نبيلة غنيم - ضحكات دامعــــة

القهوة أمام منزلنا تتنفس حكايات الفقر، وقيعان أكواب الشاي تحكى قصصاً أصابها الظمأ للراحة.

يدخل "منير" القهوة يجلس علي كرسي مريح له مساند، اتكأ عليها متنهداً، أَخْرَجَ لفافة من جيبه كان قد اختزنها لحين شعوره بالجوع، ومع أول قضمة تقدم منه شحاذ يبدوعليه أنه لم يُصبْ زاداً منذ أسبوع، جذبه الرغيف المطوي علي الجبن المُزود بقطع الخيار، مد الشحاذ يده له ، فاستحي أن يقاسمه الرغيف وأعطاه له.

وقف الشحاذ يأكل الرغيف كذئب ينقض على فريسته، ومنير ينظر إليه فاغراً فاه وصوت عقله يقول: ماذا وراءك أيها المسكين؟

رد عليه صوت عقله المقابل: هو مسكين!! وأنتَ ماذا تسمي نفسك؟

خطر لمنير أن يستضيف الشحاذ ويواسي حاله بمن هو أكثر منه فقراً.

اقترب الشحاذ من الطاولة فزكمت رائحة أثماله أنف منير، ولكنه تغاضى عن هذه الرائحة القذرة وحاول إدارة الحديث فيما بينهما.

فى البداية اقترب الشحاذ مسدل الرأس يتلعثم في حروف الكلمات، لكنه بعد أن اطئمن بدأ ينظر لمنير لعله يجد أمارات الجنون في قسمات وجهه، فهو لم يقابل هذه الشخصية من قبل!

وجد عيوناً حزينة يكاد دمعها يطفر، تحجرت منذ زمن وأبت السقوط.

أفضى كل منهما لصاحبه بما في جعبته من مآسي الحياة، أدرك الشحاذ أنه وجد الأبئس منه، فقد إلتهم الفقر مساحات كبيرة من حياتهما.

تدور موسيقى راقصة من مذياع المقهى، تطل ابتسامة سخرية من بين شفتيهما، يستنهض كل منهما الأخر، تتشابك الأصابع، يفاجأ رواد المقهى بهما يرقصان بحركات مضحكة، يضحك الجميع، تنهال عليهما النقود دون طلبٍ منهما.

لتصبح مهنتهما إضحاك الآخرين.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى