قصي عطية - أنا ... وصديقي سارتر

إلى متى ستبقى جالساً هكذا وراء مكتبكَ تقتات حزنكَ، وحيداً ...؟
هل تبحثُ عنها في دفاتركَ وأوراقكَ ..؟
لن تجدها في أيِّ مكان ... هي غير موجودة ، أو ربَّما موجودة ... ولكنَّك ، على أيَّة حال، لن تجدها ...
هل هو قدرك؟ لماذا صوتك ضعيف وغير مسموع؟
نعم هو قدركَ يا عزيزي ... قدركَ أن تمدَّ يدكَ لالتقاط الأمل، وتعود بها مملوءة بالسَّراب... قدرك أن تبكي دون أن تستطيع إنزال دمعة واحدة، كلُّ الدموع تسقط ، إلا دمعتك أنت ، فهي تتسرَّب إلى داخلك، وتسقسق في وجدانك ...
لا تسلني عن السَّبب، فقد مللتُ منك، ومن نصحكَ، لو كان السَّامع بهيمة لكان اتعظ ، حتى الحمار لا يقع في الحفرة مرتين، ولكنك وقعت فيها عشرات المرَّات ...
السَّبب؟؟
قلتُ لكَ لا أعرف ... وربَّما أعرف ... ولكنّي لن أخبركَ، فأنت دائما تتهمني بالتواطؤ مع الآخرين ضدَّك ...
دع صديقك (سارتر) ينفعك الآن، فقد كنتَ دائما تجلدني بأقواله، هل نسيت ذلك؟
ألم تقل : (الآخرون هم الجحيم)؟ نعم يا صديقي هم كذلك، ولكنك لن تستطيع أن تعيش من دونهم، ولن يكون لحياتك معنى بدون همومهم ، ومتاعبهم ، وثرثرتهم، وتساؤلاتهم الفضولية ... هل تستطيع؟
لا تصمت ، أراكَ تتأمَّل كلماتي، وأنت تنفثُ دخان سيجارتكَ بصمت، ... أيُّ غول ابتلع لسانكَ الذي لا يكفُّ عن التنظير والنقد ..؟ تكلم الآن .. ما الذي أخرسك ؟؟
هل تشعر بالندم..؟
لماذا تهزُّ رأسك ساخراً... وتعوج شفتيك ؟
سارتر مرة أخرى ؟!!
نعم قلتَ لي ذلك، لا تتعب نفسك بالتذكير، أذكر أنه قال : (الندم هو الخطأ الثاني الذي نرتكبه)، أليس صحيحاً ..؟
تضحك؟! إذن فلتكتفِ بخطئك الأوَّل، ولا تتبعه بخطأ ثان ... عدْْ إلى أوراقكَ، وإياك من الندم ...!!
منذ اليوم سأترككَ تفعل ما تشاء ... ولن أتعاطف مع وجعك، أو أشفق عليك... لا تنظر إليَّ، أعرف بأنك تكره شعور الشفقة...
  • Like
التفاعلات: وردة لحميني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى