أ. د . عادل الأسطة - يوميات الست كورونا.. ( الجزء الثاني) تابع من 1 إلى 50

الست كورونا : رجعت الشتوية (١)

يبدو أننا مقبلون على مرحلة تسلق الجبال ومطاردة الأفاعي والعقارب و " خليك بالبيت" وتمشى في الطبيعة إن تمكنت من ذلك.
أمس قال لي أخي:
رجعت الكورونا وهييء نفسك لدعمنا ، فرددت عليه:
- ولا يهمك ، فسوف أنشيء صندوق " وقفة عز" للعائلة.
وغالبا ما أقول لابن أخي المقبل على الزواج ، حين يصغي ، وهو سائق ، إلى أخبار احتمالات عودة الحجر الصحي ، غالبا ما أقول له:
- لا تكترث سوف أدعمك ، كما تفعل الحكومة التي أسست صندوق " وقفة عز".
أنا - وأستغفر الله وأعوذ به من " الأنا " - لست أقل من الحكومة.
هل تتذكرون قول الشاعر :
وكم رجل يعد بألف رجل
وكم ألف تمر بلا حساب.
هذه فلسفة كورونية عموما ، فقد قرأنا عن ضرورة التخلص من ٦٥٠٠ مليون ليعيش على الأرض مليار أو ملياران.
أظن أنه أمل دنقل الشاعر المصري هو القائل:
لا تسألي النيل أن يعطي
وأن يلدا
لا تسألي أبدا
إني لأفتح عيني ، حين أفتحها،
على كثير
ولكن لا أرى أحدا " .
مرة ثانية أستغفر الله على هذا القدر من تضخيم الذات ، فمن أنا " لأقول لكم ما أقول لكم
أنا مثلكم أو أقل قليلا" ورحم الله محمود درويش الذي تواضع في" لاعب النرد " فكتب ما كتب.
هل كان المتنبي كورونيا حين قال :
" وكل ما خلق الله وما لم يخلق
محتقر في همتي كشعرة في مفرقي"؟.
صباح الخير
خربشات
٢٠ حزيران ٢٠٢٠ .

***

الست كورونا : ولعنة التقدم في العمر : (٢)

أمس صباحا اتصل بي المحامي فؤاد نقارة من حيفا يسألني إن كان يسمح لأهل فلسطين ١٩٤٨ بالدخول إلى نابلس ، فالتشديدات ، بسبب الكورونا ، عادت من جديد.
اتفقنا أن نلتقي في الحادية عشرة إن سمح له باجتياز الحاجز ، وهكذا كان علي أن أذهب مبكرا إلى وسط المدينة.
في الحافلة سألت سائقها عن الأجرة إن ارتفعت تسعيرتها ، فقد عدنا إلى ما كنا عليه قبل شهر تقريبا حيث اقترح وضع الكمامة والتباعد الجسدي وأخذ الحذر والحيطة تحسبا.
في الحافلة كان الركاب يتحدثون عن الإجراءات الجديدة على الحواجز الفاصلة بين المناطق المحتلة في ١٩٤٨ والمناطق المحتلة في ١٩٦٧ ، وعرفت أنه لا يسمح لمن هم فوق سن ال ٥٥ باجتياز الحاجز والدخول إلى مناطق ١٩٤٨ ، وهنا استبد بي الفضول فسألت:
- وهل ينطبق القرار على دخول القدس عبر حاجز قلندية؟
قبل أن تشرفنا الست كورونا بسنوات سمحت السلطات الإسرائيلية لمن هم في سن ٥٥ فأعلى بدخول القدس دون الحصول على تصريح ، ما جعلني أمدح التقدم في العمر ، وهكذا صرت أتردد على القدس والمدن الفلسطينية : عكا وحيفا ويافا . ( ولعنة التقدم في العمر والست كورونا معروفة إذ اضطرت إيطاليا إلى التضحية بهؤلاء حين امتلأت مشافيها وأصبحت تعج بالمصابين وكاد نظامها الصحي ينهار)
أمس رددت المثل " أجت الحزينة تفرح ما لقيت مطرح " والسبب ؟
وأنا على رأس عملي في الجامعة لم أكن أجد الوقت الكافي للسفر بحرية فقلت : أنتظر حتى أتقاعد ، وتقاعدت فشرفت الست كورونا - لا يحماها الله ، ولا يرعاها - وكان كثيرون ممن عرفوا أنني تقاعدت وهبشت هبشة محترمة ينصحونني بالسفر والتجوال في العالم ، فأنا أحق الناس بالتمتع بثمرة تعبي ، وكنت أرد عليهم وأبتسم ، فأنا لم أعد أحب السفر لأسباب ، والشكوى لغير الله مذلة ، وهو العليم الخبير بأحوال البشر.
في النهار وأنا أتجول في نابلس كانت الكمامات على أفواه البشر وأنوفهم ولم أضعها علما بأنها معي في الحقيبة.
تجولت قليلا والمحامي فؤاد نقارة وابنته وتابعت نهاري أقرأ في رواية حيدر حيدر " شموس الغجر" فقد أحضرها الصديق لي معه من حيفا.
في الثامنة مساء عرفت أن المدينة ستغلق إغلاقا شاملا لمدة ٤٨ ساعة بسبب اكتشاف إصابات جديدة بالكورونا.
عادت أجواء الكورونا تسود من جديد . عادت وهذا العود ليس أحمد . وواصل الناس تساؤلاتهم عما يجري : أهو لعبة ومسرحية أم..؟
صباح الخير
خربشات
٢١ حزيران ٢٠٢٠

***

الست كورونا : إغلاق شامل والقطط نائمة على جوع وشوارع المدينة مناسبة للمشي (٣)

فجأة أغلقت المدينة أبوابها ومحلاتها وصارت شوارعها صالحة لممارسة رياضة الجري ، فالذين في الشوارع يمكن أن يعدوا
، ومثلهم القطط التي تستلقي في الطرقات وتنام على جوع ، فأكثر الجزارين أغلقوا ملاحمهم.
ثمة بعض باعة خضار وفواكه ، والسوق الشرقي فارغ من الباعة والمشترين ، والمخابز والصيدليات تفتح أبوابها لمن لم يتبضعوا مساء إعلان الإغلاق الشامل لمدة ٤٨ ساعة ، ولأول مرة يغلق مشفى بسبب اكتشاف حالة مصاب ، وأما المطاعم والمقاهي والصالات فقد عادت لتغلق أبوابها من جديد.
أمس مررت بخان الوكالة الذي أتردد عليه أحيانا فكان بابه مغلقا ، وكان الشارع تصفر فيه الريح مثل مدينة النحاس في " ألف ليلة وليلة".
إن صح ما يتردد من أن القصد من نشر الوباء هو التخلص من ٦٥٠٠ مليون إنسان فمدينة النحاس لن تظل استثناء ، وماذا بشأن الفئران والجرذان والحشرات والصراصير؟
هل الكورونيون يتمثلون قول الشاعر :
" عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
وصوت إنسان فكدت أطير."
دبرها يا مستر دل.
صباح الخير
خربشات
٢٢ حزيران ٢٠٢٠

***

الست كورونا : إغلاق عابر (٤)

ازدادت أعداد المصابين فقلت أيام الإغلاق واقتصرت على يومين يقيدان حركة السكان ، وظلت المساجد والصالات العامة والمقاهي والنوادي مغلقة إلى أمد.
أمس لم أخرج من البيت إلا في الثامنة مساء ، فقد بقيت أراقب العمال الذين واصلوا " زفزفة " واجهتين من واجهات عمارة العائلة التي أقيم فيها ، وقد رأى ابن أخي أن يكتب على مدخلها عبارة " مملكة آل الاسطة " فحمدت الله أن شقتي لها مدخل خاص.
مملكة " آل الاسطة" ولقد ابتسمت كثيرا ، علما بأن أبي منذ كان شابا في يافا كان يلقب ب " الملك" وكأن أبي شابا وسيما وله - رحمه الله - صديقات يهوديات تغنين به ولم يتغن بهن - خلافا لمحمود درويش - وغالبا ما كان يردد أغاني عبرية تغنيها فتاة.
أمس استغللت الإغلاق الشامل لأنظف ، ما استطعت ، بقايا علقت بالدرج والساحة وتناولت بقايا طعام بائت ، وأدركت أن السلطة الفلسطينية التي أنشأت صندوق " وقفة عز" لمساعدة المتضررين من سياسة الإغلاق قررت مبلغ ال ٧٠٠ شيكل بعد دراسة عميقة تهدف فيما تهدف إليه تعليم الناس الاقتصاد في العيش ؛ لأن الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة ، وهذا لا ينطبق على المسؤولين الكبار وأبنائهم فلكي يفكروا جيدا يجب أن " يتبحبحوا" أكثر من اللازم.
المقبلون على الزواج ما زالوا يخوضون في أمر زواجهم ويتساءلون عن فرحة العمر ومكان الاحتفال وتكاليف القاعة ، ويشكون من ارتفاع أجرة القاعات وما شابه.
من المؤكد أن مشهد الكمامات سيكون اليوم لافتا أكثر . إنه زمن الكمامات وإغلاق الصالات والقاعات والمتنزهات والمساجد - في أوروبا والعالم المسيحي تبدو الكنائس غالبا تصفر فيها الريح - وزمن منع التجمعات العامة.
صديقي أبو حسين طلب مني قبل ثلاثة أيام أن أعلمه إن تم عقد ندوات ثقافية حتى يحضر إليها.
آخر مؤتمر شاركت فيهما عقد في تشرين الثاني ٢٠١٩ ، وكان يفترض أن أشارك في آذار ٢٠٢٠ في مؤتمر جامعة الزيتونة ، وآخر ندوة تحدثت فيها كانت في شباط ٢٠٢٠ حيث تحدثت لأول مرة في متحف محمود درويش منذ تأسيسه ، وغالبا ما يكون الحضور بالمئات - دقوا على الخشب - ولذلك أعدهم على أصابع يدي وقد أحتاج إلى يد من يقدمني.
" موجة ومرت " يمكن القول عن إغلاق الكورونا الأخير .
صباح الخير
خربشات
٢٣ حزيران ٢٠٢٠

***

الست كورونا : البضائع متوفرة والمشترون غائبون (٥)

تبدو الحركة في نابلس شبه ضعيفة ؛ خفيفة وباهتة فالحكومة لم تصرف رواتب شهر أيار وها هو حزيران يكاد ينقضي . يعني ثمة شهران بلا رواتب ل١٦٠ ألف موظف إن لم يكونوا ازدادوا عددا ؛ فهذه إحصائية قديمة .
السؤال عما يجري اقترن بأسئلة أخرى منها ما يقترن بالكورونا مثل عودة العالقين منذ آذار في بلدان أخرى كمصر وتركيا ، ومنها ما يتعلق بضم دولة أبناء العمومة لمناطق من الضفة الغربية . هل سينفذون قرار الضم في تموز؟
لا طلاب جامعات والمدارس في عطلتها الصيفية والكمامات على الأفواه وقليل منها ملقى في الشوارع وحافلات العمومي في مجمع السيارات حيث تقل الركاب تنتظر ويطول انتظارها " ثمة سيارات ولا ركاب ، كما لو أن زمن أزمة المواصلات مساء ولى . أهو ما ستكون عليه بعد أن تقضي الكورونا على مليارات البشر؟".
وأنا في الحافلة تحدث السائق عن ضعف حركة السيارات والسفر بين مدن الضفة وعن سبب عدم وضعه كمامة داخل المدينة .
- " أكاد أختنق ، واليهود رفعوا قيمة مخالفة من لا يضع الكمامة من ٢٠٠ شيكل إلى ٥٠٠ شيكل".
كما لو أنه " الزمن الأصفر " ، وكما لو أن الريح هي " الريح الأصفر " ، وهذان عنوان كتاب للكاتب الإسرائيلي ( ديفيد غروسمان ) أصدره في ١٩٨٨ إبان الانتفاضة الأولى ، واصفا حياة أهل الضفة الغربية وقطاع غزة نحت الاحتلال الإسرائيلي.
الآن يجتمع على الفلسطينيين في هذه المناطق الاحتلال والكورونا وسوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية والحديث عن فساد رموز فتح في السلطة وثراء قادة حماس في غزة ومليارات خالد مشعل واسماعيل هنية وبحبحة أقارب كبار المتنفذين و...
كل الحق على المفتي ودبرها يا " مستر دل" بركن على ايديك ...إلخ ... إلخ ، وثمة شهيد فلسطيني في بيت لحم يبلغ من العمر ٢٧ عاما ارتقى برصاص الاحتلال الإسرائيلي.
صباح الخير
خربشات
٢٤ حزيران ٢٠٢٠

***

الست كورونا : اليسار حين يشم رائحة الدولار (٦)

شارع النصر كان أمس في الساعة الرابعة مساء شبه مهجور ، وكان السوق الشرقي أيضا ، على غير عادته . كان غير مكتظ بالمتسوقين.
حين صعدت إلى الباص سألت السائق ، بقصد ، عن الأجرة ، فأجاب:
- كورونا وعدم دفع رواتب أيضا ، فهل نضغط أيضا على المواطن ونرفع الأجرة.
والصحيح أن الأجرة في فترة الحجر الصحي السابق ارتفعت ، ولكن الرواتب كانت تصرف كاملة ، خلافا لشهري أيار وحزيران ، فلا تلميح أو تصريح بصرفها.
العالقون في الخارج بسبب إغلاق المعابر الحدودية مع الأردن بدأ صوتهم يرتفع ، وهذه المرة صارت أصابع الاتهام توجه للسلطة الفلسطينية ورموزها.
أحد العالقين لم يتحدث ، عبر شريط فيديو ، عن معاناته في الخارج ، وإنما أتى في الشريط على تأثير الكورونا على رواتب الموظفين وعدم صرفها ، وقام بعملية حسابية للمساعدات التي منحت للسلطة وللتبرعات لصندوق " وقفة عز " ورأى أن السلطة تفتعل الأزمة لأمر في نفس يعقوب ، ورد صاحب الشريط على الصحفي ناصر اللحام الذي دافع عن السلطة.
أطرف ما سمعته من المتحدث ما قاله عن ناصر وماضيه السياسي ووقوفه ، الآن ، إلى جانب السلطة ودفاعه عن سياستها . قال المتحدث إن ماضي ناصر كان يساريا ، واليسار " لما يشم رائحة الدولار ينسى البروليتاريا والعمال ، ويصبح للحاكم طبال" . هل هذا صحيح؟
شخصيا أتابع بشغف تحولات اليسار في الرواية العربية ، وكنت توقفت مرارا أمام قصة الكاتب الجزائري المرحوم الطاهر وطار " اشتراكي حتى الموت" ، وأنا شخصيا كنت معجبا بهذه القصة ، وكنت أسخر من سلوك شخصيتها اليسارية التي أخذت تجمع الثروة وتنسى أفكارها وتتصرف تصرف البرجوازيين ، ثم مكر التاريخ معي وصرت ثريا بسبب مكافأة نهاية الخدمة . صرت شيوعيا مليونيرا - إن كنت شيوعيا ملتزما أصلا . هل تذكرون قصة نجاتي صدقي القاص الفلسطيني " الشيوعي المليونير"؟
وفي هذه الأيام أنا مشغول بسعدي يوسف الشاعر العراقي صاحب ديوان " الشيوعي الأخير يدخل الجنة" . هل تلح فكرة دخول الجنة على ذهن سعدي يوسف ولذلك أرسل تحياته إلى الأمير السعودي محمد بن سلمان ، كمقدمة لتأدية فريضة الحج ؟
لا حج في هذا العام فانتظر يا شاعرنا سعدي يوسف . انتظر أمد الله في عمرك حتى تنال جائزة الأمير.
كورونا وعدم صرف رواتب والعالقون في الخارج ما زالوا عالقين ، ولا فريضة حج ، على ما يبدو ، في هذا العام ، وتبادل أشرطة حول فساد رموز السلطة الفلسطينية واستغلال مناصبهم وتعيين نسائهم وأبنائهم وبناتهم برواتب خيالية و ... ولم يبق محمد دحلان في ثرائه استثناء . هناك دحلانات وشيخاوات وفرجات وهباشات.
صباح الخير
خربشات
٢٥ حزيران ٢٠٢٠

***

الست كورونا : الكمامة والقمامة (٧)

لا جديد تقريبا في الحياة اليومية . هلع وقلق وخوف وشكوى من أوضاع اقتصادية سيئة تفتق الذهن عن سلوكات عجيبة غريبة ، قد يكون الاحتيال واحدا منها.
في يومية سابقة توقفت أمام شريط فيديو يري شابا يتظاهر أنه يبيع الكمامات يوقف جيبا فيه رجلان تبدو النعمة عليهما ، ويعرض الشاب عليهما الكمامات ، وتكون مرشوشة بمادة مخدرة ، فما إن يضعها الرجلان على الفم والأنف حتى يتخدرا ويسلبهما الشاب جهازين ، ويولي هاربا.
بيع الكمامات في السوق صار ظاهرة وأمس رأيت رجلا كبيرا يعرضها ملقاة على الأرض فوق كرتونة وينادي لتسويقها ، وشوارعنا نظيفة جدا جدا.
في المساء أرسل إلي الصديق Shafiq Yasin رسالة تروي قصة طريفة جدا ، ومحزنة جدا أيضا ، عما يفعله أحد سائقي العمومي بين طولكرم ورام الله.
السائق حريص على جيب ركابه ولا يريد أن يخالفهم الإسرائيليون ب ٥٠٠ شيكل وهم في الطريق ، ولهذا اشترى عددا من الكمامات ليزود بها ركابه الذين لم يرتدوا كمامة أو نسوها.
أحد الركاب قدر ما يقوم به السائق وأكبره ومدح الأخلاق الحميدة الإنسانية له ، وظل السائق كبيرا في نظر الراكب إلى أن وصل إلى رام الله.
ما إن هم الركاب بالنزول من الحافلة حتى جمع السائق الكمامات من الركاب ورتبها ليستخدمها ثانية فيعطيها ركابا آخرين ، ما أرعب الراكب وجعله يشعر بالخوف ، فكم راكب من قبل استخدم الكمامة ؟ وما الأمراض التي يمكن أن تنتقل إلى من يضع كمامة مستخدمة؟
هل كان هذا السائق قرأ كتاب " البخلاء" للجاحظ وتوقف أمام قصة الشيخ وتفننه في استخدام المياه نفسها عدة استخدامات أولها الاستحمام بها وآخرها سقيها لحماره.
لا تعرف أنك من المبذرين إلا حين تسمع أخبار الصالحين ، والسائق واحد من الصالحين ، وربما ترك الحجر الصحي ، لمدة شهرين ، تأثيره عليه.
المزاج معكر والست كورونا تترك تأثيرها على سلوكنا وتصرفاتنا وتدفعنا إلى التفنن في الاحتيال والكسب والتكسب والاستكساب وآية المنافق ثلاث ... والبقية عندكم.
صباح الخير
خربشات
٢٦ حزيران ٢٠٢٠

***

الست كورونا : حوارات عابرة بين السواقين (٨)

في الصباح عرفت من رسالة ، عبر الماسنجر ، أنه لم يسمح لفلسطينيي المناطق المحتلة في العام ١٩٤٨ من الدخول إلى نابلس بسبب اكتشاف إصابات جديدة ، في المدينة ، بالكورونا ، وفلسطينيو تلك المناطق يحبون نابلس وسكانها وأسواقها وينعشون بقدومهم اقتصادها ، والطريف هو أن بعض سكان نابلس يحبون التسوق من " المولات / الكينيكوم" الإسرائيلية ، وكانوا قبل سنوات في رمضان يحبون التسوق من " مول" ( رامي ليفي) القريب من القدس ، ورامي هذا تربطه علاقات صداقة ببرجوازيين فلسطينيين وهو يحب شهر رمضان دون غيره من الشهور ، لأن مبيعاته فيه تزداد . كما لو أن كل غريب حلو ، وغالبا ما تكون هذه العبارة ملغومة.
منع فلسطينيو فلسطين من الدخول بحافلتهم / بباصهم ، فمشوا على أقدامهم لتقلهم سيارات الأجرة / التكسي . إن طردتمونا من الباب ندخل من الشباك ، ولا بد من الكنافة النابلسية وبخاصة حلويات الأقصى.
في الثانية ظهرا ، وأنا في التكسي ، شكا السائق من ضعف الحركة ، وتبادل حديثا عابرا مع سائق آخر اشتكى هو أيضا من الشيء نفسه ، وعزوا السبب إلى اكتشاف إصابات جديدة ، فأحد السائقين مصاب وأسرته أيضا مثله ، وثمة سائق ثالث من مخيم بلاطة شارك في الحوار وقال إنه منذ الصباح لم يقل ركابا واقتصرت حركته على أهل بيته . الكورونا في بلاطة ودير الحطب.
الخضار والفواكه تملأ الأسواق والعنب والمانجا يدعو منظرهما الزبائن قائلا ومناديا الزبون أن أقبل ونقد البائع الثمن.
منذ يومين اكتشفت حالة في المستشفى الوطني ، المنشأ منذ زمن الانتداب البريطاني ، فتم إغلاقه ، إلى حين ، وتم تعقيمه ، وحين مررت أمس بالقرب منه لاحظت البوابة مغلقة.
هل دخلت الضفة الغربية المرحلة الثانية من الكورونا ؛ المرحلة الخطيرة وكان السبب اتباع سياسة القطيع والتقليل من التشديدات؟
يبدو أن الناس ميالون إلى اتباع سياسة القطيع يحدوهم شعار :
" مشيناها خطى كتبت علينا
ومن كتبت عليه خطى مشاها
ومن كانت منيته بأرض
فليس يموت في أرض سواها"
ويبدو أنهم يحورون ويبدلون في البيتين:
" مشيناها كورونا كتبت علينا
ومن كتبت عليه كورونا مشاها
ومن كانت منيته بكورونا
فليس يموت بمرض سواها".
أنا شحصيا أفطرت اليوم ، ويوم الأربعاء الماضي أيضا ، مع العمال - يفضلون أن أنعتهم بلفظ الشغيلة لا العمال - فقد توكلت على الله ولم نغسل الأيدي بالصابون ووضعنا الأكل على الطاولة دون أن نعقمها.
و ..
و ...
وعلى رأي أبي - رحمه الله - فإن المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين.
أحيانا نأخذ بأغنية سيد درويش:
" صبح الصباح صبح يا جميل"
و
" اضربها صرمة تعيش مرتاح"
أو تموت بكورونا ، فخالد بين الوليد القائد الإسلامي الذي قاد حروبا عديدة وخاض معارك كثيرة مات في فراشه لا في حروبه ، وقد أحزنه ذلك.
مساء الخير
خربشات
٢٧ حزيران ٢٠٢٠

***

الست كورونا : ظلال المخيم (٩)

أخذت الكورونا تلقي بظلالها على المدينة كما لم تفعل من قبل ، فمنذ نهاية آذار حتى منتصف حزيران خلت تقريبا من الإصابات ، ومنذ أسبوعين بدأت تتخذ منحى مختلفا؟
كانت التوقعات أن موجة ثانية من الكورونا قد تأتي عنيفة في تموز و آب ، وها نحن في نهاية حزيران.
إغلاق أكثر من مشفى أو مستوصف لأيام قليلة تعقم خلالها لتعود من جديد تؤدي وظيفتها ، ثم إقامة حواجز بين أجزاء المدينة وإغلاق جزئي ليوم أو يومين ، وامتد الإغلاق إلى بعض قرى مجاورة ، واليوم تم إغلاق مخيم بلاطة للاجئين . أمس اكتشفت فيه حالة وصارت سبع حالات ، فعائلة المصاب كلها انتقلت العدوى إليها ، واليوم تضاعف العدد ، وبيئة المخيم تربة صالحة لكل شيء ؛ الثورة والفوضى والمشاكل الاجتماعية ، وهي بيئة تزود المدينة بالأيدي العاملة وقد تحقق بطولة دوري كرة القدم على مستوى الضفة الغربية ، واحتراف اللعب صار ظاهرة في بلادنا ، ولا أعرف إن كان هناك بين لاعبينا من ينعت بميسي ورونالدو ومحمد صلاح!
في الحافلة سألني السائق الذي يضع كمامة عن سبب عدم وضعي لها ، فأجبته إنها في الحقيبة ، ولكني حتى اللحظة لم استسغها علي فمي .
الحركة في نابلس شبه عادية وسائق سيارة الأجرة / التكسي الذي عدت في سيارته شرح لي سبب عدم تشديد الحكومة في هذه الأيام وسبب قبولها باتباع سياسة القطيع . السائق قال لي إن الشهر الثاني يكاد ينتهي ولم تصرف الحكومة الرواتب وهي تخاف من انفجار الأوضاع ، فقلة ما في الجيب قد يقود إلى انفجار . لقد اقترح أيضا أن يسهم كل قادر في الأسرة على مساعدة أقاربه المعدمين ، وذلك بإنشاء صندوق " وقفة عز" عائلي ، وكدت أسأله إن كان قرأ خربشاتي.
الأجواء صيفية بامتياز والعمال يصرون على شرب المياه الباردة وأنا أعلمهم أنني لا أضع الماء في الثلاجة ، وإنني أشربه ساخنا لقتل الفايروس ولأسباب صحية أخرى ، وأبتسم حين يتحدثون معلنين انهم ريفيون وليسوا مدنيين ، وأقول لهم إننا نجسد في عائلتنا الوحدة الوطنية تقريبا ؛ المدينة والريف والمخيم ، فهناك فتح وحماس ويسار ؛ هناك متدينون محافظون وشبه علمانيين ، ولذا يعلو صوتنا أحيانا ، علما بأنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة . هل صحيح حقا أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة؟
هناك صوت الرئيس محمود عباس وأصوات عزام الأحمد وعدنان الضميري وتوفيق الطيراوي وحسين الشيخ ، وهناك في غزة صوت اسماعيل هنية وصوت أبو عبيدة وصوت الناطق الرسمي باسم الحكومة ولم نعد نسمع صوت محمود الزهار ، ولا صوت للمعركة في ظل معمعة الأصوات هذه كلها ، فلقد غاب صوت المعركة منذ زمن كما غابت أصوات مشجعي كرة القدم في الملاعب الرياضية وصارت المباريات تجري مثل زواج زوجين ارتكبا فعلا شنيعا معيبا فضبضب الأمر .
أعراسنا في زمن الكورونا صارت أيضا كذلك.
الكورونا تلقي بظلالها على الحياة كلها ، كما لو أنها نكبة ١٩٤٨ أو هزيمة ١٩٦٧ أو اجتياح بيروت ١٩٨٢ أو اجتياح مدن الضفة الغربية في ٢٠٠٢.
ماذا يفعل الناس في مخيم بلاطة في هذا الصيف اللاهب؟
مساء الخير
خربشات
٢٨ حزيران ٢٠٢٠

***

الست كورونا : دولة أبناء العمومة دخلت في الكورونا مرحلة الخط الأحمر (١٠)

في أخبار الصباح أصغيت إلى خبر يشير إلى أن دولة أبناء العمومة دخلت في الكورونا مرحلة الخط الأحمر - أي إنها من الدول التي تسارع فيها عدد الإصابات تسارعا لافتا ومطردا ، وربما لهذا السبب قررت أن تسمح لعمال من الضفة الغربية بالدخول إلى المناطق المحتلة في العام ١٩٤٨ لتغلق بعدها البوابات والمعابر لمدة ثلاثة أسابيع.
الأوضاع في الضفة الغربية ليست أفضل حالا أيضا ، فقد ازداد عدد المصابين في منطقة الخليل والسبب يعود إلى إقامة الأعراس وذبح الجمال وأكل المناسف باللحم والرز والجميد ، وربما بطريقة الكبة الكبة ، حيث يكعبل المدعوون الرز ويقذفونه في الهواء لتتلقفه أفواههم ، وهذا ما لم أفلح به حين دعيت قبل خمسة وأربعين عاما إلى عرس في مدينة إربد الأردنية .
السدور السدور والرز الرز والجميد الجميد وصابون العرب لحاها واهبش من اللحم ما استطعت إن كنت هباشا.
نابلس اليوم بدت شبه حزينة فالحركة خفيفة والمواطنون قليلون ، ولا أعير المدينة بأنها قليل عديدها ، فإن الكرام قليل.
الجامعة روادها قليلون ووضع الكمامة شرط أساس لدخولها ، ولا يختلف شرط البنك العربي الذي يفحص درجة حرارتك وكدت أشك أنني مصاب بالكورونا ، فالجهاز أعطى على ما يبدو درجة حرارة مزعجة دفعت الموظف إلى القياس ثانية ثم سمح لي بالدخول ، فحمدت الله على أنني لست " مكورنا" أو أكاد.
أمام البنك العربي يقف الزبائن ، غير منتظمين ، منتظرين حتى يسمح لهم بالدخول ؛ ولأن الفوضى عمت أو تكاد فقد وجدتني أسعى إلى تنظيمنا صفا صفا وأفلحت ولم نتدافع فنتكورن إن كان أحدنا متكورنا.
وأنا عند المكوجي جاء زبون ليأخذ بدلة عرس اعتنى بها أبو حسين وطلب سبعين شيكلا ، ومن المؤكد أن غسل البدلة وكواءها لا يقارن بثمنها ، فلو اشتراها الرجل لربما دفع ١٣٠٠ شيكل ، لكي ترتديها العروس لمدة ثلاث ساعات ، إن لم يكن السعر أعلى وأغلى.
في مصعد العمارة سألني جار عما يجري ، فكثيرون غير مستسيغين الأمر .
للشهر الثاني لا رواتب للموظفين ، ما يزيد الطين بلة ، وهناك عشرات الأشخاص والمحلات تبيع الكمامات.
- الكمامة بشكلين .احم حالك بشكلين.
- عشر كمامات بعشرة شواكل . صحتك بعشرة شواكل.
وأنا أضع الكمامة أشعر بالاختناق ولا سبيل إلى دخول الجامعة أو البنك إلا بوضع كمامة.
الناس تنتظر تموز ، وتنتظر أيضا معرفة إن كانت الضفة ستضم وإن كانت أيضا ستشتعل فيها المظاهرات . هدوء . هدوء . وحالة تعبانة يا ليلى.
مساء الخير
خربشات
٢٩ حزيران ٢٠٢٠ .

***

الست كورونا : هل تصبح أهون الشرين؟ (١١)

اليوم صباحا أرسل إلي Anwar Mazen ، وهو ابن أختي ، رابطا يبعث مضمونه الرعب في النفوس ، بحيث تغدو الكورونا أهون الشرين.
الرابط يحيل إلى خبر صحفي يقول إن العلماء الصينيين يحذرون من تطور فايروس انفلونزا الخنازير إلى وباء قد يحصد ملايين الأرواح وهو أخطر من الفايروس السابق وقد ينسينا الكورونا . هل قرأت الخبر جيدا؟
في الحافلة التي أقلت ركابا قليلي العدد سألت السائق حين وصلنا إلى قلب المدينة إن كان بإمكانه أن يتوقف لأهبط ، فأجابني بأن لا شيء صعب في هذه الأيام ، فلا أزمة مرور ولا كثرة حافلات على الرصيف.
- المدينة كما ترى.
قال السائق مضيفا ، وتوقف.
دوار المدينة وسوق البصل اللذان غالبا ما يشهدان حركة نشطة كانا خاليين تقريبا من المتسوقين والمتنقلين والعابرين ، وكان بإمكانك أن تمشي بلا معيقات وكانت الصرافات الآلية للبنوك المقامة في المجمع / المول بلا رواد . لا أحد يسحب نقودا أو يودعها . أكثر من عشرة صرافات آلية وأقل من ثلاثة زبائن ، وحالة تعبانة يا ليلى " مصاري ما فيش" - ما أصل كلمة " مصاري"؟ هل هي مفردة تركية ؟ إنها كلمة استخدمها أهل الشام على العملة المصرية أيام حكم محمد علي .
فلسطين التي شهدت احتلالات عديدة تستخدم مفردات كثيرة للنقود : مصاري وعملة وفلوس وقروش وجينيه وليرة وشيكل وأغورة ودنانير ودولار أخضر ويورو ورث المارك .. و .. إلخ . حقا من أين جاءت كلمة " مصاري"؟
اليوم ينتهي حزيران والموظفون الحكوميون للشهر الثاني لم يستلموا رواتبهم وعبارة السيد رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية صارت تتردد على الألسنة:
" بدكم وطن ولا بدكم رواتب؟".
والسياق الذي تحضر فيه العبارة والنطق الذي تنطق به يقولان إن منسوب السخرية في مجتمعنا مرتفع جدا.
ماذا كان اميل حبيبي يقول عن سبب لجوئه إلى السخرية؟
أراد الكاتب مواجهة قسوة المحتل وبطشه بالسخرية ، ويخيل إلي أن الساخرين يسخرون من الطفر وقلة ما في اليد وكثرة طلبات الأبناء والبنات والزوجات.
انتهى عيد الفطر وها هو عيد الأضحى على الأبواب ، ونحن نريد وطنا يا أبو ابراهيم ولا نريد رواتب . طبعا هذا لسان حالي لا لسان حال الموظفين فأنا والحمد لله ميسور الحال وما في عندي فاطمة ومحمد ، ولو كنت فقيرا معدما موظفا وكان عندي أطفال لصرخت : هل بقي من الوطن شيء ؟ نريد دولارات ويوروات وجنيهات بريطانية لا مصرية وينات يابانية و .. و ... ونريد...
دبرها يا أبو ابراهيم بركن على ايدك تنحل.
مساء الخير
خربشات
٣٠ حزيران ٢٠٢٠

***

الست كورونا " خليك بالبيت" ثانية (١٢)

يقول مثلنا " عادت سليمة لعادتها القديمة " وها نحن نعود ثانية إلى الالتزام بالبقاء في البيت ، وهذه المرة ، مبدئيا ، لمدة خمسة أيام قابلة للتجديد ، لا لمدة أسبوعين قابلين للتجديد كما كان سابقا في آذار .
منذ مساء الخميس في الثاني من تموز بدأ سريان الحجر الصحي ، فماذا سنفعل وحالات الإصابة بفايروس كوفيد ١٩ تتصاعد بوتيرة متسارعة ، ومدينتنا التي كانت في الأشهر الثلاثة الماضية نظيفة من الجائحة صارت مثل مدن أخرى.
أبواب المدينة مغلقة والناس في هذا الحر اللاهب في البيوت ولا نسمة هواء باردة في الظهيرة تنعش الجسد فتنتعش الروح.
ما إن أعلنت عن صدور كتابي " الست كورونا " الذي ضم اليوميات التي كتبتها خلال آذار ونيسان وأيار ، وعددها مائة" وانهالت التبريكات والتعليقات حتى تساءل قسم من الأصدقاء
- بدري
- الجائحة عادت ثانية
- علام الاستعجال
- لو تريثت
وأنا مع عودة الجائحة عدت أكتب اليوميات من جديد فصرفتني عن إتمام كتابي " صورة الفلسطيني في الرواية العربية".
الأسئلة نفسها ، وأظنني وغيري سنتذكر قول الشاعر الذي سئل بعد خمسة عشر عاما من تطليقه زوجته عما جد في الموضوع فأجاب :
- ما أرانا نقول إلا معادا مكرورا!
ومنذ ثلاثين عاما لا أسمع من المحيطين بي إلا الكلام المكرور ، فهل ستعود سليمة في الحجر الجديد إلى عادتها القديمة؟
سوف يعترض بعض القراء على المثل ويخطئني ، فأرجو عدم الاعتراض . إنني أحاول دفع الالتباس ؛ فلا أعرف امرأة اسمها سليمة ، ولا صديق لي زوجته أو ابنته اسمها سليمة . المخيلة أحيانا تذهب بعيدا وأنا رجل بسيط على البركة !
ماذا أفعل في هذا الحجر الصحي؟
بعد ٤٢ عاما أفرج الله على عمارتنا فكساها الله حجرا وزفزافا ، وعلي أن أقوم يوميا ببعض التنظيفات ، فليس أسوأ من إعادة ترميم بيت وصاحبه يقيم فيه ، وأهالي المحيمات خير من يخبر هذه المأساة.
ماذا لو تتبع لاجيء فلسطيني من أبناء المخيمات بالكلمة والصورة تاريخ بيته منذ ١٩٤٨ حتى الآن : خيمة فغرفة فحديقة فغرفتان فمطبخ فحمام فمرحاض فشقة بلا حديقة فطابق أول وطابق ثاني و .. الحكاية تطول وكم كانت أمي - رحمها الله - تعاني كلما توسعنا في البناء ورممنا البيت ونقلنا الحمام من مكان إلى آخر و . و.
اليوم الجمعة لم يأت العمال ، وكنت أمس وقفت معهم وأفطرت أيضا معهم ، فلا بد من ممالحتهم حتى لا أتهم بالتكبر والتعالي والفصام بين عالمي الكتابة والممارسة.
أحد البرجوازيين الفلسطينيين يتهم بأنه بخيل لأنه لا بعطي السائلين " وأما السائل فلا تنهر" ، علما بأنه يتبرع بمليون دولار لمتحف وطني ومليون شيكل لصندوق " وقفة عز".
أطرف حكاية سمعتها بعد انتهاء الموجة الأولى من الجائحة هي الحكاية الآتية:
عزم أهل حي على بناء جامع فبدأوا بجمع التبرعات وزاروا البيوت ، وهم أمام بيت رجل ثري سمعوا الرجل يتحاصم مع زوجته لأنها تستحدم عودي ثقاب لإشعال البابور لا عودا واحدا ، فقالوا:
- من المؤكد أنه لن يدفع فلسا واحدا ما دام على هذا القدر من البخل ، وعزموا على العودة من حيث أتوا ثم قال أحدهم لنجر .
عندما دخلوا إلى البيت وطلبوا المساعدة سألهم عن تكاليف الجامع ودفعها لهم كاملة ، فاستغربوا وأخبروه أنهم فوجئوا بما حصل.
الرجل قال لهم :
- من توفير العود دفعت لكم تكاليف الجامع.
حكايات ! وما أكثر الحكايات ! كما لو أنها الحكايات التي جمعها الأخوان ( جريم) الألمانيان.
خليك بالبيت واحتمل الحر وما يجره كلاهما ؛ البيت والجلوس فيه ، من ضجر وفضول ومراقبات وشكاوى عن قلة ما في اليد و..
في ألمانيا ليس مسموحا لك أن تسأل المرء عن عمره وراتبه ورصيده في البنك ، وعندنا الجميع يسأل:
هل امتلأت البلاطة ففاضت ؟ هل ملينت؟
ولمن تخلف أموالك؟ وبقي أن يسألوك عن فراشك ونومك و .. و .. ومرة سألني أبو عمار - وأبو عمار هذا ليس أبو عمار ياسر عرفات - إن كان الشيطان يزورني ليلا ليعرف إن كنت صالحا أم..
لماذا لم يسموا أبو عمار " أبو خراب " ، فقد قادنا إلى ما نحن فيه.
عندما أعلنوا تأسيس حركة التحرير الفلسطيني أرادوا اختصارها بكلمة واحدة : ح.ت .ف . - حتف ، فتشاءموا وقلبوا الحروف وصارت : فتح ، وقل إن فتح الله قريب ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) وفتح فلسطين طال.
في الجلوس في البيت تضيق الأخلاق وينعكس ضيقها على الكتابة.
لا جديد!
مساء الخير
خربشات
٣ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : الحجر الصحي من جديد (١٣)

اليوم ينقضي اليوم الخامس من إعلان محافظ مدينة نابلس الحجر الصحي لمدة خمسة أيام.
مر حزيران كاملا ولم يحجر علينا إلا يومين فتمتعنا بعادة التسوق والمشي في شوارع المدينة والجلوس أحيانا في مقهى " خان الوكالة" - كان الخان قديما للتجار وخيولهم وربما حميرهم ، وصار فندقا عاما ومقهى ومطعما ومسرحا يحتفل فيه بأيام ثقافية غالبا في نيسان من كل عام إلا العام ٢٠٢٠ وربما العام السابق ، وسبحان مغير الأحوال وتارك النسوان يدخن النارجيلة في المقاهي العامة.
إن صح ما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي فإن الحجر سيمدد لأسبوعين ولكن بعد رفعه لمدة يومين هما الأربعاء والخميس - أي ٨ و ٩ تموز - وهذا يعني أن صيف العام الحالي سيكون صيف تقاعد للجميع ، وسيحجر على الشعب كله صحيا - الحمد لله أنه حجر صحي لا حجر عقلي ، علما بأن أكثر من ٧٠ بالمائة منا يحتاجون إلى أطباء نفسانيين وقد يحتاج الأخيرون إلى ما يحتاج إليه ال ٧٠ بالمائة . قد يحتاجون إلى ( سيجموند فرويد) و ( كارل يونج) و ( ادلر ) و إلى آخره .. إلى آخره.
انشغلت بأيام الححر الصحي الأربعة الأخيرة بالوقوف مع عمال الزفزاف ، وأكلنا من صحن الفول نفسه وصحن الحمص نفسه وأكلنا معا المعجنات وشربنا القهوة والشاي وتابعت الأيدي العاملة وهي تعمل وفي اليوم الأخير لعمل العمال - أي أمس - أخذت أشرح لهم عن الطبقة العاملة واستغلال رؤوس الأموال لطبقتهم ، فأعدت على مسامعهم أمثلة كنت أقصها على طلاب الجامعة وأنا أشرح لهم المنهج الاجتماعي الماركسي ، وتحديدا وأنا أشرح لهم عن شعور العمال في المجتمع الرأسمالي بالاغتراب لأن جهدهم يذهب إلى جيب أصحاب العمل.
إن كان أحدنا متكورنا فإننا جميعا سنتكورن مثله ، وإن كنت أحرص على شرب الماء الساخن وأتبع بعض التعليمات بخصوص الوقاية.
" العمل عبادة " يقول آباؤنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا والجيل الجديد يريد " رغيف مقرص من دقن معرس " و " المتسولون يتسوقون كالملوك" والأخيرون مثل الأولين يتسولون أحيانا لشعوبهم ثم يهبشون قطعة اللحم الكبرى ، واتعب " يا مشكاح لأخوك المرتاح".
أنا أستاذ جامعي متقاعد وعشت مع العمال يوميا لساعات ، وفي مراهقتي بعت الاسكيمو والتمرية وعملت " كونترول" باص وفي منجرة إسرائيلية ، وإذا كان الطفل أبو الرجل ، كما قال ( وردزوورث) فمعنى ذلك أنني في الجائحة عشت شبابي ثانية.
الشعب كله والحمد لله سيعيش الحجر ثانية ؛ الحجر الصحي وأظن أنه - إن استمرت الحالة لمدة طويلة - سيحتاج إلى مصحات نفسية لا إلى مضخات تنفس ومشاف ومراكز عناية صحية فقط .
صباح الخير
خربشات
٦ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : وصفات جديدة لأطباء شعبيين ساخرين أو متساخرين (١٤)

أمس مساء تم تمديد الإغلاق إلى يوم آخر ؛ إلى يوم سادس ، وتزايدت نغمة الشكوى من الجلوس في البيت وقلة الأعمال وضيق الصدور وتناقص ما في اليد ونفاده وتأجيل الأفراح وبؤس الجنازات وانتقال الفايروس من خلال الأعراس وتدخين النراجيل و .. و..
شخصيا واصلت متابعة العمل في ترميم البيت والجلوس مع العمال وتناول الفطور معهم ، وبين فترة وأخرى أخذت أتصفح الماسنجر وأتابع الأشرطة التي يرسلها لي الأصدقاء.
أطرف وصفة شعبية سمعتها لطرد الفايروس تكونت من ماء وليمون وعسل . اتصل الطبيب الشعبي الساخر ، والأصح المتساخر ، بالمذيعة وقدم بلهجته الخليلية وصفته على النحو الآتي:
ماء وليمون وعسل يشرب معا في اليوم الأول
وفي اليوم الثاني يشرب الماء والليمون وكذلك الأمر في اليوم الثالث وفيه سيخرج الفايروس يسأل عن العسل ، وهنا تضربينه على رأسه فيموت .
أهي سخرية أم سماجة وسخف؟
شريط مسجل آخر تحدث فيه مواطن من إحدى قرى الخليل عن نقل العدوى لمائة وخمسين شخصا آخر من قريته والسبب أن امرأة أرجلت من وراء سلفها - يعني أرجلت من النارجيلة نفسها التي نرجل فيها سلفها - وبشتيمة خليلية من قاع الدست أنهى صاحب الشريط حديثه.
وماذا عن التعليم الإلكتروني؟
المهندسة المعمارية الشابة التي تخرجت حديثا من كلية الهندسة وأتمت دراستها عبر ال ( On line ) تقف في الورشة وتسأل أستاذها:
- كم ملعقة شومنتو - اسمنت - أضع في الخلطة.
مرة كتبت قصة عنوانها " كأس نبيذ حزنا على موت الكلب" صورت فيها الحزن الذي ألم بالعائلة الألمانية التي أقمت معها لموت كلبها.
ما الذي ذكرني بالقصة؟
أرسل إلي ابن أختي Anwar Mazen خبرا عن كلبة عائلة إيطالية اسمها ( ليزل ) تعرضت لأزمة نفسية نتيجة حبسها في البيت بسبب جائحة الكورونا ، فقررت العائلة السفر بها إلى ثلاث جزر مختلفة للترفيه عنها حتى تتعالج نفسيا ويروق مزاجها . دقوا على الخشب ومن المؤكد أن قسما منا سيتمنى لو أنه كلب أو كلبة في بلاد الطليان . صلوا على النبي ففي بريطانيا قررت الحكومة البريطانية ، كما أرسل إلي الكاتب Osama Moghrabi ، قررت اعتبار الكورونا مثل أوبئة أخرى عادية وعليه يجب أن تعود الحياة إلى طبيعتها.
ما شاء الله علينا ! ما شاء الله!
واليوم سوف أواصل التنظيف المنزلي .
صباح الخير
خربشات
٧ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا: تمديد الإغلاق والدعوة إلى ميثاق شرف والكورونا في غزة (١٥)

لا جديد فيما أقوم به . لم أغادر ، أمس ، لليوم السادس ، المنزل . لقد واصلت حملة التنظيف من بقايا ما تركه مزفزفو البيت وراءهم ، وسوف أواصل اليوم التنظيف أيضا ، فلقد قررت حكومة الدكتور محمد اشتية تمديد فترة الإغلاق لخمسة أيام أخرى و ... حلها يا حلال العقد.
مرة سألني الصحفي Kamal Al Rawagh السؤال الآتي:
- لماذا لم تكتب عن الكورونا في غزة؟
وأمس أرسل إلي نكتة عن سبب خلو مدينته من الكورونا؟
- لماذا تخلو غزة من الكورونا؟
- تخلو من الكورو
نا لأن حكومة حماس شددت قبضتها على إغلاق المعابر ولم تتراخ.
كما هو معروف فإن حماس لا حول لها ولا قوة في فتح المعابر أو إغلاقها ؛ فإسرائيل من جهة ومصر من جهة ثانية هما من يتحكمان بمعابر غزة فتحا أو إغلاقا.
هل تتذكرون كتاب " الفاشوش في أحكام قراقوش"؟
مرة شدد قراقوش الحصار على مدينة القاهرة ، وعزم على ألا يخرج أي مخلوق من بواباتها ، ثم طار عصفور فحاكم قراقوش جنوده الذين يحرسون البوابات لغفلتهم ولسماحهم للعصفور بالخروج.
يا مثبت العقل والدين وكتاب " الفاشوش" يحفل بالسخرية من رئيس وزراء صلاح الدين والحكي للجارة واسمعي يا كنة . وكان الله في عون الدكتور محمد اشتية على ما ألم بحكومته بسبب أزمة الكورونا ونفد الدكتور رامي الحمدلله وحكومته من ورطتها ، ولا أعرف إن كان هو ووزراؤه أعادوا إلى خزينة الدولة مبالغ العلاوات التي صرفت لهم بغير حق!
الفقراء والعمال في مناطق السلطة الفلسطينية يتساءلون عن مآل صندوق " وقفة عز " وعما إذا كانت الحكومة ستصرف مبلغ ال ٧٠٠ شيكل لهم ثانية لعودة الإغلاق من جديد.
هل ستوافق عشائر الخليل على التوقيع على " ميثاق شرف" تمنع بموجبه إقامة حفلات الأعراس وفتح بيوت عزاء . " عشنا وشفنا" ؛ عشنا الإغلاق بسبب الجوائح والأمراض وشفنا تأثير العشائر وقوتها في زمن يفترض أن تكون فيه انقرضت . هل تتذكرون قصيدة الشاعر مريد البرغوثي " القبائل" التي منها:
" قبائلنا تسترد مفاتنها في زمان انقراض القبائل".
في فترة الإغلاق تكثر ظاهرة الشكوى ، وقسم منا يتقنها ويتقن التشاكي " فالشكوى ترد البلوى " وعليك ان تتعامى قليلا إزاء تذاكي المتذاكين والمتسلبطين والطامعين و..
أمس أتيت على ما قامت به عائلة إيطالية بحصوص كلبتها ( ليزلي ) وقلت إن ٧٠ بالمائة من شعبنا بحاجة إلى علاج نفسي ، وأمس تذكرت النكتة التي تدوولت عن الزعيم العراقي الأوحد عبد الكريم قاسم الذي قتل في ١٩٦٣.
يروى أن عبد الكريم قاسم ألقى خطابا في افتتاح مستشفى للمجانين وقال فيه:
" افتتح هذا المستشفى لي ولكم وللأمة العربية" . هل أخطأ حين قال هذا؟ وإلا ما هو تفسير سوء أحوال الأمة العربية منذ ١٩٦٧؟ والآن ما الذي سنؤول إليه بسبب الحجر الصحي؟
كلنا محجورون صحيا ، ولقد بدأ تفشي الكورونا في منطقة بيت لحم حيث أسس فيها مستشفى المجانين الذي كتب عنه أسامة العيسة روايته " مجانين بيت لحم" ولقد انتقلت العدوى وتفشت وصارت البيوت مكانا للحجر الصحي و .. " خليك بالبيت" ، واليوم ذكرى استشهاد غسان كنفاني.
صباح الخير
خربشات
٨ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا: التنسيق الأمني وراء تفشي الكورونا في الأرض المحتلة (١٦)

يدعوني إلى شرب الشاي أو القهوة في شقته الجديدة لأراها فلبيت دعوته ثم تمشيت معه ومع أمه لنصف ساعة.
كان بعض المواطنين يتمشون ويأكلون البوظة ، ولأول مرة اشتريت بوظة تركية سعر الحبة الواحدة بعشرة شواكل فقلت الحمد لله أن لدينا مصنعا لإنتاج البوظة أسعار منتجاته تناسب دخل مواطنينا أكثر ولا بأس بإنتاجه.
ما زالت ظلال الجائحة قائمة ، فمحل ( فروستي ) لبيع المرطبات والعصائر يبيع للأفراد ، ولكن ساحته التي تكون في مثل هذه الأيام من العام عامرة ومكتظة كانت بلا زبائن وبلا رواد . كأنها مقفرة ( أقفر من أهله ملحوب / فالقطبيات فالذنوب ) والصالات مقفرة وكذلك المقاهي ، علما بأن ابن أخي عبد الاسطة أخبرني أنه ليلة أول أمس تأخر في العودة إلى البيت لأنه جلس في ساحة المنارة / باب الساحة ، وكانت الساحة عامرة بالرواد .
الشريط الذي أصغيت إليه ليلا ، وقد حوله إلي صديق عبر الماسنجر ، تحدث فيه صاحبه - الذي يتحدث عبر أشرطة عن سياسة السلطة الفلسطينية مبرزا من وجهة نظره ، فسادها - الشريط الذي أصغيت إليه ليلا عزا المتحدث فيه سبب شيوع الكورونا وانتشارها في الخليل إلى ثلاثة ضباط فلسطينيين عقدوا اجتماعا مع ضباط إسرائيليين فانتقلت إليهم العدوى وأصيبوا بإسهال حاد نقلوا على إثره إلى مشفى في الخليل ، وأثبتت نتيجة الفحوصات أنهم مصابون بالكورونا وتم نقلهم إلى مشفى آخر وتكتمت السلطة على الأمر ولم تقل الحقيقة عن حالتهم المرضية.
هل اسم وزيرة الصحة مي كيلة أم مي كيالة؟
كان المتحدث يردد باستمرار مي كيالة ، وقد طلب منها أن تستقيل لأنها سوف تحاكم في الزمن القادم ، فأبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية ليس مخلدا.
( ويأتيك بالأخبار ما لم تزود) ، وقبل يومين أصغيت إلى شريط ثان يتحدث فيه مواطن عن تزوير في تقرير وفاة قريبة له فقد بين أنها لم تمت بالكورونا كما زعم تقرير مزور صدر عن السلطة.
شو القصة؟
أنا أصغي وأرصد ولكن ليس كل ما يقال صحيحا . حالة من البلبلة تبلبل أفكارنا وحياتنا على الأصعدة جميعها . أشرطة عن الفساد وأخرى عن التزوير وثالثة تصور كلبا يحرص على صحة صاحبه ورابعة تظهر فتاة تقرأ قصيدة تشتم فيها الزعامات العربية كلها وأبرز رسالة كانت رسالة كتبتها ليلى العراقية التي يتهمها الآخرون بأنها قحبه وزوجها قواد . تقول ليلى إنها تتاجر بجسدها ولا تؤذي أحدا ومثلها زوجها أما الحكام فهم " مناويك" باعوا الوطن كله . رسالة ليلى ذكرتني بقصيدة الشاعر العراقي مظفر النواب " في الحانة القديمة":
" لم يفن منك سوى الجسد الفاني
أما غيرك فيبيع اليابس والأخضر".
والحكاية تطول فهل للست كورونا اهتمام بالشرف الفردي والشرف القومي ؟ وهل تفرق بينهما؟
صباح الخير
خربشات
٩ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : البكاء والتباكي والشكوى والتشاكي والحق كل الحق على الحكومة (١٧)

أمس تساهلت قوات الأمن الوطني في نابلس مع حركة المواطنين ، فسمحت للسيارات بالدخول إلى المدينة وسمحت لمحلات بيع العصائر والمرطبات في الأطراف بالبيع ، وقد ذهبت مساء إلى وسط البلد وتبضعت قليلا من الشوارع ، وحين قلت لأخي إن الإغلاق ليس شاملا وجادا عقب على كلامي قائلا إن الناس تعيش أوضاعا صعبة.
ابن أخي محمد اسطه حول إلي شريط تجري فيه صحفية جميلة مكممة حوارا مع امرأة سمينة مكممة.
تسأل الصحفية المرأة عن عدم التزامها بقرار الحكومة بالبقاء بالبيت والخروج إلى الأسواق للعمل ، فتستطرد المرأة بالحديث ، بصوت جهوري ، موضحة أنها إن لم تبع وتعمل فإنها تموت جوعا . إنها بحاجة إلى مال لشحن بطاقة الكهرباء ولدفع فاتورة الماء ولشراء قوتها ، وإنها إن سألت الناس فإنهم لا يعطونها ، ولذلك هي مضطرة لعدم الالتزام بتعليمات الحكومة ، وإذا ما أرادت الحكومة أن يطيعها المواطنون فعليها توفير مقوماتهم واحتياجاتهم الأساسية.
لم تدفع الحكومة لموظفيها من رواتبهم إلا نسبة محددة عن شهر من شهرين وها هو الثلث الأول من الشهر الثالث يكاد ينقضي ، وأنت لا تستطيع منع الناس من الشكوى وإن كان قسم منهم يتشاكى قبل أزمة الكورونا وبعدها.
لم تلزم الحكومة أصحاب الشركات والمؤسسات بدفع الحد الأدنى من الأجور ، ولا أظن أن لديها ملفات كاملة لمواطنيها كلهم تعرف من خلالها حجم دخلهم ، لتتأكد من منهم يستحق المساعدة ومن لا يستحقها ، فتساعد من دخله منخفض ولا يلبي احتياجاته الأساسية ، والصدقات هي سياسة كنسية ودينية يجب أن تحل محلها سياسة حكومية تزيد الضرائب على ذوي الدخل المرتفع لتعطي ذوي الدخل المنخفض ، وليس هذا وحسب . على الحكومة أن تتبع سياسة الترشيد في نفقاتها ورواتب وزرائها ولطالما تساءلنا عن سبب صرف راتب تقاعد لموظف أو وزير عمل عاما في منصبه ثم عاد إلى وظيفته.
إذا أردت أن تطاع فاطلب ما يستطاع ، يقول الناس.
ولكن السؤال الذي يثير نفسه هو:
هل شكوى الناس وتشاكيهم مرهون بفترة الجائحة؟
بعد العام ١٩٨٢ كتب الشاعر مريد البرغوثي قصيدته " طال الشتات " التي أتى فيها على موقف العرب مما جرى مع الفلسطينيين في حرب بيروت ، وفيها قال:
طال الشتات ، وعافت خطونا المدن
وأنت تمعن بعدا أيها الوطن...
ومما ورد فيها:
ودمع الحاكمين له لغات
وأفصحها يريد لنا الهلاكا
إذا اشتبهت دموع في خدود
تبين من بكى ممن تباكى...
هل كان متأثرا ببيت شعر لأبي الطيب المتنبي؟
( وللنفس أخلاق تدل على الفتى
أكان سخاء ما أتى أم تساخيا)
أو ببيت أبي العلاء المعري:
( ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا
تجاهلت حتى قيل إني جاهل).
وأنا أدرس الدكتوراه في ألمانيا كنت أحصل على راتب شهري من مؤسسة DAAD الألمانية ، وكانت لدي أسرة مكونة من زوجة وطفلتين ، وكان المرتب أقل من الدخل الشهري لأسرة من أربعة أفراد ، فمن يغطي النقص؟
بلدية Bamberg ، وهذا هو اسم المدينة التي كنت أقيم فيها ، كانت تفعل ذلك ، وكانت تدفع رسوم الحضانة لطفلتي.
المقارنة تبدو ظالمة وثمة عائلات بالكاد دخلها يكفي احتياجاتها الأساسية والأم فيها ربة بيت ، ومع ذلك ترسل أبناءها لرياض الأطفال وتدفع رسوما شهرية و...
حالة سريالية ، وحالة مخربطة يا ليلى .. حالة تعبانة يا ليلى تدبير ما فيش وبصارة ما فيش ومجدرة ما فيش وهندبة ما فيش وفي محطات بنزين تبيع ويذهب المال إليها وإلى الحكومة ، والحكومة تشكو..
دبرها يا صندوق " وقفة عز " ..
صباح الخير
خربشات
١٠ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا: لا فرق بين خليلي أو نابلسي أو مقدسي أو تكرمي وكلنا في الهوى " كورونا" (١٨)

في أخبار الصباح من " أجيال" خبر عن وزيرة الصحة في السلطة الفلسطينية الدكتورة مي كيلة تعلن فيه أن الكورونا وباء يعم مدن الضفة الغربية كلها . وهكذا لا فرق بين خليلي أو نابلسي أو مقدسي أو تكرمي وكلنا في الهوى " كورونا".
تلا الخبر الذي عزي إلى الوزيرة خبر آخر نصه " لا أعراس في صيف هذا العام " ، وخبر ثان مصدره ألمانيا مفاده أن فايروس كورونا يصيب القلب أيضا ، والقلب من الحامض لاوي ، يقول مثلنا فكيف إذا أصيب بالكورونا؟
أمس لم أخرج من البيت ، وعندما سألت ابن أخي Musab Al-Osta عما شاهده في المدينة في أثناء وجوده فيها أخبرني أنه خلال ساعتين لم يبع إلا بعشرين شيكلا لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تكفي ثمنا للبنزين الذي استهلكه وربطة خبز وكيلو بطاطا ، هذا إذا غضضنا النظر عن أجرة المحل وثمن القهوة نفسها.
كما لو أننا نحيا الحياة في زمن الاشتراكية يوم دحرها الإمبريالية ؛ عمل قليل واستمتاع وفير بالوقت يصرفه الناس في القراءة وتذوق الموسيقى وتبادل الخبرات والمعارف ، ولا مظاهر حياة برجوازية ، فلا استهلاك ولا بذخ ولا بيع لوحات فنية بمبالغ خيالية ولا تلويث للبيئة بحرق السولار والبنزين ، ولا ضجيج ولا أصوات طائرات إسرائيلية ولا أزمة جسور بين الضفة الغربية والضفة الشرقية / الأردن.
بعد قليل تبدأ احتفالات الطلبة الناجحين بنتائج امتحان التوجيهي ولا حزن على ثلاثة موتى في الخليل ماتوا أمس بالكورونا ، فالناجحون بالآلاف . وبعد قليل تتأكد الحكومة من أن الشكوى من قلة ما في اليد هو تشاك ، وإلا فمن أين للطلبة وأهلهم مئات الآلاف من الشواكل ثمنا للمفرقعات؟!
صارت الأمور جدية . هذا ما فهمته من تصريح وزيرة الصحة مي كيلة.
صباح الخير
خربشات
١١ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : احتفالات نتائج التوجيهية وموجة جديدة من الكورونا (١٩)

احتفل سكان نابلس ، ممن نجح أبناؤهم في امتحان الثانوية العامة ، فأطلقوا النار وفجروا المفرقعات من الصباح حتى الثانية عشرة مساء وزغردي يا انشراح.
إن قلت إن الأجواء كانت أشبه بأجواء جبهة مشتعلة فقد أبالغ ، ذلك أنني لم أشارك ذات يوم في معركة ، والمعسكر الوحيد الذي عشت فيه أسبوعا هو معسكر خو الصحراوي الأردني ، وهناك مثلت مرة دور حارس ليلي وأطلقت خمس رصاصات من بندقية M16 والحمد لله أنني لم أصب بأذى ، فإحدى الرصاصات لامست وجه الأرض وكادت تعود إلى وجهي.
قوات الأمن الوطني الفلسطيني لم تشدد أمس على حركة المواطنين بالتنقل ، فقد سمحت لهم بالاحتفال وتناقل التبريكات والتهاني ، واستطعت الدخول إلى وسط المدينة بلا سؤال وبلا تبيان سبب ، وكثيرون لصدقهم ينتحلون الأعذار حتى يسمح لهم بالدخول ، فيتمارضون ويدعون أنهم ذاهبون إلى المشفى ، والمشافي كلها في غرب المدينة ، ولا مشفى واحد في شرقها ، و ( تلك قسمة ضيزى).
الدكتور Abdelrahman Barqawi حول إلي رابطا لمقال يذهب كاتبه فيه إلى أن سكان الضفة الغربية اشتروا مفرقعات من المستوطنات الإسرائيلية بقيمة ٢٥ مليون شيكل و " لا حدا حوش" ورزق المستوطنين على الفلسطينيين ، كما رزق الهبل على المجانين ، واليهود ليسوا هبلا ، وأما نحن فأذكياء وشطار لأننا أدخلنا الرعب في قلوبنا ، لا في قلوب الأعداء.
أحد المسؤولين صرح بأننا مقبلون على مرحلة جديدة من الكورونا بسبب الاحتفالات والتهاني والتبريكات والتقبيل والتسليم وأكل الحلوى وكثرة التقوى وسيادة الروح الجماعية في إشهار الاحتفالات والالتفات إلى المظاهر الشكلية.
أمس اكتشفت حالات إصابة في مخيم الجلزون والمخيمات أكثر من غيرها ، والسوق الشرقي في المدينة كذلك ، مهيأة لانتشار الفايروس .
لا وصفات شعبية جديدة ، والشريط الذي شاهدته أمس عن الكورونا شريط يوصي فيه الطبيب المواطنين بالحرص الشخصي كلبس الكمامة ونظافة الأيدي و " خليك بالبيت " قدر الإمكان.
ثمة شريط آخر قديم على قدر من الطرافة يظهر فيه مواطنون من شرق آسيا يمثلون ، ويتظاهرون بالهبل والكساح ، حين يسمعون زامور خطر تطلقه سيارة تبحث عن متجاوزي الحظر الذي فرضته سلطات بلادهم . التظاهر هو حل وفي بيئة إسلامية محافظة يمكن أن تفعل ما تريد إذا ما ذهبت إلى الجامع ، أو إذا ما ارتدت المرأة الجلباب . هل تفرق الست كورونا بين المتبرجة ولابسة الجلباب؟
صباح الخير
خربشات
١٢ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : النكتة الشعبية والواقع المغاير (٢٠)

أحد الأصدقاء كتب إلي على ( الواتس آب) نكتة على لسان الفايروس يبدي فيها رأيه في الشعب الفلسطيني.
نص النكتة التقريبي هو أن وزارة الصحة الفلسطينية أعلنت أن الفايروس غادر فلسطين بعد أن خاطب شعبها قائلا له:
- أنتم شعب الله ما بضبكم من الشوارع: بااااااي.
والمفارقة تكمن في أن حالات الإصابة بالكورونا في فلسطين هي بازدياد ، ما أدى أمس إلى إعلان الناطق الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية ابراهيم ملحم إلى تمديد الإغلاق إلى أربعة أيام أخر ، علما بأن وسائل التواصل الاجتماعي نقلت أخبارا عن بعض المحافظين يعلنون أن محافظتهم استثناء ولن يشملها التمديد ، خلافا لما أعلنه الناطق الرسمي ، وفي فترة لاحقة نقلت الوسائل أن رئيس الحكومة الدكتور محمد اشتية عزز رأي الناطق الرسمي باسم حكومته - يعني تمديد الإغلاق.
النكتة التي تنوقلت على لسان الفايروس شببهة بالنكتة التي كان الرئيس ياسر عرفات يرددها عن أبناء شعبه ، فإن كان في بعض الدول رأس يحكم يساعده بعض الجنرالات فإن شعبه كله رؤوس وجنرالات ، وأنا لا أجيد نقل النكتة حرفيا وبلهجة عرفات المصرية التي اكتسبها من المصريين يوم درس الهندسة هناك.
ليس ثمة إغلاق شامل عموما ولكن هناك تحديد من حرية التنقل ، فلا هي بممنوعة ولا هي بمسموح بها كاملا.
شخصيا لم أغادر أمس شقتي في المساكن الشعبية الشرقية ، وانشغلت ببعض تنظيفات ، وفي أثناء الترميم اكتشفت ان عمال البناء وتوابعها والطراشة والتمديدات الكهربائية وتمديد مواسير المياه و .. وبعض المهن يواصلون عملهم وإن تضرروا فبسبب الشيكات المرتجعة.
الحياة في أطراف المدينة عادية وفي السوق بعض بيع وشراء وأكثر من تضرر هم سواقو الحافلات العامة وأصحابها وأصحاب الصالات والمقاهي وعمالها وعمال المياومة ، وأما نحن المتقاعدون فمتقاعدون حرمنا من الجلوس في المقاهي ومن السفر ولو إلى رام الله وعمان لشراء بعض الكتب .
شخصيا لم أتمكن من مواصلة إتمام كتابي " صورة الفلسطيني في الرواية العربية في القرن الحادي والعشرين" للأسباب السابقة ، علما بأنه صدر لي في عمان عن منشورات خطوط كتاب " الست كورونا" ويضم مائة خربشة امتدت من بداية آذار إلى نهاية أيار.
في أيام الكورونا لا شهية للطعام عموما ويبدو أنها - أي الكورونا - تسد النفس ، وهكذا يتذكر المرء أيام السينما وبعض الباعة ينادون " خبز بيض جبنة فلافل" و " قهوة شاي عسيس بارد عسيس مثلج" وفطورنا غالبا حمص وفول وجبنة وبيض و..
كما لو أننا في الحجر الصحي صرنا " سيزيفيين" نمارس رفع الصخرة إلى الأعلى ليدحرجها الفايروس ونرفعها من جديد : إغلاق ، تمديد إغلاق ، إغلاق جزئي ، إغلاق لأيام ، في رواتب ، ما في رواتب و ...
صباح الخير
خربشات
١٣ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : حالة مثل مؤخرة حمودة (٢١) :

حول إلي الشاعر راضي عبد الجواد نكتة عن الفتح والإغلاق والتذبذب بينهما ملخصها أن فتاة اتصلت بأبيها تطلب منه أن يحضر معه الموز لأن أخاها حمودة أصيب بإسهال ، فلما أكل حمودة الموز أصيب ، بعد ساعة ، بالإمساك ، فاتصلت الفتاة بأبيها ثانية وطلبت منه أن يحضر الشمام ، والسبب أن حمودة أصيب بالإمساك.
النكتة أقرب إلى التشبيه التمثيلي ، فنحن في الأسابيع الأخيرة عشنا حالة مد وجزر بين إغلاق وفتح - فتح المحلات ، لا حركة فتح.
شريط ثان حوله إلي الصديق المحامي ماهر فتحي بسطامي يبين حالة بعض التجار في مدينة رام الله ، فالتاجر الذي يشكو ويصرخ بصوت عال يقسم أنه يحرك السوق ب 15 مليون شيكل ، ولكنه لا يملك في جيبه سوى 20 شيكلا ، ويضع اللوم على البنوك ، فهي لا يهمها - كما قال - إلا المرابح ، ويعلن المتحدث أنه ليس ضد السلطة الفلسطينية أو حكومتها ، فهو يحترم الدكتور محمد اشتية ويضعه على رأسه.
أول أمس تتبع فلسطيني بسيارته سيارة فلسطينيين تحمل رقم السلطة وهي تسير في تل أبيب وتقف في يافا ، وزعم الرجل - ولست متأكدا - أنها سيارة مسؤولين في التنسيق الأمني ، ولم يبرهن بالدليل القاطع.
كل الحق على حمودة المصاب بالإمساك والإسهال في اليوم نفسه . كل الحق على الموز والشمام.
حالة تعبانة يا ليلى . رواتب ما فيش . حركة ما فيش.
صباح الخير
خربشات
١٤ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : في زمن الجوائح يصبح عداد الحساب مختلفا (٢٢)

مع أنه كان يفترض ان يكون يوم أمس ، الثلاثاء ، يوم إغلاق شامل للسيطرة على " الكورونا" ومحاصرتها والحد من انتشارها ، لأنها عدت وباء ، إلا أن سكان نابلس لم يلتزموا بأوامر الحكومة.
المدينة فتح مواطنوها محلاتهم وباعوا واشتروا ولو قليلا ، ف "الريحة ولا العدم " كما يقول المثل ، والجلوس في المتجر أو الدكان خير من الجلوس في البيت ونق سكانه وفتح دفاترهم القديمة والجديدة.
أبو حسين تساءل مندهشا عن سبب الغيرة بين سكان المدن دون مراعاة الظروف الخاصة المختلفة لكل مدينة . نابلس تتساءل:
- لماذا لم يفرض الإغلاق الشامل على طولكرم ؟
وعندما تسير على خطى طولكرم تتساءل الخليل:
- لماذا كسرت نابلس الحصار؟
" ولولا الغيرة ما حبلت الأميرة".
الأسواق تقول إن الإغلاق كان " فشنك " - يعني " فالصو " ويعني " فش إغلاق " ، ومؤخرة حمودة تغلبت على الإمساك ، فخرج الناس من بيوتهم وساروا في الأسواق وانتشروا في الأرض.
وأنا جالس على الشرفة في شقتي كان البائع المتجول ينادي من سيارته :
- الكورونا تشدد الحصار والتلاوي يرخص الأسعار . كيلو الجبنة بعشرة ومرتبان اللبن بخمسة وشوال البصل بعشرة.
وصارت كلمة "شوال" و" شوالات" تذكر بكيس الخيش الذي عرفناه في بداية الاحتلال ١٩٦٧ وب " كيس الخيش" الذي كتب عنه اميل حبيبي في روايته " المتشائل".
وأنا عائد إلى المساكن الشعبية قلت للسائق حتى لا ينتظر طويلا:
- أنا أدفع أجرة راكبين فانطلق.
في فترة الحجر الصحي الأول لم تسمح السلطة لسواقي السيارات بأن يقلوا أكثر من راكبين ، فاضطر السواقون إلى رفع أجرة الراكب ، وعندما عادت الأمور إلى طبيعتها وسمح لهم بأن يقلوا أربعة ركاب عادت الأجرة كما كانت في السابق ، وعندما أصر السائق على رفع الأجرة شرحت له أنه سيأخذ أجرة أربعة ركاب . لماذا لم أدفع له ما طلب وأغض النظر ، فأوضاع السواقين وسيارات العمومي بالويل؟
أحيانا يرتكب المرء حماقات عديدة ، وغالبا ما أدفع للسواقين ما يطلبون كأن أعطيه 10 شواكل وأقول له اخصم ما تريد ، وسلوكي هذا جعل بعض الركاب يلومونني بحجة أنني أشجع على الاستغلال ، فإذا كنت أملك المال فإن غيري لا يملكه؟
سبحانك وأنت لا تسأل عما تفعل:
- لماذا جعلت لأحد الأخوين 99 نعجة وللثاني نعجة واحدة؟
هل يعد فشل التجربة الاشتراكية خير جواب على سؤالي؟
لقد اعترف إخوة يوسف بما فعلوا فغفر لهم . ترى ماذا كان سيفعل لو تمادوا في إنكارهم ، وأنا لست يوسف ، ومرة كتبت قصة عنوانها " لماذا كنت يوسف ؟ من قال إني كنت يوسف؟"
في زمن الكورونا نحصي الإصابات وعدد الموتى ، وفي الحرب نحصي عدد الطائرات والصواريخ والقتلى والجرحى والأسرى ، وفي الحالات كلها نحصي عدد الشيكات المرتجعة والخسائر الاقتصادية.
الله المستعان به.
صباح الخير
خربشات
١٥ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : حالة مثل قاع الكيلة (٢٣)

لا جديد سوى تراكمات للأيام السابقة ، وسواقو سيارات العمومي ومثلهم سيارات المكتب ينتظرون الركاب الذين يمشون في الأسواق ، فالمدينة ، دون طلاب الجامعة ليدرسوا في جامعتها ، ودون تردد الريفيين عليها ليتبضعوا من أسواقها ، تعاني من كساد تجاري ، حيث تقل حركة البيع والشراء وبجلس أصحاب المحلات التجارية أمام محلاتهم يمعنون النظر في الفراغ . سواقو العمومي يتلقفون الركاب ويقلونهم صامتين.
لم يبق لعيد الأضحى سوى أسبوعين وتبدو المدينة كما لو أنها خارجة من عيد ، وليس ثمة بوادر لصرف رواتب الموظفين عن الشهر السابق وبقية الشهر الذي سبقه ، ولا أحد يتعلم . مرة قال الدكتور سلام فياض إن الشعب الفلسطيني مدين للبنوك ، قروضا لثمن سيارات ، ب ٣٠٠ مليون دولار ورحم الله أيام ستي وسيدي حيث لا أثمان كهرباء ولا فواتير مياه ولا أقساط رياض أطفال ومدارس خاصة ، وأمس قررت بعض المدارس الخاصة أو رياض الأطفال خصم نسبة ٢٥ بالمائة من الرسوم المقررة على الفصل الثاني من العام الماضي أو أنني لم أحسن الإصغاء.
غالبا ما أحتج على وجود مدارس خاصة وغالبا ما أحتج على إرسال الأطفال الذين أمهاتهم ربات بيوت ، غالبا ما أحتج على إرسال أطفالهم إلى رياض الأطفال.
مصاريف . مصاريف والصحفي الصديق محمد دراغمة Mohammed Daraghmeh كتب أمس يحث الناس على الالتزام بالبقاء في البيت لأسبوعين ، حتى لو أكلنا زيتا وزعترا فقط ، وإلا فالكارثة قادمة.
حسب قرار الحكومة فإن الإغلاق الشامل يفترض أن يطبق ابتداء من اليوم الخميس حتى صباح الأحد ، ولمدة اسبوعين ، وأشك في إمكانية التزام الناس.
كنت أشرت إلى ما أرسله إلي الصديق Ghassan Safarini سفاريني على الواتس اب وهو أن الفايروس كوفيد يئس من الشعب الفلسطيني لأنه لا يلتزم بالبقاء في البيت " أنتم الشعب الفلسطيني الله - سبحانه وتعالى - " انجأ" - أي بالكاد - يستطيع أن يضبكم من الشوارع " والنقل ليس حرفيا.
لماذا تريد الحكومة العالمية زرع شريحة في أجسادنا وكلنا يملك جهاز تلفون أو بلفون تتحكم فيه شركات الاتصالات تحكما تاما؟
صباح الخير
خربشات
١٦ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : عودة إلى الإغلاق الشامل (٢٤)

اليوم الجمعة وغدا السبت إغلاق شامل . هكذا عمم أمس ولا أعرف إن كان سيلتزم به . يعني إن حمودة أصيب بالإمساك ثانية ولا بد هذه المرة من شمام حتى تتيسر أمور مؤخرته ، وفي الإغلاقات السابقة كان الشمام موجودا وأظنه لا ينقطع في بلادنا ، فالشمام متوفر دائما ويتخذ أشكالا عديدة ؛ من كرت غوار إلى التذاكي والكذب والتظاهر بما ليس في الواقع.
كثيرون يبرزون بطاقات السلطة ، وهذه كروت غوار و ( دايتون) وبقايا فتوة الفصائل وأيام الصداقة في السجون ، وكثيرون يبرزون بطاقات التأمين الصحي ، فالمتمارض يعاني من سكر وضغط وضيق في الشرايين ولديه اليوم موعد لإجراء عملية ، وكثيرون لهم أقارب من طرفي الأب والأم في السلطة الوطنية ، وكثيرون علمونا في المدارس أو الجامعات ولا يعقل أن نحول بينهم وبين التنقل ، والحكايا كثيرة.
أشرطة أمس التي وصلتني غلب على قسم منها الصراخ والشتائم ، فنال رئيس السلطة الفلسطينية من الأخيرة ما ناله ، عدا أن قسما من الأشرطة كان مقتطفات من خطابات سابقة للرئيس يعبر فيها عن حقيقة وضعه في ظل اتفاقات ( أوسلو) ، وكان سعيد أبو النحس المتشائل في رواية اميل حبيبي " الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل" عبر عن تجربة اميل وقسم من الباقين على أرضهم في العام ١٩٤٨ . هل يسير الرئيس أبو مازن على خطى بطل حبيبي وخطى حبيبي نفسه . " لولا بقاؤنا على أرضنا لصارت فلسطين أندلسا ثانية ، فنحن من حافظنا على لغتنا وقرانا ومدننا...".
قسم آخر من الأشرطة يسخر من ظاهرة التعليم في زمن " ما بعد كورونا" ، ففي برامج س . ج . تغدو الولايات المتحدة الأميركية أكبر مدينة أوروبية ، وتغدو اللغة الرسمية للبرازيل اللغة العربية.
اليوم وغدا سوف آخذ بنصيحة الصديق Mohammed Daraghmeh ولسوف أفطر زيتا وزعترا وأكتفي بالبطاطا المسلوقة ، وأتمنى ألا يحدث معي ما حدث مع حمودة ومؤخرته : الإمساك.
صباح الخير
خربشات
١٧ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : " مش زابطة " ( ٢٥ )

الأوضاع في الضفة الغربية تزداد سوءا على الرغم من إجراءات الحكومة الإغلاق الشامل ، والنكتة التي أرسلها إلي الصديق Ghassan Safarini على " الواتس اب " من أن الفايروس غادر فلسطين لأن الشعب الفلسطيني لا يظل في البيت وأنه يفضل الشوارع ف " أنجأ الله يقدر عليه" لم تكن في مكانها وما حدث هو العكس ، فقد لاحق الفايروس اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفي بلدان الشتات وارتفع عدد الإصابات في الضفة الغربية . يعني خرج الفايروس ، حسب النكتة ، من الباب وعاد من الشبابيك ؛ شبابيك الوطن وشبابيك المنافي ، وألم بمؤخرة حمودة إمساك مزمن فلم يعد الشمام يجدي نفعا ، ولم تعد الكمامات ولا غسل اليدين وغسل الأموال أيضا ، ولا التباعد الاجتماعي أو الجسدي ، يكفي.
شخصيا صرت مصابا بحالة من الوسواس الخناس ، فقد صرت أغلي الماء قبل شربه حتى يزحلق الفايروس إلى المعدة مقبرته الحقيقية كما يقال ، وصرت أغسل يدي مائة مرة في اليوم لدرجة بت فيها أخشى من تسبيب أزمة مياه في المدينة والضفة وقد تطال المستوطنات الإسرائيلية ، ما يدفع الدولة الإسرائيلية بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية لاعتقالي بحجة نهب المال العام والتفريط في استخدامه تفريطا يصل حد السوء البالغ الذي يضر باقتصاد الدولتين ؛ الإسرائيلية والفلسطينية .
صباح الخير
خربشات
١٨ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا: الشعب وخلاف ، غير لغوي ، مع الحكومة (٢٦)

أمس مساء في السابعة أصغيت إلى الناطق الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية يتحدث عن سياسة الحكومة للأيام القادمة ، بعد إغلاق شامل ليومين ، وفي السادسة كنت أزور جارا لي وقع عن الحصان ، فسقط الحصان عليه ، ما ذكرني بقصيدة محمود درويش " سقط الحصان عن القصيدة " ومنها " وأنا سقطت مضرجا بدم الحصان " ولكن الحصان لم ينزف دما ، فمن كسر ساقه هو الجار . ولاحظت أن الحضور كلهم ينتظرون ما سيعلن عنه الناطق الرسمي . صار الصديق ابراهيم ملحم الذي زاملته في ٨٠ ق ٢٠ في جريدة " الشعب " المقدسية علما بارزا ينتظره سكان الضفة الغربية كل مساء و...
لفت انتباهي في حديث الزميل القديم نطقه لفظة " الكمامة " ، ما جعلني أعود إلى المعجم الوسيط لأتأكد من صحة نطقه ، كما لو أن الخلاف مع الحكومة صار خلافا لغويا ، وخلاف محمود درويش مع ياسر عرفات لم يكن خلافا لغويا " خلاف ، غير لغوي ، مع امريء القيس " ، وخلاف الشعب مع الحكومة ليس خلافا لغويا . إنه خلاف اقتصادي بالدرجة الأولى . خلاف رواتب ودعم مادي و ... و..
نطق الزميل لفظة " الكمامة " بكسر الكاف وعدم وضع شدة على الميم الأولى ، والمواطنون كلهم يلفظونها " كمامة " بفتح الكاف ووضع شدة على الميم الأولى.
عندما قرأت معنى الكمامة - بكسر الكاف وعدم وضع شدة على الميم الأولى - ونطق الناطق الرسمي صحيح - تساءلت إن كان المواطنون ، بعد أن يعرفوا المعنى المعجمي لها ، سيغطون أنوفهم وأفواههم بها .
تعني " الكمامة " الآتي:
تكمم بثيابه : تغطى به.
الكمام بكسر الكاف وعدم وضع شدة على الميم الأولى هو ما يكم به فم البعير لئلا يعض أو يأكل . والكمام المخلاة تعلق على رأس الحصان.
الكمامة : الكمام . الكمامة وعاء الطلع وغطاء النور - بفتح النون والواو - والكمامة ما يجعل على أنف الحمار أو البعير لئلا يؤذيه الذباب ، وجمعها كمائم.
كان خلاف الإناث معي أنني أنثت الفايروس وجعلت اللازمة لمقالاتي " الست كورونا " ، وهو خلاف لغوي يكمن وراءه خلاف فكري جندري.
هل خلافنا مع الحكومة خلاف لغوي؟
الحق ، كل الحق ، على المفتي والاستشراق الألماني ممثلا بالدكتورة ( انجليكا نويفرت ) التي عزت الخلاف بيننا وبين الحركة الصهيونية - وهي تحلل قصيدة محمود درويش " عابرون في كلام عابر " - إلى خلاف لغوي " فجعلت عنوان دراستها " حواجز لغوية بين جيران".
دبرها يا مستر دل ، والحق ، كل الحق ، على المفتي .
صباح الخير
خربشات
١٩ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : السيدة المصابة بالكورونا إلى جواري (٢٧)

قبل أيام سألني أحد معارفي ، وهو يعقب على إحدى يوميات " الست كورونا" ، إن كنت أعرف أحدا ممن أصيبوا بالكورونا ؛ قريبا أو جارا أو في حارتي أو العمارة التي أقضي فيها بعض الوقت.
سبب توجيهه السؤال هو أنني لا أنفي شيوع الجائحة ، في حين يرى هو أنها مفتعلة لتمرير أجندة معينة أو حلول ما أو... إلخ.
ولما كنت لا أعرف أحدا أصيب بها ، فقد كانت إجابتي تعتمد على أدلة ظاهرة منها مثلا أن الأوروبيين المولعين بكرة القدم حد العبادة ، مع أن دينهم " سكر خفيف " ، ما كانوا ليجروا المباريات دون جماهير ، ومنها أن اللجنة التي تقدم تقريرها لرئيس وزراء السلطة الفلسطينية تتكون من ١٧ طبيبا تقريبا ، ولا يعقل أن يكون هؤلاء بلا ضمير أخلاقي أو أن يكونوا مرضى نفسانيين همهم خراب بيت شعب كامل من خلال تعطيل أعماله وتخريب حياته و .. و .. .
أمس وأنا في سيارة العمومي جلست إلى جانبي طالبة توجيهي هي ابنة جاري وامرأة ثانية ترتدي الملابس الشرعية وعلى فمها وأنفها كمامة ، وكان السائق يضع الكمامة على ذقنه لا على فمه وأنفه.
ولأن الحديث ذو شجون ، فقد عرفت من ابنة جاري أنها نجحت في امتحان التوجيهي وأنها ستدرس الرياضة في جامعة النجاح الوطنية ، مع أن معدلها ٨٩ ويمكنها من دراسة الأدب أو التجارة.
المرأة المحجبة التي أصغت إلى الحديث الجاري ، وكانت صعدت بعد أن سارت بنا الحافلة مسافة كيلومتر ، تدخلت في الحديث وقالت للسائق الذي يعتقد بأن الكورونا مفتعلة ، مع أنه فضل أن يصلي الفجر في البيت لا في المسجد خوفا ، قالت له إنها كانت مصابة بالكورونا وأنها أنفقت مدة ١٨ يوما في الحجر الصحي في فندق القصر ، ثم أنفقت ، حاجرة نفسها ، مدة ١٤ يوما في البيت .
بطريقة لا إرادية وضع السائق الكمامة على فمه وأنفه ، وحين همت طالبة التوجيهي بالهبوط من الحافلة ، عقب:
- لقد أرعبت الشابة ، فنزلت من السيارة.
المرأة تحدثت بشجاعة وقالت إنها لا تخفي قصة إصابتها وإنها لا تتردد في روايتها ، وأضافت إن الكورونا ليست مخيفة أو مرعبة والمصاب بها يحتاج إلى وعي وإرادة لمقاومتها.
هل وضعت شخصيا الكمامة التي في حقيبتي ولا أستخدمها إلا عندما أدخل إلى الجامعة أو إلى البنك؟
إلى أصدقائي وأقاربي ومعارفي أقول:
- لا تقتربوا مني فقد تكون العدوى انتقلت إلي وقد أكون مصابا بالكورونا .
الوحدة عبادة ولا يأتي من الآخرين إلا وجع الرأس ، وكلما اتصل بي معارفي لحل مشكلة يمرون بها وقعت في مشكلة معهم . ألم يقل ( سارتر ) إن الآخرين هم الجحيم؟!
صباح الخير
خربشات
٢٠ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : الشرطة والكمامة والنساء العجائز (٢٨)

كان السوق الشرقي في نابلس أمس في الحادية عشرة صباحا على غير عادته . كان المشترون قليلين وكان الباعة يقفون ينتظرون . كما لو أن أمس كان يوم إغلاق ، وكما لو أن الإمساك عاد وأصاب حمودة .
أمام حلويات الأقصى حيث أخذت أنتظر السدر الجديد من الكنافة كان الزبائن أيضا قليلين ، وفي هذه الأثناء مر الشرطة يسألون الناس عن الكمامة ، ولما كنت دونها ، فقد سألني الشرطي عن سبب عدم ارتدائها ، فأجبته بأنها في الحقيبة وإنني أحرص على التباعد الجسدي ، فصمت وتابع ، مع الشرطيات الثلاثة اللاتي كن يرافقنه ، سيره.
في المساء شاهدت شريط فيديو يتحدث فيه مواطن عربي من دولة اسكندنافية يرينا أن الحياة في هذه الدولة عادت إلى طبيعتها ؛ فلا كمامة أو كمائم ولا تباعد جسدي والناس يحتسون البيرة والنبيذ والمشروبات الساخنة و ... ويضحكون بفرح ودون خوف.
في المساء وصلتني ثلاثة أشرطة صوتية ؛ الأول لواعظ ينصح المقبلين على الزواج من الرجال كبار السن أن يقترنوا بشابات صغيرات ، لا بطاعنات في السن ، فصغيرات السن لا تقترب الكورونا منهن ، بخلاف كبيرات السن ، والشريطان الثاني والثالث لامرأتين كبيرتين متزوجتين تدعوان على الرجل الذي سيخرب بيتهما ؛ فماذا تفعلان وأين تذهبان ، إن تزوج زوجاهما من شابات صغيرات.
الأشرطة الثلاثة أعادتني إلى كتاب " قطر الندى وبل الصدى " لابن هشام ، ففيه كنت قرأت قول الشاعر :
" لقد رأيت عجبا مذ أمسا
عجائزا مثل السعالى خمسا
يأكلن ما في رحلهن همسا
لا ترك الله لهن ضرسا
ولا لقين الدهر إلا تعسا "
والسعالى جمع سعلاة وهي الغول .
ويبدو أن عادة تهكم الرجال العرب على نسائهم حين تكبرن وتهديدهن بأنهم سيتزوجون من شابات صغيرات خرج من هذه الأبيات.
لماذا لم أضع الكمامة علما بأنها في الحقيبة.
كلما صعدت إلى حافلة أصغيت إلى حوار بين السائق والركاب عن سعر الأجرة .
فيروز تغني الآن " يا أهل الدار طلوا وطلوا الحبايب ، شعلانة الدار والسكر قلبه دايب " . وقلوبنا " دايبة " من غير كورونا ، فكيف هي في زمن الكورونا ؟ وكيف إذا اجتمع التخلف والاحتلال و " حسن جيرة الإخوة " وفتح البيوت في غياب أصحابها؟
أمس كان الاثنين ، وكانت صالونات الحلاقة مغلقة ، وأول أمس كانت أيضا مغلقة ، وأمس اشتريت ماكنة حلاقة بمائة شيكل وحلقت ما تبقى من شعر رأسي.
صباح الخير
خربشات
٢١ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : نصائح سائق الباص و ( ترامب) و ( نتنياهو) (٢٩)

هل اختلفت أمس نصائح سائق الباص عن نصائح رئيس الولايات المتحدة الأميركية ونصائح رئيس الوزراء الإسرائيلي؟
يوميا تقريبا أصغي إلى راديو " أجيال " وإلى السيدة ميسون مناصرة مقدمة أحد البرامج الصباحية فيه تنصحنا بلبس الكمامة " كمامتك بتحميني وكمامتي بتحميك".
الكمامة صارت مثل الواقي الذكري في زمن انتشار مرض الإيدز وأكثر .
أول ما صعدت الباص اشترط علي السائق ارتداء الكمامة ولما لم يكن هو يضعها على فمه وأنفه ، فقد سألته عن سبب عدم تكميم فمه وأنفه .
السائق الذي كان يدخن لم يكن حازما ، فبعض الركاب صعدوا وجلسوا في الباص دون أن يظهروا الكمامة ، لا بأيديهم ولا على ذقنهم ، وكان هو يضع كمامته إلى جانبه ليرتديها لحظة اقترابه من الشرطة.
ثمة حديث عن موجة ثالثة من الكورونا وقد تكون عنيفة ، والرئيس الأميركي ( ترامب ) ومثله رئيس الوزراء الإسرائيلي ( نتنياهو ) نصحا مواطنيهما بالكمامة ، وكان الأخير ، وهو يتحدث ، يتحدث من وراء جدار / كمامة ، ولم يكتف بذلك ، فقد وضع الكمامة على مجسم ( ثيودور هرتسل ) صاحب فكرة الدولة اليهودية . حتى لو ثيودور كان حيا فإنه لن يتوانى عن الالتزام بالتعليمات . هذا ما استطاع ابن أختي Anwar Mazen أن يفهمه من حديث ( نتنياهو).
القدس وأريحا تعانيان من ارتفاع أعداد المصابين ، ولهذا تم إغلاق الأخيرة لفترة.
الكل يشكو وكثيرون ينفقون بسخاء وحديث السيد رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد اشتية عن المساعدات كان موضع سخرية وتهكم من بعض المواطنين؟
صندوق وقفة عز قد يتجدد . قد !!
يقترن جواب الشرط بالفاء إذا وقع في جملة:
اسمية طلبية وبجامد وبما ولن وقد والسين والتسويف.
إن نجونا من الست كورونا فسوف ... ولا تقل لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ، و .. إن نجونا من الست كورونا!!
صباح الخير
خربشات
٢٢ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : حقوق المؤلف (٣٠)

كم مليون دولار ربحت من وراء طباعة كتبي؟
بالاتفاق مع دار نشر " خطوط وظلال " في الأردن لطباعة كتابي الأخير " الست كورونا " فإنني سوف أحصل على مردود مقداره عشرون نسخة ، وأغلب الظن أنها لن تصل إلى نابلس إلا إذا عادت المياه في العالم ، بسبب الست كورونا ، إلى مجاريها ، والطريف أن المياه نادرا ما تعود إلى مجاريها ، وإنما تعود إلى المجاري ، فنحن عندما نشربها نحولها إلى ما قد يضر أكثر مما يشفي ، لافتقاده خصائص بول البعير الشافي والكافي ؛ بول البعير الذي كان " كلاس" منه - أي كوب ، مع ( كلاسين ) - أي مع كوبين - من الحليب ، تكفي للشفاء من الست المذكورة.
وبخصوص الوصفات التي ادعى أصحابها فيها أنها خير علاج للفايروس كوفيد ١٩ ، فإنها كلها مشتركة لم تقدم ، فأعداد المصابين والمصابات بارتفاع ، وهو في فلسطين بمتوالية هندسية.
هكذا لم يفلح الثوم والليمون والشلولو وحبة البركة واليانسون - وال يتذكرون - هكذا لم تفلح جميعها بالتخلص من الوباء / الجائحة ، أو التقليل من حرية حركته التي قللت من حرية حركتنا.
آخر أخبار اللقاح أنه سيكون من إنتاج روسي ، أو من إنتاج شركتي أدوية أميركية - ألمانية ، ومن بلاد الكفار يأتي الخبر ويأتي الخير اليقين ، بعدما جاء من بلادهم الفايروس والشر اللعين.
في السوق اليوم ، في مدخل موقف سيارات طولكرم القديم الذي كان كذلك قبل ثلاثة عقود وأكثر ، كان الشاب يحذر اصحابه التجار من الشرطي ورفيقاته الشرطيات الحاثين الناس على وضع الكمامة ، ولا أعرف إن كان الشرطي كتب مخالفات لعدم مرتدي الكمامات تقليدا لدولة أبناء العمومة.
بدأت أجواء المدينة تذكر بأجواء العيد ، فحركة البيع والشراء تنشط بشكل لافت.
في نشرات الأخبار تستمع إلى إحصائيات المصابين والمتعافين والداخلين إلى غرف العلاج بالأجهزة . القدس تتميز بارتفاع أعداد مصابيها ، مثلها مثل إيران التي لم تحل العتبات المقدسة فيها وفي كربلاء بطرد الفايروس ، ويبدو أن المؤمنين أشد بلوى فهم الأكثر صبرا.
هل أنكر أنني أمشي في الأسواق وأنا شبه متوجس ، فآخر ما قرأته عن الست من أخبار أنها يمكن أن تنتقل بواسطة الهواء ومن خلاله وعبره أيضا ، وأنه ليس بالضرورة أن تصاب بها لمخالطتك شخصا " مكورنا".
الأجواء تموزية حارة وعوضا عن أن يختفي الفايروس بسبب الحر ، كما أشيع عنه في أيام الربيع ، فإنه تنامى وتكاثر وازداد.
هل هزم الطاعون في عكا نابليون وجنوده؟
بم يا ترى ستهزم إسرائيل وكمامة ( نتنياهو ) وكمامة ( هرتسل)؟
مساء الخير
خربشات
٢٣ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : أمثال شعبية جديدة ( ٣١ )

الصديق الكاتب الروائي Safi Ismael Safi صديق يتابع ما أكتب ويرسل إلي أحيانا بعض أشرطة فيديو أو يحول إلي بعض الطرائف أو يحاورني في بعض القضايا الأدبية . أمس مساء أرسل إلي فقرة تحتوي على أمثال شعبية جديدة ، نقلا عن صفحة Al Ayham Sayyed . الأمثال تبدو محاكاة لأمثال شعبية قديمة ، فالجديدة تسير على إيقاع قديمة ، والأمثال هي:
- عجوز دهر ولا مكورن شهر . المثل تحوير للمثل ( أعزب دهر ولا أرمل شهر ) .
- إذا الكورونا وصلت لجارك اوعك تطلع من دارك . و هو قريب من مثل عن المربعينية " إذا أجا كانون لا تطلع من بيتك يا مجنون ".
- يا ماشي على رجليك ما بتعرف مين بيعطس حواليك . " يا ساعي على رجليك ما بتعرف شو مقدر عليك".
- طول نهارك بالبيت محبوس منين أجاك الكورونا يا منحوس . وهو على غرار مثل يخاطب بعض الأفراد ممن يبالغون في التفكير بتحصيل الرزق ومنه " حوس حوس غير رزقك ما بتحوش".
هل أخذ بعض المهتمين بالجانب اللغوي يدرسون تأثير الجائحة وأيامها على اللغة والاشتقاقات الجديدة:
مكورن / كورن وما شابه؟
كنا من قبل أصغينا إلى زجالين ابتدعوا مقاطع زجلية وإلى شابات قلدن أغنيات شهيرة " عالكورونا الكورونا ... إلخ " ، وها هي ظاهرة التقليد تلامس الأمثال الشعبية.
الظاهرة اللافتة هي بلا شك ظاهرة ارتداء الكمامة ، والسؤال الساخر هو :
هل تتجمل الفتاة / الزوجة / المرأة ب ( الميك اب ) قبل وضع الكمامة أم بعد وضعها ؟ وربما تصدر فتاوى شرعية عن حكم تقبيل الرجل زوجته دون كمامة ، وربما تكتب في الموضوع رسائل ماجستير أو رسائل دكتوراه ، وهناك رسائل عن الفسو والضراط وتأثيره على الوضوء وما شابه.
الحياة تتجدد ، والماركسيون يرفضون مقولة " لا جديد تحت الشمس " وعندما قيل لاميل حبيبي إنه في روايته " الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل " لم يأت بجديد وإنه قلد رواية ( فولتير ) " كنديد " رد مبررا : إنها الحياة التي تكرر نفسها ، فهل كان حقا ماركسيا؟
صباح الخير
خربشات
٢٤ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : بلادة أم تبالد أم.... (٣٢)

هل مللنا من الحديث عن الكورونا ووصلنا إلى مرحلة البلادة ، فلم نعد نكترث لها ، علما بأن أعداد المصابين بها في ازدياد؟
أمس مثلا قبعنا في بيوتنا وهيأنا أنفسنا لفعل الشيء نفسه اليوم السبت ، فقد صار معروفا أن المنع الشامل مفروض في هذين اليومين.
حين تجتمع على سبيل المثال مع بعض معارفك أو أقاربك فإنكم نادرا ما تأتون على ذكرها ، وإن أتيتم يكن الحديث عابرا . الكورونا تقتلنا والإسرائيليون قتلونا وطردونا من ديارنا واحتلوا ، في عام النكسة ، ما تبقى من أراض لم يحتلوها في عام النكبة . هل هم كما كتب عنهم محمود درويش " عابرون في كلام عابر"؟
في الأغوار شاليهات يقال إنها لم تخل يوما من زوار ، وهذا يعني أن بعض الناس يعيشون في بحبوحة من العيش . صحتين وعافية فقد لا ينجون من الموجة القادمة في الشتاء القادم . إنهم يدفعون بسخاء ويمزحون ويضحكون وقد يرقصون ليجعلوا الحياة في ظل الكورونا محتملة ، علما بأن حياتنا تحت الاحتلال وبسبب التخلف تبدو غير محتملة ، وإن عودنا أنفسنا على احتمالها . هل نحن بلداء أم نتبالد؟
في " يوميات سنة الطاعون " ل ( دانيال ديفو ) كتابة عن رغبة الناس في الحياة ، فعلى الرغم من انتشار الوباء إلا أن قسما من المواطنين واصلوا حياتهم وهربوا إلى الريف ليستمتعوا بجماله ، ونحن لسنا استثناء ، وكان اميل حبيبي يقول إننا لسنا أفضل الشعوب ولكن لا يوجد شعب أفضل منا - يعني كلنا في الهواء سواء وفي الطاعون والكورونا نتصرف كما يتصرف غيرنا ، وقبل أيام بث مواطن عربي من دولة اسكندنافية شريطا أظهر لنا أن الشعب هناك عاد يمارس حياته العادية .
صباح الخير
خربشات
٢٥ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : المسجد الأقصى أجئت تزوره أم (٣٣)

مضى يوم الجمعة ٢٤ تموز دون أن يصلي الفلسطينيون بعشرات الآلاف ، كما هي العادة في مثل هذا الوقت ، في الأقصى ، وفي هذا العام لن يحج المسلمون من خارج أراضي المملكة العربية السعودية ، ولا أعرف إن كان الرئيس الأميركي سيؤدي فريضة الحج هذا العام أم أنه سيسري عليه ما سيسري على المسلمين من خارج أراضي السعودية!
عام الكورونا عام بلا حج ، وعام بلا صلاة أكثر أهل فلسطين في الأقصى - كما لو أنها صلاة في التاسع من حزيران ١٩٦٧ - ، وأسواق البلدة القديمة من القدس ستبدو خاوية ، ومن المؤكد أن التجار هناك سيصابون بالكآبة ، فكيف إذا اجتمعت الكورونا - والإصابات في القدس في ارتفاع - والاحتلال وموجة حر لم تشهدها فلسطين من أعوام طويلة ، كما يقال.
أمس غطى خبران على أخبار الست كورونا ؛ اعتقال ٢٠ من نشطاء الحراك ، ووفاة شاب فتحاوي من بلاطة برصاص قوات الأمن الوطني الفلسطيني .
عيد ثان بطعم الكورونا ، وهذا يعني أن علينا أن نلتزم بأوامر الست فيروز " خليك بالبيت".
وإن كان لكل حدث أو موضوع أو شخص أو حقيقة وجهان ، فإننا سنربح من وراء البقاء في البيوت النظافة - أي أن ننظف بيوتنا حتى نرد على ( فرانز كافكا ) وما ورد في قصته " أبناء آوى وعرب " . هل كان ( كافكا ) صهيونيا بسبب ما ذهب إليه في هذه القصة؟
عدم النظافة والقذارة تجري في دم العربي ، يقول أبناء آوى ، ولهذا فالعداء بينهم وبين العرب عداء في الدم.
هل ما سبق يعبر عن عنصرية؟
لينظروا إلى بيوتنا في الداخل وليروا نظافتها ونظافة نسائنا ، وفي فترة انتشار الكورونا الأولى تحدث أميركيون عن النظافة التي يدعو إليها الدين الإسلامي.
ثمة صحفي أميركي تساءل عن سر نظافة بيوتنا من الداخل وسبب عدم نظافة الفضاء الخارجي . لعله ( روبرت فيسك)!
في ثلاثينيات القرن العشرين زار أمير سعودي نابلس وواصل طريقه إلى القدس ، فخاطبه الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود قائلا:
المسجد الأقصى أجئت تزوره
أم جئت من قبل الضياع تودعه؟
وربما خاف الأمير من انتشار وباء الكورونا ، لا من العصابات الصهيونية وما تهدف إليه ، فبكر في زيارته ! ربما!
صباح الخير
خربشات
٢٦ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : ضاقت أخلاق الرجال فانطلق الرصاص ودبت الفوضى (٣٤)

منذ أيام احتفل أهالي بلاطة البلد بنتائج امتحان التوجيهي . هنأ المواطنون أهالي الناجحين غير عابئين بالكورونا والتحذيرات من الآثار الجانبية للتقارب الجسدي ، فباغتتهم الكورونا في عقر دارهم وأصابت عددا لا بأس به منهم ، ما أدى إلى إغلاق القرية.
ضاقت أخلاق الرجال - أو أنها الضرورة - فأراد بعض أصحاب المحلات فتحها ، وتم الاتفاق مع محافظ المدينة وحدثت بلبلة فأطلق عنصر من عناصر الأمن الوطني النار على أمين سر حركة فتح السجين السابق في سجون الاحتلال والقابع فبها كما عرفت ثلاثة عشر عاما ، فأصابت الرصاصة فخذه وظل الدم ينزف حتى فارق ابن الرابعة والخمسين الحياة ، ولم تهدأ الأحوال.
أمس مساء ، وأنا أريد العودة إلى بيتي ، كان الشارع الرئيس المؤدي إليها ، مثل شوارع أخرى رئيسة في الاتجاه نفسه ، مغلقا ، ما جعلني أظل في المدينة أبيت فيها.
ثمة فوضى وثمة مواطنون كثر كانوا في حيص بيص والساعة تقترب من الثامنة مساء ، وهذا هو موعد الإغلاق الليلي.
كما عرفت فإن سبب إغلاق الشوارع كان طعن عنصر من عناصر الأمن الوطني الفلسطيني ، ودبت النار " في الخيام ، وارموا كروتة التموين ، فلا صلح ولا استسلام إلا بتحريرك فلسطين " ، وهذا هو نص أغنية من أغاني الثورة الفلسطينية في أيام انطلاقها ، قبل مشروع الجبهة الديموقراطية في العام ١٩٧٤ بحل الدولتين ، وقبل ( أوسلو ) ١٩٩٣ و .. و .. انتفاضة الأقصى و .. إلخ .. إلخ.
الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مناطق السلطة الفلسطينية ليست على ما يرام ، وعندما قرأت ما كتبه الصحفي Mohammed Daraghmeh قبل أيام قليلة عن حوادث إطلاق النار والشجارات لأسباب تافهة قررت أن أتسامح في أمور وقضايا ما كنت لأتسامح فيها.
الجو حار جدا وتموز هو تموز وأكثر والدم العربي في هذه الأيام يغلي ، والأسباب كثيرة ، ويبدو أن العاقل هو من يقلل من الاختلاط ويؤثر العزلة والوحدة ، لا بسبب الكورونا وحدها.
هل صحيح أن " الجنة بلا ناس ما بتنداس " كما يقول المثل.
سبحانه وتعالى ، فهو في ملكوته وحيد لا شريك له ، ومن يشرك به فالنار مثواه ، أما " إذا آمن بالحزب الواحد فالجنة مأواه" والكلام الأخير للشاعر مظفر النواب.
الأجواء حارة وبعض معارفي يكررون على مسامعي كلمة " شوب " فأسمعها " شو أب " وأتذكر زيارتي لبراغ.
صباح الخير
خربشات
٢٧ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : الخليل و دعابات ومحاكاة ( ٣٥ )

كان لمحافظة الخليل في العامين الماضيين التأثير الأكبر في صياغة الواقع الفلسطيني ؛ فقد رضخت السلطة الفلسطينية لها ، حيث أجهضت مشروع الضمان الاجتماعي ، وكان لانتشار الكورونا فيها نصيب لا بأس به.
أهل الخليل حاضرون عموما في المخيلة الشعبية الفلسطينية باستمرار ؛ التجارة والشطارة وإقراء الضيف وكثرة التكايا وإطعام الفقراء و ... وعدم وجود سينما أو مسرح في المدينة خوفا على الأخلاق ورغبة في عدم انتشار الرذيلة ، ثم إن مدينة بيت لحم قريبة وكانت فيها دور سينما يتردد عليها بعض أهل الخليل و...
دعابة أمس كانت من نصيب " الخلايلة " فوزيرة الصحة الدكتورة مي كيلة كتبت رسالة إلى أهل الخليل" نصها:
" شكرا على التزامكم"
وعقب عليها المواطن Husam DWK :
علي طلاق ما لتزمنا .. معقول في خلايلة غيرنا " - طبعا تحتمل رسالة الوزيرة قراءتين ؛ جادة وساخرة ، فالمعروف أن أهل الخليل لم يلتزموا بتعليمات الحكومة ووزارة الصحة.
ويبدو أن الخلايلة بعدم التزامهم ينطلقون من منطلق أن من يخاف من شيء " يطلع " له ، فالأستاذ الشاعر والمترجم السوري خالد جميل الصدقة ، كما أرسلت إلي الصديقة الفيسبوكية تغريد المحتسب ، توفي في الكويت ، وكان في نيسان كتب قصيدة يصف فيها الكورونا بأنها إنذار رباني لانتشار الموبقات . القصيدة كانت محاكاة لمعلقة عمرو بن كلثوم . لقد توفي الشاعر بالكورونا بعد شهر من نظم قصيدته التي منها:
" ألا هبي بكمام يقينا
رذاذ العاطسين وعقمينا
فنحن اليوم في قفص كبير
وكورونا يبث الرعب فينا
إذا ما قد عطسنا دون قصد
تلاحقنا العيون وتزدرينا
وإن سعل الزميل ولو مزاحا
تفرقنا شمالا أو يمينا "
والطريف أن أهل الخليل لم يخافوا الكورونا ف "طلعت " لهم.
في الفترة الأخيرة من انتفاضة الأقصى افتخر الخلايلة بأن محافظتهم ، بسبب النظام العشائري فيها ، كانت الأكثر تماسكا ، وأنا ضد النظام العشائري لا ضد أهل الخليل.
هات حلها يا حضرة المفتي . هل الحق كل الحق على المفتي لأنه استقدم قسما من أهل الخليل إلى القدس؟
صباح الخير
خربشات
٢٨ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : أجواء العيد وقوة الحياة (٣٦)

يبدو أن قوة الحياة والرغبة فيها أقوى من الست كورونا ، وربما يتذكر المرء هنا قصة غسان كنفاني " زمن الاشتباك " أو الصغير يذهب إلى المخيم " فالرغبة في الحياة أكبر من القيم والصداقة والقرابة والكرامة ، إذ الكل مستعد لأن يكذب مقابل تحقيق رغباته . في زمن الاشتباك ، يقول السارد ، تأتي الفضيلة لاحقا ، لأنه بلا حياة لا قيمة للفضائل كلها . وربما تذكر المرء أيضا بعض مقاطع " جدارية " محمود درويش ، ومنها " هزمتك يا موت الفنون جميعها " ... إلخ.
لماذا يتذكر المرء القصة وبعض أسطر الجدارية؟
ما عليك إلا أن تسير في شوارع نابلس لترى سير الناس في وسط المدينة حيث الصرافات الآلية وحيث محلات بيع الملابس . ومثل وسط المدينة الشوارع المحيطة بها . ثمة اكتظاظ وتدافع وإقبال على الشراء ، ما يعني أن الخوف من انتشار الوباء لا يعني للناس الكثير . إن ما يعني لهم الكثير هو الاحتفال بالعيد وعيش أجوائه والاستعداد له ثم يأتي الطوفان . هل ما ساعد على النشاط التجاري أمس هو صرف نسبة من رواتب الموظفين؟
أمس أعلن أيضا عن إقامة صلاة عيد الأضحى ، ولسوف تكون في الساحات العامة وملاعب كرة القدم على أن يحضر المصلون معهم سجاداتهم وعلى أن يتباعدوا جسديا ، فالضرورات تبيح المحظورات ، ولن يدعو الإمام إلى رص الصفوف ، وأغلب الظن أن الشياطين ستهرب من الفراغات بسبب الكورونا . هل تصيب الكورونا الشياطين ؟ وماذا عن الشياطين البشرية ، وما أكثرها ؟!
أمس ارتفعت أصوات المسجلات تبث دعاء العيد " الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا و ... إلخ ..إلخ " ، وكل عيد ونحن بلا كورونا.
صباح الخير
خربشات
٢٩ تموز

***

الست كورونا : نابلس أمس (٣٧)

كانت الحركة التجارية في نابلس يوم أمس مزدهرة ، وكانت الأسواق عامرة ، ومن كان يسير في الأسواق قال:
- إن الكورونا صارت ذكرى .
وربما أضاف :
- إن وضع الكمامة صار نوعا من العادة ، فقد ألفها بعض الناس وراقت لهم .
وربما الذين يقولون إن ظلالها - أي الكورونا - ما زالت موجودة هم أولئك الذين يفتقدون المقاهي والجلوس فيها أو أولئك الذين حددوا موعدا قريبا لعرسهم.
ولأنني اعتدت ألا أسير في الشوارع فترة طويلة ، فقد أفدت شخصيا من الجلوس في البيت بقراءة فصل من رسالة ماجستير ورسالة ماجستير كاملة قراءة نهائية لوضع اللمسات الأخيرة عليها.
غابت عن المراسلات معي أمس أشرطة الفيديو المتعلقة بالكورونا ، وحلت محلها بطاقات التهاني بعيد الأضحى المبارك ، وهي بطاقات زاهية مفرحة قسم منها مقاطع أغان لفيروز وأم كلثوم ومن المؤكد أننا الليلة سنصغي إلى صوت كوكب الشرق " أم كلثوم " : " يا ليلة العيد".
أنظر إلى الحديقة وأمعن النظر في الخروفين اللذين بقي لهما ٢٣ ساعة وبضع دقائق . إنها ساعاتهما الأخيرة وبعد ذلك ستمتليء بلحمهما البطون وسيأكل ( الذين آمنوا من طيبات ما رزقناكم) والقول من كتاب الله ، والضمير يعود إليه سبحانه وتعالى.
كم سنة هجرية مر على إعدام الرئيس العراقي صدام حسين؟
ومنذ سنوات وأنا أفكر في الكتابة عن رواية الكاتب التركي الساخر عزيز نيسين " سرنامة : وقائع احتفال رسمي " فقد كنت أقرأها في فترة إعدام الرئيس العراقي ، وهي تأتي على حفل إعدام ، وقد ذكرتني ببطل رواية ( فرانز كافكا ) " المحاكمة " يوسف . ك ، وبطلها يعيش في ورطة مثل ورطة الشعب الفلسطيني.
يوم قرأتها تساءلت :
- هل لترجمة هذه الرواية علاقة بإعدام الرئيس صدام حسين ؟ وكنت توقفت أمام الصفحات ١٣٢ - ١٤٦.
وكما توحد الناس في الرواية لمشاهدة مشهد الإعدام وزالت الفروق الطبقية بين الأغنياء والفقراء ، فإن الست كورونا لم تميز أيضا بين غني وفقير في الإصابة .
صباح الخير
خربشات
٣٠ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : والناس ، مذ كانوا ، ذوو قسوة (٣٨)

أول أمس كنت أسير ، ببطء شديد ، بالقرب من المقبرة الغربية في نابلس . أتأبط مشترياتي وحقيبتي وأتأمل الأشجار التي تخفي أجزاء من البيوت وبعض المارين على الرصيف وتظلل قبور الموتى في هذا الصيف القائظ.
فجأة التفت إلى رجل يتحدث بالهاتف ولفت نظري إلى رجل ملقى على قارعة الطريق.
ما الذي ألم بالرجل ؟ هل كان مصابا بالكورونا أم أنه مواطن لندني مصاب بالطاعون في العام ١٦٦٢؟
هل اختلط الأمر علي ؟ هل كنت أمشي في شارع من شوارع نابلس أم كنت أقرأ في كتاب ( دانيال ديفو ) " يوميات سنة الطاعون " ، وفيه كان الناس يموتون في الشوارع ويمر قربهم بعض المواطنين ولا يلتفتون إليهم؟
كان الرجل الواقف يتصل بالهاتف ، وخفت من أن يكون الرجل الملقى على قارعة الطريق مصابا بالكورونا ، فلم أقترب خوفا من أن " أتكورن " أنا المصاب بالسكري والبالغ من العمر ٦٦ عاما وشهرا وستة عشر يوما.
واصلت طريقي فالرجل الذي لفت انتباهي كان يتصل بالهاتف ولعله يطلب له سيارة الإسعاف.
غاب المنظر عن ذهني ، ثم تذكرته أمس وأنا أسير في الشارع نفسه.
في البيت فكرت في المشهد وتذكرت قصيدة الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود " الحمال الميت " التي كتبها عن عامل في مدينة حيفا كان ملقى على قارعة الطريق ولم يلتفت إليه أحد ، لأنه عامل.
" والناس ، مذ كانوا ، ذوو قسوة
وليس للبائس فيهم نصيب "
ولكن ماذا لو كان في الأمر حيلة ؟
في بداية انتشار الكورونا عمم شريط فيديو يري شابا محتالا يتظاهر ببيع الكمامات . يوقف الشاب " جيبا " فيه اثنان ويعرض عليهما الكمامات ، ويشتريان كمامتين تحتويان على مادة مخدرة ، وهكذا يسلب المحتال الرجلين أجهزتهما وبعض ما يملكان ، و " خيرا تعمل شرا تلقى" يقول المثل.
هل كنت على صواب وأنا أواصل سيري ؟ أم كنت بلا قلب وبلا ضمير ولا أمتلك الشجاعة وليس لدي أي استعداد للتضحية من أجل الآخرين؟
أحد الخروفين اللذين بقي لهما من الحياة سبع ساعات فقط " يكح" وكان " كح" نهارا مرات عديدة ، وأنا خائف من أن يكون " مكورنا".
الأجواء الآن لطيفة وثمة نسائم هواء عليلة تنعش القلب والروح ، ويفترض أن يكون العيد بدأ منذ نصف ساعة.
كل عام والجميع بخير .
عيد أضحى مبارك وإن شاء الله بلا كورونا ، وللخروف الذي " يكح " السلامة ، علما بأنه " من لم يمت بالكورونا ، مات بغيرها ، وتعددت الأسباب والموت واحد " وسكين الجزار تنتظر . هل تتذكرون قصيدة الشاعر ابراهيم طوقان الرمزية " الحبشي الذبيح":
" برقت له مسنونة تتلهب
أمضى من القدر المتاح وأغلب "؟
صباح الخير
خربشات
٣١ تموز ٢٠٢٠

***

الست كورونا : عيد كوروني تماما (٣٩)

احتفل المسلمون أمس بعيد الأضحى المبارك ، وكان احتفالهم احتفالا ذا ظلال " كورونية " ، فلم تبث الفضائية الفلسطينية مثلا ما كانت تبثه في الأعياد السابقة التي لم تكن الكورونا فيها معروفة على أنها وباء وجائحة شائعة في العالم كله ، لم تبث لقاءات من مكة مع حجاج فلسطينيين يسلمون على أهلهم و يطمئنونهم على سلامتهم وصحتهم ، ولم يصل أيضا ربع مليون فلسطيني ، أو أقل قليلا ، في الأقصى.
ولأول مرة منذ عقود تقريبا اكتفيت شخصيا بزيارة أخواتي المقيمات في نابلس ، فلم أزر بناتهن المتزوجات أو بنات إخوتي ، كما لو أنني أخذت بالنصائح المقدمة من الجهات الصحية ، وغير الصحية مثل نصيحة القاص محمود شقير ، لكبار السن . هل لازمني خوف ما ، على نفسي وعلى الآخرين؟
شعائر الذبح مورست كالعادة وأغلب الظن أن اليوم سيكون يوم شواء لحومها ، ولست متأكدا إن كان اليهود الناجون من المذابح النازية ، إن بقي أي منهم على قيد الحياة ، يأكلون اللحم مشويا ، فكلمة " شواء" تبعث الرعب في نفوسهم وتذكرهم بالمحرقة ، وأظن أن الروائي ربعي المدهون جامل الإسرائيليين في روايتيه " السيدة من تل أبيب" و " مصائر" وممن كتبوا عن كلمة " شواء" الروائي اللبناني الياس خوري في روايته " أولاد الغيتو : اسمي آدم " و " نجمة البحر ".
سبحان الله فقد صرنا ملمين إلماما لا بأس به ب " الكورونا" وبالتاريخ اليهودي الحديث منذ " البوغروم" إلى " الهولوكست" وعانينا من الاثنين - أي الكورونا ونتائج البوغروم والهولوكست - معا ، ومصائب قوم عند قوم " مصائب" لا فوائد.
في زمن مذابح صبرا وشاتيلا في أيلول ١٩٨٢ كررنا قول المتنبي:
" عيد بأية حال عدت يا عيد
لأمر مضى أم لعهد فيه تجديد ؟!
أما الأحبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيدا دونها بيد "
وكررناه في زمن انتفاضة الأقصى أيام الاجتياحات ، فهل خلت وسائل التواصل الاجتماعي من ذكر البيتين؟
أمس قرأت بيت المتنبي ، وأغلب الظن أن الموظفين ممن حصلوا ، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ، بسبب الست كورونا وما جرته من تبعات اقتصادية ، على نصف الراتب ، كرروا قول الشاعر :
" عيد بأية حال عدت يا عيد
لأمر مضى أم لكورونا فيك تسييد
أما " الرواتب " فالكورونا دونها
ودونها رواتب الوزراء الصناديد"
هل نقص مال من عيدية؟
وكثيرون زاروا أقاربهم وهم يشعرون بالخجل ، فالعين بصيرة واليد قصيرة ، وتردد على الألسنة أن العيد لا يعني بالضرورة " العيدية " - أي إعطاء النقود . هل ثمة عادات وتقاليد جديدة ستنجم عن الست كورونا؟
لا عزاء ، في زمن الكورونا ، لكبار السن ، وكل أضحى ونحن بخير .
صباح الخير
خربشات
١ آب ٢٠٢٠ .

***

- الست كورونا : جنون البقر.. جنون البشر (٤٠)

الشريط اللافت الذي تدوول أمس هو شريط ذبح العجول في غزة ، وتحديدا في خان يونس.
هل أراد أهل خان يونس المدينة التي زرتها مرة وبت فيها في بيت الصديق المرحوم محمد أيوب أبو هدروس ابن يافا ، هل أراد أهل خان يونس أن يجتثوا الفايروس كوفيد ١٩ من جذوره ، فقد ينتقل من الحيوان ، كما حدث في أواسط ثمانينيات القرن العشرين حين أصيب البقر بلوثة جنون أخذت تنتقل إلى البشر؟
وماذا لو رأى الهندوس المشهد ؟ ماذا لو رأوا السكاكين تشهر والفرح باد على وجوه الشباب الراكضين وراء البقرة ، كما لو أنهم إسبان يهربون من أمام الثيران في حفل قد ينجم عنه صرعى ؟! البقرة مقدسة لدى الهندوس ، فهل سيعلنون حربا مقدسة على قطاع غزة الذين تنقصهم الحروب؟
نشر الشريط الصديق Fadel Ashour و أرسله إلي الدكتور Riyad Awad يسألني عن رأيي في المشهد ، وقمت بدوري بإعادة إدراجه على صفحتي لكي أقرأ آراء المشاهدين ، فالمشهد ظاهرة تستحق التفسير والتأويل والاجتهاد والنقاش.
هل يعبر الراكضون وراء البقرة لذبحها عن تعطش للدماء بسبب القهر والقمع والبطالة والفقر والهزيمة؟
هل ثمة رسالة يريدون إرسالها للإسرائيليين وللعالم بأننا ،لما تفعلونه بنا من حصار ، لن نرحمكم؟
هل تتذكرون قصيدة مظفر النواب " تل الزعتر " ومناداته الفقراء والمقموعين بأن يحمل كل منهم سفودين اثنين ليشووا لحم الحكام على نار جهنم؟
مرة شكا الشاعر ابراهيم طوقان من سوء أوضاع الفلسطينيين حيث اجتمع عليهم الاستيطان والانتداب وبؤس الزعامة ، فماذا كان سيقول لو عاش في غزة منذ العام ٢٠٠٧ حتى الآن؟
هل ثمة إصابات كورونا في غزة أم أن الفايروس يخشى سكاكين أهلها؟
لا بد من قراءة قصيدة مظفر النواب " تل الزعتر" ، وثمة حقد يزرع في قلوب الفلسطينيين لا ندري كيف ينفلت ولمن يوجه؟
صرنا ضحية اليهود والصهيونية ، فقد تراكم حقدهم عبر التاريخ وفجر فينا .
المشهد يحتاج إلى تفكير فقد كان مرعبا لدرجة أنه أنسانا العيد والكورونا والاحتلال ولو ليوم واحد!!
صباح الخير
خربشات
٢ آب ٢٠٢٠

***

- الست كورونا : للحقيقة وجهان والثلج أسود (٤١)

عاد الحديث عن الست كورونا يشغل بال الكثيرين ، وأمس تدوولت أشرطة عديدة تأتي على الجائحة في هذا العالم ، وأبرزها شريط الأطباء الأميركيين الذين تظاهروا أمام الكونجرس الأميركي لتخطب فيهم الدكتورة الأفريقية الأصول ( فاوتشي) ، وهي سمراء البشرة ، تبدي موقفا من الفايروس.
التعليق الأول على الشريط المرفق ذهب إلى أنها ومن معها يتظاهرون معلنين عن موقف معارض لإدارة ( ترامب) ، ثم سرعان ما أرسل إلي الصديق Ziad Ameireh رأيا مختلفا يقول فيه إن المتظاهرين ليسوا أطباء بل هم ممثلون يدعمون سياسته.
الدكتورة ( فاوتشي) قالت إن الكورونا ليست خطرة وإن علاجها متوفر - في الشريط تقول إن اسمها سليمانو والمعقب على الشريط كتب إن اسمها ( فاوتشي ) - وأكدت باحثة أوروبية أو أميركية تحدثت لعشرين دقيقة أن العلاج موجود ، ولكن إصرار بعض المسؤولين ، وعلى رأسهم ( بيل جيتس / غيتس) ، على أخذ اللقاح يعني تعديلا في جينات الانسان لخلق إنسان يتحكم في حياته. الباحثة البيضاء البشرة التي أخذت ، في نهاية الشريط ، تبكي على ما سيصبح البشر عليه ، قالت إن اللقاح سيجعل منا أشخاصا آخرين مختلفين.
حسب قولها فإنني سوف أصبح مثل علي بابا وأكثر تطورا ، فإذا كان هو يخاطب الصخرتين بعبارة " افتح يا سمسم" فإنهما ستفتحان ما إن أفكر في الأمر وقبل أن أنطق.
الصحيح أنني لم أستوعب جيدا ما قالت ، ولكني أظن أن الإنسان القادم سيصبح مثل خيار " الحماموت" ومثل الفواكه المهرمنة التي نشاهدها في الأسواق وتسر مناظرها الناظرين ولكنها قد تسبب السرطانات . يعني سنصبح دجاجا مهرمنا - وببساطة سيصبح الإنسان القادم انسانا معدلا / مهرمنا.
من نصدق ؟ ومن نكذب ؟ وما زالت وجهات النظر المختلفة حول وجود الوباء وعدمه قائمة.
شخصيا تذكرت مقطعا من قصيدة محمود درويش " أحد عشر مقطعا على آخر المشهد الأندلسي" وهو المقطع الذي عنوانه " للحقيقة وجهان والثلج أسود"

" للحقيقة وجهان والثلج أسود فوق مدينتنا
لم نعد قادرين على اليأس أكثر مما يئسنا
والنهاية تمشي إلى السور يائسة من خطاها
......
كل شيء معد لنا سلفا".

هل سيصبح ( بيل غيتس ) مثل الأنبياء والمفكرين وأصحاب النظريات العلمية والفلسفية ؛ مثل ديكارت وغاليليو وداروين ونيتشة وماركس وانجلز ولينين ، بل وأكثر؟
هل تتذكرون كتاب " رحلات جيلفر" الذي أتى على حجم البشر صغارا وعمالقة ؟
لا بد من تذكر ما ورد في رواية أنعام كجه جي " النبيذة " على لسان بطلتها عن أنواع العضو الذكري وأحجامه ، وبطلة روايتها مجربة وخبيرة.
Wardia Shamass.
صباح الخير
خربشات
٣ آب ٢٠٢٠ .

***

- الست كورونا : مهن جديدة ويافا قبل الكورونا (٤٢)

وأنت تسير في شوارع نابلس تلحظ في الشوارع ظاهرة جديدة هي ظاهرة بيع الكمائم / الكمامات ، فالكمائم كانت من قبل انتشار الوباء تباع في الصيدليات أو في متاجر معينة ، وأمس أرسل إلي ابن الخالة Muneer Quqa شريطا قصيرا جدا لمتجر يبيع الكمائم فقط . مجسدات رؤوس بالعشرات عليها أشكال وأنواع متعددة من الكمائم ، ولما شاهدته قلت إن الحكاية طويلة وأطول من أغنية عبد الحليم حافظ الذي طلب منه الحضور إن يكرر مقطعا فأجاب " لسه طويلة " ، وثمة من أرسل إلي مقطعا فحواه أن الكورونا لن تنتهي قريبا وأنها قد تصيب ثلثي سكان العالم.
على الرغم من ارتفاع عدد الإصابات في فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨ ومناطق السلطة الفلسطينية إلا أن سكان المناطق الأخيرة غزوا حيفا ويافا مصرين على أن فلسطين هي فلسطين كما كتب عنها الشاعر أحمد دحبور :
" وفلسطين ليست فلسطين
إلا إذا طلبت كاملة".
تسامح أبناء العمومة وتغاضوا عن التصاريح فسمحوا لمن يرغب بزيارة فلسطين بالدخول ، وبيع ساندويتش الشاورما ، كما أخبرني راكب في الحافلة ، بخمسين شيكلا ، ودخل إلى الخزينة الإسرائيلية ملايين الشواكل من فلسطينيي الضفة الغربية الذين يشكون باستمرار من قلة ما في اليد.
يبدو أن حب يافا وحيفا فوق أي اعتبار ؛ فوق الخوف من العدوى بالكورونا وفوق دفع فواتير الكهرباء والماء للبلدية.
يشكون من القلة وينفقون بسخاء وطز في فواتير الكهرباء والماء.
لقد كتبت من قبل إن قوة حب الحياة أقوى ، وصرنا مثل فلسطينيي فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨ كما كتبت عنهم Emtiaz Diab قبل أعوام في مجلة " الكرمل " ، صرنا مدينين للبنوك ، علما بأن ما ننفقه ينفق غالبا فشخرة وتباهيا وادعاء وتظاهرا - يعني نحن " عريانيين وبنضرط لحف".
هل أخطأ محمود درويش أم أصاب حين كتب :
" ونحن نحب الحياة إذاما استطعنا إليها سبيلا
ونرقص بين شهيدين .. نرفع مئذنة للبنفسج بينهما أو نخيلا"؟
- نرقص بين موجتي كورونا خفيفة مازالت وثقيلة قادمة ... إلخ.
صباح الخير
خربشات
٤ آب ٢٠٢٠

***

- الست كورونا - سيبك مني وشوف شو صار في بيروت (٤٣)

الست كورونا قالت لي :
- عف عني وشوف لك شغلة غيري . شوف شو صار في بيروت . عدد القتلى والجرحى في ساعات يفوق عدد القتلى الذي سببته لكم في فلسطين ولبنان معا في نصف عام ، وحتى المصابون بفايروسي سرعان ما تشافوا.
السيد ابراهيم ملحم في حديثه عن جائحة كورونا يعلن عن عدم فتح صالات الأعراس وبيوت العزاء .... خوفا من ... حدادا على ضحايا انفجار بيروت ، ويبدو أن سمعي من السكري به صمم ، وعلى الرغم من صوت الناطق الرسمي الجهوري إلا أنه لم يحقق ما حققه شعر المتنبي:
" أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم " .
لا رغبة في الكتابة ، فمشهد انفجارات بيروت يقول أكثر مما تقوله الكلمات . إنه عصر الصورة.
سوف أعيد قراءة قصيدة محمود درويش " بيروت".
صباح الخير
خربشات
٥ آب ٢٠٢٠

***

- الست كورونا : بعيدا عنها في زمنها : " بيروت نجمتنا الأخيرة" (٤٤)

في بداية ٨٠ ق ٢٠ كتب محمود درويش قصيدته " بيروت " وفيها كرر لازمته الذائعة:
" بيروت خيمتنا الأخيرة
بيروت نجمتنا الأخيرة"
ولم يمر عامان على كتابة القصيدة حتى أجبر الفلسطينيون على الخروج من المدينة إلى المنافي.
صار الشاعر كما كتب ناجي العلي في رسمه خيبتنا الأخيرة ، لأنه شجع على الحوار مع الكتاب الإسرائيليين . نسي قراء كثر لازمة الشاعر واستحضر كارهوه تحوير ناجي لها ، وكلما أتى محبو الرسام على سيرته وسيرة الشاعر كرروا اللازمة محورة.
أول امس احترقت مناطق واسعة من العاصمة اللبنانية وسقط قتلى ووقع جرحى وتمحورت أشرطة الفيديو حول ما جرى ، فقارن مؤرخون بين ما جرى وما جرى في تكساس في العام ١٩٤٧ - أي قبل ٧٣ عاما ، وثمة أشرطة حفلت بالشتائم اللبنانية تعبيرا عن مدى السخط الشعبي ، وللشتائم البيروتية ما يميزها وأقرأوا روايات الكاتب الياس خوري Khoury Elias.
في نهاية الحرب العالمية الثانية دمر الحلفاء مدينة ( درسدن ) الألمانية ، ولقد تذكرت أول أمس نهاية فيلم شاهدته عن تدمير المدينة.
غالبا ما أفكر في مفاعل ( ديمونه) وغالبا ما أتذكر ما حدث في ( تشيرنوبل ) في زمن الاتحاد السوفيتي.
وماذا حين تزلزل الأرض زلزالها؟
كتب الكاتب السوري سعد الله ونوس الذي توفي بالسرطان " نحن محكومون بالأمل " ، فهل نحن حقا محكومون بالأمل؟
حالة تعبانة يا ليلى ، وشاطيء يافا كان عامرا وشاطيء بيروت كان إلى جانب تلويثه يحفل باللحم البشري.
كيف بدت صورة بيروت في قصيدة سميح القاسم " إليك هناك حيث تموت " وكيف تبدو صورتها الآن؟
اليوم صباحا وكذلك يوم أمس لم ألتفت إلى عدد المصابين بالكورونا ، فمن لم يمت بها مات بنترات الامونيوم أو برصاصة طائشة .
صباح الخير
خربشات
٦ آب ٢٠٢٠

***

- الست كورونا : كما لو أنها حبر على ورق (٤٥)

مساء أمس الخميس قالت الحركة النشطة على دوار نابلس إن الكورونا ليست إلا حبرا على ورق.
كان دوار المدينة عامرا ومزدهرا ، فالباعة يبيعون والمتسوقون يتسوقون تسوقهم يوم وقفة عيد.
أمس الخميس لم يختلف عن يوم الخميس المنصرم وهو يوم وقفة عيد الأضحى . أهذه الحركة لأن يومي الجمعة والسبت يوما إغلاق شامل ؟ ولكن من قال إن الإغلاق سيكون شاملا وإن اليومين لن يكونا يومي رحلات ونزهات ؟
أمس ألقيت نظرة على مقهى الرشيد في شارع غرناطة فلاحظت الرواد يؤرجلون ويلعبون ورق الشدة ، ومثل المقاهي محلات بيع الشاورما أيضا . كما لو أن الكورونا صارت حبرا على ورق ، وكما لو أنها لا وجود لها إلا في الإذاعات والمشافي وبيوت المصابين بها.
يوم الأربعاء اتصل بي زوج أختي من شيكاغو وكرر هو وأختي الدعوة لي بزيارة أميركا ، فأخبرتهما أنني منذ بداية آذار لم أخرج من مدينة نابلس ، فردا علي زاعمين أنني أصلا لن أسافر أكانت هناك كورونا أم لم تكن ، فهل زعمهما صحيح ، لأنني أكرر سطر محمود درويش في قصيدته " مديح الظل العالي":
" أمريكا وراء الباب
أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا " ، ولماذا رصيدي بالدولار وليس بالليرة اللبنانية مثلا؟
أمس وأول أمس شغل الناس انفجار بيروت والسؤال هو:
- ماذا سيقول السيدان رئيس فرنسا ( ماكرون ) وأمين حزب الله ( حسن نصر الله ) اليوم ؟ ( لقد عادت الأصوات القديمة التي تطالب بعودة الاستعمار عادت من خلال أحفادها إلى المطالبة بعودة الاستعمار ، وأنا تذكرت سطر الشاعر مظفر النواب " قاومت الاستعمار فشردني وطني")
لم أفكر أمس في الكورونا كثيرا . تابعت أخبار بيروت وأخبار دوري أبطال أوروبا ، وأعدت نشر مقال قديم عن القاصة سميرة عزام ومحمود درويش.
ستة أشهر تقريبا لم أصل إلى رام الله وأنا بحاجة إلى بعض الروايات لكي أنهي كتابي " الفلسطيني في الرواية العربية".
صباح الخير
خربشات
٧ آب ٢٠٢٠

***

- الست كورونا : خلافات الحماة والكنة وشغل " الجكر " (٤٦)

كثيرون من الفلسطينيين التفتوا إلى ما أقدمت عليه السلطات الإسرائيلية حين سمحت لسكان الضفة الغربية بالدخول ، عبر فتحة غير رسمية ، إلى المناطق المحتلة في العام ١٩٤٨ ، في الوقت الذي أغلقت فيه السلطة الفلسطينية المناطق الخاضعة لسلطتها يومي الجمعة والسبت إغلاقا شاملا ، تحسبا لزيارات الفلسطينيين القادمين من الناصرة وحيفا والمثلث وقرى الجليل ، بحجة محاصرة الوباء الكوروني وعدم تفشيه وانتقاله.
وكثيرون اجتهدوا وفسروا ، وأنا منهم ، وبحثوا عن أسباب الاختلاف بين الحماة والكنة ، أمرده الضغط على السلطة وإضعاف هيبتها - إن كانت إسرائيل ترى لها هيبة - أمام المواطنين ؟ أم مرده إلى رغبة أبناء العمومة إنعاش اقتصادهم بضخ ملايين الشواكل من سكان الضفة الغربية فيه ؟ أم أن السبب يعود إلى الملل والضجر من وضع لم يعد يقنع أحدا ؛ من الإسرائيليين والفلسطينيين ، فإقامة دولتين في فلسطين التاريخية صار ضربا من الوهم؟
هل تفكر إسرائيل مثلا في جعل الضم مطلبا فلسطينيا؟
أكثر الفلسطينيين كانوا أمس على شواطيء يافا والمدن الفلسطينية ، وأكثرهم بسلوكهم وألسنتهم قالوا إن الكورونا كذبة ولعبة وما عادت تقنع حتى الذين أصيبوا بها.
أمي ماتت في ١٥ تموز ٢٠١١ وأنا مطلق منذ ١٩٨٩ ، وبالتالي فلا مشاكل منزلية بين الحماة والكنة ، وهذه نعمة من نعم الله في المجتمع العربي . هل كانت الكورونا هي المسؤولة عن انفجار بيروت الأخير؟
من يدري؟!
صباح الخير
خربشات
٨ / ٨ / ٢٠٢٠

***

- الست كورونا : احتفالات فلسطينية بأعراس يهودية (٤٧)

لطالما كرر المسؤولون الفلسطينيون وعلى رأسهم رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية ووزيرة الصحة الدكتورة مي كيلة أن أهم أسباب انتشار الكورونا في مناطق السلطة الفلسطينية ، وبخاصة الخليل ، يعود إلى حفلات الأفراح ومناسبات الأتراح ، حيث لا يتحقق التباعد الجسدي ويختلط طحين المحتفلين والمصابين بزيت المهنئين والمعزين ، ولهذا جهدت السلطة على منع إقامة الاحتفالات في الصالات واقتصار العزاء على قلة قليلة.
ولطالما كرر المسؤولون أن أكثر الإصابات يعود إلى عمال الضفة الغربية في مصانع وورشات الاحتلال الإسرائيلي ؛ في المناطق المحتلة في العام ١٩٤٨ وفي المستوطنات ، فلجأت السلطة إلى فحص العائدين من تلك المصانع والورش وفرضت أحيانا الحجر الصحي عليهم.
مجهودات السلطة كلها ذهبت سدى ، فحكومة الاحتلال الإسرائيلي سمحت لأهل " نابلس الأبية " ، والوصف لمنقذ إسرائيلي على شاطيء تل أبيب ، بالسباحة على شاطيء يافا من خلال فتحات في السور ودون تصاريح ، واختلط العرب الفلسطينيون النابلسيون ، وغير النابلسيين أيضا ، بأبناء العمومة وبلغ الأمر ذروته فأعادوا إلى الأذهان الليالي الملاح التي عاشتها يافا قبل العام ١٩٨٧ - أي الانتفاضة الأولى.
قبل العام ١٩٨٧ كانت صالات الأعراس في يافا وعكا وحيفا تشهد اختلاط الفلسطينيين والإسرائيليين ، وقد شاركت مرة في عرس أقارب حضره مواطنون يهود - كتبت عن هذا في شهادة لي عن تصور الآخر في ذهني . في تلك الأعراس غنى اليهود والفلسطينيون من غير اليهود معا ورقصوا معا ، وأمس على الشاطيء....
الشريط الذي شاهدته أمس عن سياحة أهلنا في يافا وعلى شاطئها شريط احتفل فيه النابلسيون ، وغير النابلسيين من سكان الضفة الغربية ، بعروسين يهوديين من يهود " الفلاشا " ، فغنوا ورقصوا وأقاموا زفة فلسطينية واندمج العروسان والمحتفلون لدرجة أن مواطنا فلسطينيا في نهاية الحفل طالب المحتفلين ب " تنقيط " العروسين.
شخصيا تذكرت كتاب " الاعتبار " لأسامة بن منقذ ، وغالبا ما أتذكر الشاعر ابن القيسراني وأنا أقرأ عن ريتا ومحمود درويش.
في فترات الحروب تسود فترات هدوء ويتخللها عزف موسيقي وأغان.
نسي الفلسطينيون أعراس الخليل والكورونا واحتفلوا بعرس على الشاطيء و " طق " و" موت " يا أيها المسؤول الفلسطيني . هل هذه هي رسالة الاحتلال للسلطة.
ربما الأمر ليس بتلك البساطة وعشق البحر أقوى و " نحن نحب الحياة اذا ما استطعنا إليها سبيلا" وشاعرنا الوطني محمود درويش هو من قال ذلك ، واليوم ذكرى رحيله١٢.
بلا كورونا بلا بطيخ أصفر ، وهذا هو لسان حال المحتفلين .
صباح الخير
خربشات
٩ / ٨ / ٢٠٢٠

***

- الست كورونا : المعاد المكرور والنفخ في قربة مخزوقة (٤٨)

صار الحديث عن الكورونا معادا مكرورا ، كما لو أن المتحدث لن يأتي بجديد .
حتى اللحظة تبدو الكتابة مقبولة ، ولكنها إن صارت عادة يومية فستغدو مثل النفخ في قربة مخزوقة أو مثل رفع سيزيف الصخرة يوميا إلى أعلى الجبل .
اعتبارا من يوم غد لن أكتب يوميات ؛ يوما يوما ، تخص " الكورونا " حتى لا تبدو الكتابة مثل أسطوانة - أسطوانة غناء لا أسطوانة غاز - ويبدو أن الكاتبة هناء عبيد المقدسية المقيمة في شيكاغو انتبهت إلى يومياتها عن الكورونا ، فلاحظت أنها تكرر ذاتها ، ففضلت أن تختار عنوانا آخر هو يومياتها في شيكاغو.
غالبا ما يقع الكاتب الذي يفتعل الكتابة في فخ الافتعال ، وغالبا ما يكرر المعلومات ، وتجد كتابا ، مثل نجيب محفوظ ، لم تضف أعمالهم الأخيرة إلى أعمالهم السابقة الناضجة أي جديد يذكر ، وهناك روائيون آخرون كثر يكررون أنفسهم لأنهم يريدون أن يظلوا حاضرين فيكتبوا ويكتبوا ويكتبوا.
وكما يقال فالعبرة بالنوع لا بالكم ، وربما يستحضر المرء هنا قول الشاعر العربي المصري أمل دنقل:
" لا تسألي النيل أن يعطي وإن يلدا
لا تسألي أبدا
إني لأفتح عيني ، حين أفتحها ، على كثير
ولكن لا أرى أحدا " .
لن أتوقف عن الكتابة عن الست كورونا ، ولكني لن أكتب إلا ما أرى أنه يختلف ويخلو من التكرار . هل أصابني الملل؟
الملل كما لمظفر النواب الشاعر العربي العراقي يشبه " علكة بغي لصقته الأيام بقلبي " وقد ذهب محمود درويش الشاعر العربي الفلسطيني في " حالة حصار " ٢٠٠٢ إلى أننا سنواصل المقاومة حتى يشعر العدو بالضجر ، فالضجر سمة من سمات البشر . هل أصيب الإسرائيليون بالضجر فسمحوا لسكان الضفة الغربية بالدخول إلى تل أبيب وحيفا وناتانيا؟
صباح الخير
خربشات
١٠ آب ٢٠٢٠

***

- الست كورونا : ظلال باهتة (٤٩)

ما الذي بقي من الست كورونا غير ظلالها الباهتة ؟
أمس قررت أن ألقي نظرة على بعض المقاهي ، بخاصة التي تكون - في الأيام التي سبقت الكورونا - في ساعات المساء عامرة ، لأرى ما هي عليه بعد خمسة أشهر في زمن الكورونا.
مررت قرب مقهى الهموز ، وهو الأكثر روادا في الساعة السابعة ، فلاحظت قلة قليلة من الزبائن ، وقد تأثر بهذا محل الحلوى القريب " الكوني " الذي يزدهر البيع فيه وينشط بازدهار المقهى وكثرة رواده ، فتجد كثيرين من رواد المقهى بيدهم صحون الكنافة الكرتونية أو البلاستيكية ، يشربون ، بعد التهام ما فيها،
القهوة السادة .
بين مقهى الهموز ودوار المدينة ، في شارع سينما غرناطة ، هناك مقهيان آخران ولم يكن حالهما أفضل ، فروادهما معدودون ، يلعبون الورق ويؤرجلون . كما لو أن الكورونا ما زال لها ظلال ، ومن ظلالها الكمائم.
بخلاف ما هي عليه المقاهي فإن حركة البيع والشراء على دوار نابلس والشوارع المتفرعة منه كانت نشطة جدا.
أمس الأربعاء وكان ملخص حالة الكورونا الذي يعلنه الناطق الرسمي باسم الحكومة أيضا باهتا.
هل يعود السبب إلى الرئيس الروسي ( بوتين ) ومؤخرة الرئيس الأميركي ( دونالد ترامب ) ؟ فما إن أعلنت روسيا عن اكتشاف لقاح للفايروس حتى نشط رسامو الكاريكاتور ، وكان الكاريكاتور اللافت يظهر صورة الرئيسين ؛ ( بوتين) ، وبيده إبرة لقاح ، و ( ترامب ) وهو يكشف عن قفاه ليأخذ اللقاح.
يبدو أننا في القريب العاجل سنكشف جميعا عن مؤخراتنا ، ورحم الله الشهيد ناجي العلي الذي رسم الحكام العرب وهم يجثون على ركبهم لكي يحقنهم الرئيس الأميركي بقراري مجلس الأمن ٢٤٢ و ٣٣٨ - إن لم اخطيء في الرقم .
صباح الخير
خربشات
١٣ آب ٢٠٢٠

***

- الست كورونا : الضراط والفساء معيارا فاصلا لقياس مسافة التباعد الجسدي (50)

مؤخرا أرسل إلي صديق ، من خلال ( الواتس اب ) ، رسالة تضم ملخصا لفصول رسالة دكتوراه حصل صاحبها على الدرجة العلمية من جامعة الأزهر بامتياز ؛ لأنه استطاع أن يتوصل إلى رأي مقنع لم يتوصل إلى مثله ، منذ ١٤٠٠ عام ، حول حكم الضراط في نقض الوضوء ، وربط الدارس بين الضراط والغاز المتسرب من المؤخرة ونوع الطعام المسبب له والمؤثر على درجة قوته.
الصديق أرفق مقالا يشير إلى ما تنجزه دول العالم المتقدمة وما تتوصل إليه من اختراعات واكتشافات مقارنا ما هي عليه بما نحن عليه.
والحقيقة أنني أعرف أن هناك رسالة ماجستير أنجزت في جامعة سعودية حول حكم الفساء ونقضه الوضوء أو عدم نقضه ، وكان الموضوع محل تندر أيضا .
ما علاقة ما سبق بالست كورونا؟
أمس حول إلي Anwar Mazen - وهو كما ذكرت من قبل ابن أختي - قصة قصها عليه أحد معارفه ممن يعملون في مصرف مالي تأتي - أي القصة - على الضراط والفساء معيارا فاصلا لقياس مسافة التباعد الجسدي.
إن وقفت في محل أو مصرف أو بقالة وضرط شخص أو فسا وسمعت صوت الضرطة أو شممت رائحة الفساء ، فأنت لم تحقق شرط التباعد الجسدي ، ما يعني أنك معرض للإصابة بالفايروس ، والملوم هنا ليس الضارط أو الفاسي وإنما هو السامع الشامم ، وقد حدثت قصة من هذا في أحد البنوك.
الأطرف مما وصل أمس من أشرطة حول الست كورونا كان حول اللقاح الروسي ، فالجرعة الأولى من اللقاح كان صورة فتاة شابة روسبة جميلة جدا . إنها اللقاح الروسي للوقاية من الفايروس ، وقد كتب تعليق نصه أن الجرعة مخصصة لكبار السن أولا ، وقبل فترة عمم شريط لرجل دين ينصح كبار السن بالزواج من الشابات الصغيرات والابتعاد عن النساء الكبيرات ، فالصغيرات ينشطن الدورة الدموية ويفتحن الشهية والكبيرات ... إلخ .. إلخ والكلام على عهدة الشريط ، علما بأن المثل الشعبي يقول " الدهن في العتاقي" ، وقد سمعته مرة من معالي وزيرة.
مرة ألف كاتب ألماني كتابا عنوانه " هل ينقرض الألمان؟".
ربما الآن الدور يقع على أدونيس ليؤلف كتابا عنوانه " متى ينقرض العرب؟" .
حط في الخرج.
صباح الخير
خربشات
١٤ آب ٢٠٢٠

***




القسم الثاني
من 51

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى