محمد الخمار الكنوني - مرثية السور الغربي.. شعر

1- الأبواب
يُشرع السور أبوابهُ
يلتقي في المدى عالَمانْ
يلتقي الحرفُ والنقشُ
يسكنُ للوردة العنكبوتُ
ويمتزجُ القوسُ والخط
لا يبغيانُ ،
لقد قُضِيَ الأمرُ
واندحر المرجفونْ.
وهبّتْ من السور
رائحةُ الجير والخشب المهترئْ.
كان صوت المعاول يعلو ويخفتُ ،
إنهمو يفتحونَ
هنا وهناكَ
إلى جهة البحر بابا
سوى بابَي السوق والمقبرهْ
كان ما بين دائرة السور والبحر
سربُ نوارسَ
بينهما نجمتانْ
إذا عسعس الليلُ،
بينهما الموجُ
يقذف بالقار والريش والزّبد المرمري.

2- الحصار
كان ينسلُّ بين العماراتِ
يخفى ويظهرُ،
حتى إذا ما التوى جهة النهر في المنتأى
حاصرته المزابلُ
فامتدَّ بين الصفيحِ
وبين البروج التي هجرتها اللقالقُ..

كانت خيوطُ الفعالِ التي
ينسُجُ العابرونَ
تحاصرهُ في الفضاء الذي عاد أسودَ
فاغبرَّ ما شيّدتْهُ الأوائلُ
واندحرَ العنفوانْ..

وفي الملتقى حيث تبدو المساحاتُ فارغة
حاصرتْهُ العلاماتُ
بين الكتابة والملصقاتِ ،
اختفى في المدادِ
وفي الورق المتجددِ..
كان الطريقُ السريعُ
يحاصرُهُ بالضجيجِ وبالعجلاتِ
وحين استدار تدلّتْ على جسد السورِ
بين الغبار وبين الدخانْ
وردتانْ..

3- الكلام
حاجزٌ يمنع الضوءَ والريحَ
لو أنّ أمرهُ كان لنا لأزلناهُ
لامتدَّ في كل منحى سبيلٌ
فما كان بابٌ هنا وهناكَ ليُجديَ ،
لارتفعتْ عن مدانا سجوفٌ
انْبتنَ في كل باب شحوبا
وفي كل نافذة وجَلاً وعياءَ..
لا نرى السورَ يمنعُ شيئا ،
فإنّ الفضاءَ فسيحٌ أمام المدينةِ
والشمسُ فوق الجميعِ ،
وما بين دائرة السور طاب لنا العيشُ
نحيا ، نموتُ .
ولسنا على ما يرى المارقونَ .
تفيض المدينة من كل صوبٍ
غدتْ جسدا في فضاءيْنِ ،
ذاكرة ً تنفضُ الجيرَ تحت البروجِ
وأخرى ارتمتْ خارجَ السورِ،
تحيا هنا وهناكَ .
ونحن يدٌ تجمعُ الوردةَ البِكْرَ والعنكبوت .
أعلى