلقتُ كل المنافذ إلا أن بَصِيصَيْن من الضوء تسللا ، بخجلٍ وترددٍ في مبدأ الأمر ثم بإصرارٍ وسخونةٍ بعد ذلك .. تحَفَّزتْ لديَّ قوى المقاومة القديمة وقمتُ وأطبقت على فتحات الباب التي سابها النمل بكل ما في الغرفة من ملابس وقطع ممزقة.. قاوم الوَهَجُ بضراوة لكنهُ في النهاية ارتضى ألا يترك إلا أثَرَاً لا يكاد يُذكر ومن الممكن تجاهله.. توجهت للسرير متعباً ثم قفزتُ فجأة عندما لسعني الضوء.. خلعتُ ملابسي كلها وأغلقت المنافذ والمسالك وفي النهاية رضيَ هو الآخر ألا يترك إلا الأثر الذي يضمن الحياة والاستمرار وفي نفس الوقت لا يمكنك من رقبته.. كان الإنهاك قد وصل بي إلى نهايته فأغلقت عيني حتى قبل أن أرتمي على السرير.. لكني قفزت فجأة عندما تذكرت العَدُوَّيْنِ الساخريْنِ الذَيْنِ استعمرا الغرفة و استعمراني. هل سيمارسان اللعبة الحتمية ويكبرانِ رويداً رويداً حتى يحاصران التنفس .. هل سيستمدان حياتهما وتكاثرهما من شهيقي وزفيري ... من روحي ؟ كان الحل الوحيد والشريف هو أن أقاوم حتى ولو بجسدي.. قفزت وسندتُ ظهري على الباب ومددت ذراعي للنافذةِ فلم تصل إلا أطراف الأصابع. أغمضت عيني واستجلبت كل قوايَ وقوى الأسلاف والآلهة لكنهم خذلوني ولم يزد ذراعي إلا عدة مليمترات.. تفصَّد العَرَق من كل مسام جسدي ثم وأنا وسط هذا الطوفان فقدت الوعي وحلمتُ أني قابعٌ في ركن في الجنة.. أبتهلُ وأبتهلُ وكلما بكيت وصرت أكثر صدقاً وحرارةً في الترجي تطول ذراعي أكثر وأكثر لكن طرف عيني كان مشغولاً ببصيصٍ ملتهبٍ يتبدَّى من بعيد..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى