أ. د. محمد حسن عبدالله - الصيد السمين.. من معجم البابطين

المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها.

* * *

عن الرغيف !!
قمـــر تــــلألأ
قمـرٌ تــلألأ أم سبيــك نضـارِ = أم وجه من أهواه في الأسفارِ ؟
لاحـت بـوارقه فشـاع شعـاعها = أم ذا رغيف مرقق الأشعـار ِ؟
فالعيـش خــد باللهـيب مـوردٌ = قد دب فيـه غرار صهر النار
الخـد نعهــده بخــال واحــد = ولـذاك خيـلان بُـرقط شرار
قبلتــه ولثمــت ثغــر لبـابه = من ورد وجنتها غدت أزهاري
عـند اسـتدارته بحسـن تخيــل = يزري بكـأس فـي يد الخمّار
يا لين أعطـاف الرغيف إذا انثنى = ينسيـك كـل مهفهـف خطار
دع عشق معسول الرضاب ومل به = فالعيش عار عشقه عن عـار
وغـدت لــه كـل القلوب منازلا = حيث استقر من الحشا بقـرار
قلبي يصــور شخصـه لا تعجبوا = من حَـره فمصـور في النار
يكسـوا الكئيب سـواد ليل صدوده = ثـوب السقـام مطرزاً بصفار
وكـذاك في صفــو يكـون محبةً = خـوف التغير في يد الأخطار
............

* * *

 شاعر القصيدة : عبد الرحمن الصفتي الشرقاوي ( مصري عاش في مصر وعكا والحجاز ، توفي 1848، فهو من شعراء النصف الأول من القرن التاسع عشر ) .
•القصيدة كما سجلها " معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين" في 17 بيتاً . من "بحر الكامل" .
•يلفتنا إلى هذه القصيدة موضوعها : (رغيف الخبز) ، ولا نشك في أن الشاعر كان يصف رغيف الخبز (البلدي)، كما نعرفه في مصر . وأزعم أن رائحة الرغيف البلدي المصري حال تمام نضجه تفوق رائحة (البرفان الباريسي) ، ولعل الشاعر لم يكن في إنتاج قصيدته – تحت سطوة الجوع ، بقدر ما كان تحت هيمنة فوح رائحة الرغيف البلدي ، وما تثيره من لواعج الرغبة في الطعام .
•مع طرافة اتجاه الشاعر إلى الرغيف ، نتذكر ابن الرومي حين وصف الجمال النسوي بأنواع الفواكه في قصيدته النونية المشهورة، ومطلعها :
أجنت لك الوجد أغصان وكثبان فيهن نوعان : تفاح ورمان
•في هذه القصيدة علامة مبكرة على اتجاه الشعر العربي (في مصر) إلى مفردات ومشاهدات الحياة اليومية، ومحاولة الاقتراب (المبكر) من الواقع .
•في مقدمة ديوان "عابر سبيل" للعقاد ، وفيه صور مشاهد الحياة اليومية المألوفة، وفي مقدمة هذا الديوان أشار العقاد إلى أن كل ما في الحياة يصلح للشعر ، لأن أساس عملية الإبداع مستقر في وجدان الشاعر، ونظرته للأشياء ، وليس في الأشياء ذاتها .
* * *
 التوثيق : المعجم – المجلد العاشر – ص 591

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى