أبو يوسف طه - عشاق الظلام

لا نجد في من يصر على إطفاء نور العقل إلا المتكسب واللص والمتسلط ، فهولاء يقيسون واقع الحال المختلف بمعايير مامضى ، وكأن ماصلح للسلف يصلح للخلف ، ولا يرون العبرة في كون نمو أجسادهم يقتضي تفصيل الثوب على المقاس ، ولايفقهون أن للحياة وتطورها منطقا يدعو إلى الملاءمة ، ولوتتبعوا مسار تطور التاريخ عند الشعوب والأمم لأدركوا أن جمود العقل يدحرج بعضها إلى المراتب الدنيا فتقاد ويتحكم فيها ، وأن نشاط العقل ورجاحته يعلو بغيرها إلى مراتب السيادة والتمكين ، وأن فوبيا التعقيل والتطوير ونقد الماضي لاتصيب إلا الجهلة وعديمي الإدراك ، و المستفيدين من تفشي العمى ، ولأضربن لكم مثلا بالذين يحجرون على المرأة ، إن لهم في ذلك منفعة التملك ، فهي عمياء العقل أحسن لهم من مبصرته ، تعلم حقها فتسعى إليه ، وتجادل في قضاياها ، وترقى بوجودها من جسد للزينة والتباهي والإرواء الجنسي إلى المرأة الإنسان ، لهذا نجد الإصرار على إيداعها في منطقة الخفاء ، والتلاعب بها ، وإقالتها من ممارسة الحياة في أوسع نطاق ، وما يجري على المرأة من كون في عماها العقلي ، وتحديد مجالها ، تسييدا للذكورة الفردية والإجتماعية عليها ، يجري على الشعوب ، فعمى الشعوب الفطري والمصطنع فيه فوائد لمن يمسك بزمام أمرها ، لهذا نرى سياسات التجهيل والتخويف من عقاب الدنيا والآخرة والإلهاء مجترحة ممن يريدون تأبيد استغلالها ، وصرف نظرها عن حقوقها ، وتحريف اتجاهها نحو مايخدم مصالحهم


أبو يوسف طه

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى