مؤمن سمير - مَدَاخِل..

ستُ سنوات كاملة مرت على اقتنائي للوحة وتعليقي إياها في هذا المكان.. وللمرة الأولى جاءت جلستي بزاوية عجيبة تتيح تأملها الذي كان ساعتها غير مقصود و إنما كان هذا التفرس تحويلاً للأمر من ( السرحان ) في أمرٍ مشوَّش كالعادة إلى الانتباه لها فجأة ثم التركيز فيها وحدها .. اكتشفتُ أن خلف زهور اللوحة ستارة تحتل نصف الخلفية وأن خلف هذه الستارة عينٌ ما .. كيف لم أكتشف هذا إلا الآن.. كيف حدقت فيها في مبتدأ الأمر واخترتها واشتريتها هي بالذات وكيف حملتها وعلقتها ووقفت أمامها ثم مررتُ رائحاً غادياً لأتأكد من ملاءمتها من كل النواحي .. للحائط وللركن وللممر ..الخ والأدهى أن جلستي لسنواتٍ كانت أمامها .. أين كانت تلك الستارة من قبل وعيْن مَنْ هذه .. عين الفنان الذي رسمها أم عين القدر أم .. يا الله .. إنها تشبه عين أبي الميت. إذن كان يراقبني من هنا .. يا للفضيحة .. شافني وأنا أجلب المومسات من كل مكان وراقب صوتي وهو يكتسب رنين الهيبة والعمق عندما كنت أصيغ مبادئ قلب نظام الحكم ، التدخين بدرجاته وأنواعه وعدم الالتزام في الصلاة بعد وفاته مباشرة ثم هجرها نهائياً وتغطية فتحة الشباك المكسور بسجادته الأثيرة.. كان الأب يرى ويحزن ويخبر زملائه الأموات أنه ساب ولداً عاقاً لا يستحق الحياة ولا التنفس.. عند هذا الجزء قمت من مكاني وتحركت ببطء نحو الخزانة وأخرجت صورته ووقفت أمام المرآة ووضعتها جنب ملامحي. لاحظتُ أن الشَعْر الأبيض قرَّب بين ملامحنا و لاحظتُ كذلك أن عيونه تلمع بالبريق الذي هو أقرب للتشفي...
  • Like
التفاعلات: نزار سرطاوي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى