السيد فرج الشقوير - أنا أكفرُ كل يوم.. شعر

أنا أكفرُ كل يوم...
كفراً يُدخِلُني في المِلّة
هذا النوع من الكُفر الّذي يُحبُّه اللّه
أي نعم ليس بعد الكفر ذنبٌ..
لكنْ في آونةٍ ما...
ذنبٌ ما.... أعظم...
إذ لا كُفرَ بعده!
حين لا أرفضُ المساطبَ والحشيش..
وسُخامَ الأرجيلة العاهرة..
التي تُقبّلُ السُّمَّارَ جميعَهُم..
وتلحسُ شفاهَهُم المنسوخة منْ صَهٍ يا خلق هوووو...
لا يَسفعنّكُم الجدارُ بالنّميمة
والمغولُ المبثوثون كالحصير بالوشاية
ففِي مقهى رصيفنا العربي المترهل
تنابلة لا مكان لهم على موائد السلطان
يموتون كالنّوم.. وكالموت ينامون
وليمةً للذّباب
يتقاعسون عن الآه...
فتزدريهم الضّمادة..
وتضحكُ منهم الإسعافات الأوّليّة
هنا البوحُ مصابٌ بتهدل الأحبال الصوتية..
هذا الّذي مات بحثاً عن سماءٍ بلا بلغم
وعن ديمةٍ لمْ ترهقها الكحّة
أنا كافرٌ ممعنٌ في الكفر...
بجميع الأشجار المنتحلة صفة الغابات..
والتي تُعطيك إيحاءً كاذباً باللُّحْمة..
بينما لمّتها إرتجاف!
مسجداً ضراراً يا قنوتي إنْ تُوَالِس
كافرٌ أنا..
بلِبَان الدّكَرِ المُتَّخذِ المُضِلِّينَ عَضُدَا
كفرِي كاملٌ بالسّنط...
حين يُحني رأسه للزُّعران...
في الوقت الذي يتنمّر على حذائي الذي ماتت جواربه..
فاشمأزّ منْ لحمي
كُفري كاملٌ بالصّمغ العربي....
عندما لا يَصيدُ خفافيشاً مُرتزقَة...
بلْ يَصِيدُ فَرْجا...
كلّما ألقى بشصِّهِ اصطادَ فرْجا...
فالعُهرُ دَيدَنٌ زاولهُ الماءُ منذُ دهشتهِ الأُولَى !
حين تقاطر فوق نهود سالومي..
فبادلتهُ الجنابةَ بالفُرجَة..
والعُهر بالنّمارقِ فاتّكَأَ مشدوهاً لعانتها
كيف لا تموتُ الجراداتُ ملتصقة...
والّصمغُ العربيّ لزِجٌ بالفطرة؟!
بمُنتهى الهدوء أصرخُ...
وبكُلّ ما أملكُ من قلّةِ حيلة..
أهدأُ مرغماً بكلّ ما أُوتيتُ منْ صُّراخ
يا سعادة البك
عفواً يا سعادة الباشا..
فقد نسيت أنّ الألقاب ما إمّحتْ رغم الحذلقة ..
وحروف القلقلة...
والحرص على إخراج لسانك عند وُرود الذال
كي تُقنِعنِي....
أنك منْ مُرتادي كتّابِ الشيخُ جَرَادَة!..
وأنّكَ منِّي!
الحق الحق أقول..
أنت لم تُعزّني في الخطاب
بارعٌ أنت في فتل أشطانٍ منَ الوصل العقيم
الحق الحق أقول...
مدهوسٌ أنا بالفِعال التي تدهسني
يا سعادة البك
أغلقتُ حانوتيّ من فترة ولم أبلِغ جنابك
فهلّا شطبتَ انتمائي لبطاقتك الضّريبية؟
كيف أؤمن بها.. وأنا الكافر بالقيود
الماعزَ المأكولةَ يوميّاً على نفقتيَ الخاصة
أثقلت كاهلي ولم تشبع
غابات من كروشٍ يا بلادي السمينةُ الثّمينة
و كلّما ابتدرتُكِ بالحنطة...
باغتني العصفُ المأكول..
وعينيْ أبرهة الشّرهة رغم ما فيهما منْ هول...
وزغب الطير الأبابيل السّاكنهما من عام الفيل
عاطلٌ بلا (هات يا حيلة أمّك) أفضل جدّا
أرجوك لا تُبلغ أنت الشرطة عن مُتأخراتي
ولا عن مؤخّراتي
ولا عن أذني الوحيدة...
التي أسمع بها نباحي منفردا في حارةِ جُعْ واشكُرْ
فمن فترةٍ أغلقت أذني الأخرى..
حين ضبطتها متلبسةً بالتنصت على(عدى النّهار..
والمغربيّة جايه تتخفّى ورا ورق الشجر)
فوضعتها بنفسي في الفلقة..
وجلدتُّها بالقمشةِ عشرا
وابتعتُ لها ضبّتين.....
ومفتاحاً بِبَاعٍ طويلٍ في (العصلجة)...
وفقأتُ بهذا الإصبع الموالِي عيناً من عينَيّْ..
وأخذتُ على الأخرى موثقاً من اللّه..
وحلّفتها بالصحف القوميّة
أنْ ترتّل ( دولا مين ودولا مين)
وبالخَتمة الشّريفة....
أنْ تتغاضى عن أيامكم السوداء..
وأفعالكم الهباب
لو.. لو يعني...
لو فرضاً يعني..
استعرتُ شعاعاً من جبين الشمس..
ليعرقَ في كوزِ وُضُوئي...
أتترُكني شركة الكهرباء (الوطنيّة)؟
أو.. لو يعني..
فرضاً يعني..
خزّنتُ رشح الجدار العتيق...
لتشربَ منهُ الجرونيا..
أتُبارك عصياني الحنفيّة؟
ما رأيك في عينٍ أفجُرُها في صحن الدّار؟
ءأكون متّهماً بالعبِّ من شخاخ الفراعين المقدس..
وأدخلُ في دائرةِ البحث عنْ (من كرع)؟!
ءأكون متّهماً بأنّي (من قرع) باباً يحاكيهِ فيه الصعاليك؟
أو لو... لو يعني..
فرضاً يعني...
الشمسَ التي يتركها الوالي خارج بيته..
الشمس التي لا يستعملها مطلقاً..
تلك التي لوصادفها أنزلقت من فوقِ صلعتهِ
فداسها بالجزمة
ماذا لو لملمتها بقطعة مرآة..
هشمتها عمداً كيلا أراني بعد أنْ أكلتني القُرادة
وكرمشتني السنون العجاف
ماذا لو لملمتها...
ورميتها في عينيّ بنت الجيران..
في محاولةٍ للتعايش مع قادمٍ كالزفت
وطالعٍ كالبترول الجالبِ للأكَلَة
أتكونُ حينها (خسارة ف جتتي)
يا سعادة البك..
عفواً يا سعادة الباشا فأنا (متلخبط جداً)...
وأخلطُ بين الألقاب..
فأنتم كُثُر... يا أسيادنا...
أعذِرونا لو سمحتم.. أو من فضلكم أعذِرونا
لا تُلامُ الدّلاءُ إنْ نضحتْ بما فيها
نحنُ الدّلاءُ التي ما إمتلأتْ عسلاً..
وما عرفت ملاسةَ الزّبدة
نحنُ للدّباغ مذ صنعتمونا على أعيُنِكم
فماذا نرشح غير العويل
يا سعادةَ الباشا..
أنا جدّي الذي أماتَهُ اللّهُ مئةَ عامٍ ثمّ بعثه..
وأقولُ لكم أنني ما اشتغلتُ في الفاعلِ بالسُّخرة..
لا تقنعونِي أنّ ولاةَ زماني وحوشا
حين رحت أموتُ..
تركتُ هنا سلةً مملوءةً عنباً من اليمن..
وبلحاً من الشام..
ودلواً سائغاً من فرات العراق
وبرذوناً من وهبةِ سيدنا الوالي
فإذَهُ حين انتبهت رميما..
أعنابي يا سادة أيناها.. لا خمراً صارت أو ذبيبا
والماء تسنَّه
وأنا الظمأٓن لركعتين.. ورشفةَ ما بعد البعث
أنا الذي مت مؤمناً..
ماذا فعلتُ لكم كي يصحو كل هذا الكفر بقلبي
ألَا تنامونَ يا سادة؟!!
عاشرتُ عفريتاً منَ الجن..
كانت له قيلولة لا يُخْلِفها..
و يتركني بلا خوفٍ ساعةً من نهار
و مرّةً اختشى على دمه..
لمّا قرأتُ في وجههِ (فمنْ يُجيرُ الظالمين منْ عذابٍ أليم)
فتركني عاماً كبيساً بلا رهب
أفلا تقِيلُون ساعةً يا أسيادنا؟
كونوا عِفريتاً يختشي على دمِهِ لِمرّة

......................................
السّيد فرج الشقوير.. مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى