علي صلاح علي محمد - من أين جاء هؤلاء؟

يا ليتهم.....
وبنفس قوة بطشهم
بالابرياء....
بطشوا بمن سرق الرغيف
من الجياع
او ليتهم.....
وبنفس نهمتهم
على سفك الدماء
إسترجعوا شبرا
من الوطن المضاع
لكنهم و لبؤسهم
هم نفسهم من أورد
الناس المهالك و المذله بالخداع
من أين جاء هؤلاء ؟
لا يشبهون الناس في بلدي بتاتا.
- فيصل عبد الحليم


بدأت الشمس في الغروب وهي متعبة من يوم ساخن جدا تريد ان ترتمي في حضن الارض لبضع ساعات ريثما تبدأ معركتها غدا . وبدأ الليل بدوره ينشر جنوده في شوارع القرية معلنا انتصاره على الشمس وبدأ ذلك جليا عندما بدأت كلاب القريه بالنباح مهددة كل من تسول له نفسه الاغتراب من القريه بصفه عامه و ممتلكات أسيادها بصوره أدق ، انسدل اليل على القريه القابعه على منحني الوادي وهي مستمتعه بمضاجعت الرهد لها خاصه في موسم التكاثر عندما يفيض الوادي و تنتشر المياه الدافئة الزرقاء وسط ازقه القريه ليطفى شقف هذه القرية الهائمة بحبها لذلك العملاق.
لقد نام سكان القرية المتعبون من الزراعة والرعي بعد التهام وجبة العشاء للاستعداد الي اليوم التالي ، واطفأت كل قناديل القرية ، كأنهم يقولون لقريتهم الآن جاء دورك كي تمارسي صلاة الجسد مع عشيقك ، لا تسمع أصوات ولا حركة الا آهات دافئة ومفعمة بالحب تخرج من أحد الاكواخ و فحيح صوت ملئ بالحياة وانين عنقريب قد ابلاه الزمن كل هذه الأصوات تتناغم مع صوت البحر وهو يمارس صلاة الجسد مع القرية .
وبدأ الليل في ظلامه رويدا رويدا كأنه وحش كاسر يرغب في الانقضاض على فريسته في حين غفلة منها ، وساد صمت يجعل كل الأصوات واضحة فستيغظ الناس على أصوات الرصاص تمزق سكون الليل وتنطلق من حين الي آخر وأصوات كلاب تنبح نباحا اقرب الي العواء بطريقه كئيبه و محزنه ترسب في النفس التشاؤم وعدم الشعور بالراحه والاطمئنان كانت هنالك أرواح شريره تجوب المكان وتسعي للانتقام و زئير نساء يضربن صدورهن وافخازهن المكتنزه بالحم وهن يرتدين ملابس اقرب الي التعري .
بداء رجال القريه في الدفاع عن أنفسهم و عن أعراضهم باستخدام اسلحه يدويه مثل السيف ، الفرار و العصا ، تبدو جليا أنها معركه غير متكافئة بينهم و بين ملسمون (جنجويد ) ويحملون اسلحه ناريه و بنادق مختلفه الاحجام والانواع اتوماتيكيه لا تكف عن حصد الأرواح ما لم تفرغ كل ما في حلقها من رصاص بأصوات سريعه و مخيفه و مرعبه في أننا واحد.
هذه الجماعه تعتقد أن هؤلاء الناس لا يستحقون الحياه هنا نسبتا للموقع الجغرافي الذي يميز هذه القريه سوف يتم إبادة هذه القريه و الإتاء بعرق آخر من البشر لممارسة الحياه في هذا المكان.
و تؤمن حد الإيمان بأن السودان للعرب فقط و فكره العروبه الزائفه مسيطره على عقولهم وكل هذا يحدث على مرئي الحكومه اذا لم تكن مشاركه أيضا في هذا الجرم.
بداء الملسمون يقتربون أكثر فاكثر فنتشرت الادخنه في السماء وهي تلتوي في الافق كحيه ضخمه تطارد فريستها بكسل أو بزكاء ، وبدأت الأشجار تتقذم و تزوب في الارض وتلتف حول نفسها كأنها ابو القنفد لم تصمت هذه القريه الا بضع دقائق قد حصدت الآلات الحديثه كل الرجال والشباب والأطفال و تركوا النساء الي حين آخر ، الأكثر تعاثتا في هذه القريه هي الناجيه الوحيده من هذه المجزره الطفله فاطمه(فطين) و كانت تراغب ما يحدث عن كثب وهي مختبئه خلف جزع شجره و تنظر إليهم و هم يعثون فسادا في أهلها من قتل و إغتصاب و تنظر الي أبيها وهو يحمل فأس و في صدره ترقد رصاصة بسلام وتسافر بأحلامه البسيطه الي اللامكان .
تنظر الي جسد امها العاري المتهتك المتهالك المليئ بآثار المغتصب لها و هي غارقه في بركه دماء طاهره بالقرب منها مغتصبها و هو يلفظ أنفاسه الاخيره بعد أن قطعت عضوه الذكري.
قد اقترب الصبح و امتلأت الازقه بالجثث حيث لا ناجي اليوم الا فاطمه .
رأيت القريه تتحول الي رماد و أكوام من الجثث المتعفنه كأن القريه تحولت الي رمه كبيره ذات أطراف ممتده تاكل منها الكلاب و اسراب من الطيور الجارحه ، ثم بدأ الملسمون يرحلون تاركون ورائهم الموتى يلعنون بعضهم بعض لانهم لم يحتسبوا لمثل هذا اليوم ، اراهم الآن بعيني وهم ينسحبون و يرقصون على جثث اهلي وانا مبتله بالبول والنجاسه من شده الخوف الذي سيطر على روحي الصغيره التي تمنيتي لو فارقت الحياه احس بأن روحي تقف الآن في حلقي مثل شوكه الحوت لا تريد ان تقتلني حتي اموت بسلام و لا تريد ان تعطيني الحياه المناسبه ،حاولت ان أنهض و اتفقد من نجي ولكن لأحد غيري صرخت باعلى صوتي حتى ابدد الخوف الذي بداخلي امممممممممي ، اببببببببي ، اخي صرخه شقت طريقها الي السماء مزاحمه الادخنه والطيور التي تحوم فوق رأسي.
علي صلاح ود جهينه
الجمعه الموافق 12-6-2020
السعوديه - جده

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى