أحمد المجاطي - عَودة المرجفين

-1-

في اللَّيلِ
لا جبلٌ يصولُ إذا مَشَوْا
لا غيمةٌ تَدنو
لِتَنفُثَ رعبَها الثَّلجِيَّ
عبرَ المُرتَقَى
كانوا هُنالِكَ
تشردُ الأحلامُ في خُطُواتِهِمْ
تَتَعذَّبُ الأوتارُ
في لَحنٍ يكفٍّنُ صولةَ الْماضي
يفتِّحُ لاصطخابِ المَوْجِ
أقبِية السكينَه
كانتْ عناقيدُ الَّهيبِ
إذا ارتمتْ فوقَ الجْبالِ
أَلُمُّها في الحيِّ
أمسحُ جبهَتي منْها
أحسُّ تمرُّدَ الأمواتِ فيها
نكهةَ البعثِ
التئامَ الجرحِ
في الغُصَصِ الدفينهْ
كانوا إذا ناءَتْ جِرَاحُهمُ
تحلِّقُ كاسراتُ الطّير
فوقَ وُجُهِهِمْ
لا تغمسُ المِنقَارَ في عينٍ
ولا تسعَى بِمِخلَبِ كاسرٍ
يَمْتَصُّ مْن شفَقِ
تجمَّد في شقوقِ الصّدرِ
كانتْ ربما مَسَحتْ بجانِحِها
بقايا الحُلْمِ في نَظراتِهِمْ
أَوْ لَوَّنتْ مْمَّا يَحوكُ الفجرُ
حزنَ دُموعِهِمْ
كانوا إذا ماتوا
تَشِعُّ مَواقِدُ الزَّيتونِ
في القِمَمِ الحصينهْ

-2-

أنا بالثَّورةِ عانَقْتُ السّضماءْ
أنا نَبعُ اللهِ
في قَلْبِي ارْتوَى
ذَوَّبتُ نهرَ الدَّمِ
في قطرةِ ماءْ
أنا لَمْ أضحكْ
ولكنَّ الذي استَغْوى أساريري
انتِصاراتي علَى الْموتِ
امْتِدادي في مهَبِّ الرِّيحِ
تَفْجيري الأسَى
في سَطوةِ الدّهرِ الَّعينَهْ
أنا من أسلَمَ للخًلْدِ يَقينهْ

- 3-

حِينَ عادوا كَحَّل الصَّمتُ جفونَهْ
مَدَّ للفجر يداً
أَرخَى جُنونَ الضَّوءِ
في لَيلْ المَدينهْ
وأفاق الغَجَرُ المصلوبُ
والخمرُ اسْتباحتْ خُلوةَ الصَّفصافِ بالشَّمسِ
ارتَمتْ نهراً عقيقيّاً
وباتَتْ دارُنا تكبرُ
وامتدتْ مِنَ الفرحةِ غاباتٌ
وسالَ النَّجمُ في الرملِ
فلَو فَجّرتَ أحزانَ اليتامَى
في جناحِ اللَّيلِ لاخْضلتْ يَنابيعُ
وفاضَ اللَّحنُ في الكأسِ الحزينهْ

-4-

كذبتِ يا رُؤِيا
طريقُ الصَّمتِ لا تُفضِي
لِغيرِ المَقبرهْ
رأيتُهم مَرُّوا بلا عمائِمٍ
تَفَرّقوا عبرَ الدُّروبِ
أطفأُوا سُيوفَهُمْ
تَفَرّدوا على ظُهورِ الخَيلِ
صاروا كالضَّبابِ الجُونِ
قيلَ أبيضٌ كالقُطنِ
قيل أسودٌ كالْموتِ
قيلَ أفْرختْ حرباءُ
في وُجوهِهِمْ
وقيلَ باضتْ
قُبَّرهْ

-5-

عتمة الأدغالِ في الغاباتِ
تَدري أيُّهُمْ عادَ
وتَدْري
كيفَ فاضَ الماءُ في التَّنُّورِ
حتَّى نغلتْ بالدُّودِ
عينُ الشَّمسِ
حتَّى أورقَ الانجيلُ
في عينِ الخطيئَهْ
عادَ مِنهم جسدٌ لا يَرْوتَوي،
حماءةُ طينٍ،
شبقٌ،
عادوا
وفي ألسنِهِمْ من ذَنبِ الضََّبِّ
حبالٌ
أبداً ما نَفَذت عيني
لِما خلف البُطونِ الصفْرِ
ما خلف الأساريرِ
القَميئَهْ
أبداً بيني وبينَ الشَّمعِ
في نَشْوتِهِمْ
عُمقُ البِحارِ السُّودِ،
يا قلباً رَمَى المِرساةَ
لِلرِّيحِ الجَريئَهْ
قِفْ على مَوتاكَ
وادفِنْ سَوْرةَ الثّلجِ
بعينَيكَ،
حُطامٌ حُلمكَ المُشْعلُ
من رُؤيا
بَريئَهْ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى