صلاح عبد العزيز - إضاءة على نص " وقعت أحداث كل القصص التي أعرفها" للشاعرة رضا احمد

يغلب دائما على القصيدة الجديدة لغة البوح فهى هامسة تتغلغل فى الشعور وتتملكك من أولها إلى آخرها بل وتفرض عليك مشهدها فتصبح فاعلا فى كتابة النص رغم أنك متلقيه تأخذك حتى من عقلك إذا كنت ذا عقل نقدى ومعظم من يتناول النص الجديد يغفل عن عمد الحالة الشعرية والقدرة على نسج نص كمياه واحدة ونفس واحد ليدخل فى العجائبية والغرائبية واليومى والمعاش وما إلى ذلك والمقارنة بين ما هو قديم وماهو متجاوز فى مثل تلك المقارنات يضيع النص الجديد فى مواجهات ليس له ذنب فيها مثل ذلك النص الذى ينتمى إلى الموجة الجديدة فى قصيدة النثر الموغلة فى النفس الإنسانية حتى فى نعاسها أو شقائها أو جلب جثة من الموت لكشف الواقع المتدنى حيث الوحوش والسباع والأنياب والغابة والأرانب ومفردات تفتح النص على قصص البشرية القاتمة التى حدثت كلها فى الليل فما تلك الوحوش التى تستلم ورديتها ببصمة إصبع إلا الواقع المعاصر وما الليل إلا العصور المظلمة التى يفقد فيها الإنسان آدميته فيكون فريسة فى عالم مفترض له السكينة عالم ضد الطبيعة وضد إنسانية الإنسان وفيما تركه النص من علامات الدخول للواقع المعاصر فى الترميز والتشبيه والاحالة فى الأحذية الرخيصة والحلول الوسطى فى طرق غابت فيها القوانين .

وربما يكون النص موجها للإنسان بشكل عام فى المقطع التالى الإنسان برصاصه المؤلم وخوفه المدلل ووخز ضميره الإنسان بتردده وحيرته ومماطلته وخوفه الإنسان فى الماضى والحاضر ما فعله وما يفعله ما يرتكبه وما ارتكبه فالانسان رغم أنه صانع الألم فهو يتألم وهى كذات جمع ستحرره .

هناك حفرة عميقة بالقلب التراب والعرق والأوراق الذابلة على سطحها وما هذا الذى لا نريد أن نسقط فى حفرته ربما يكون الغرائز الهشة لأنها ليست بحب فالقارب الصغير رمز الحب الحقيقى ولكنه حطام يوقظ الاسماك فالبحر والشاطئ والغرقى والعظام والطبول موتيفات الموت والمجهول على أن الأسماك موتيفة الحياة والتكاثر والقدرة على احتواء ذلك السقوط ودفعه من جديد لأعلى.

ورغم ظاهرة عكس المجازات القديمة واستبدالها لبعض نصوص الكتابة الجديدة إلا أنها ظاهرة على مستوى الشكل لصنع الدهشة والصورة المغايرة التقليدية وليس المضمون ظاهرة تجعل النص يغلب عليه بعض الغموض
مثل تشبيه القبلة الصغيرة التى ترى كل شئ كما ينبغى لقاتل والمسافة التى لم تتح لعناق سكين تتسع حتى تصبح المسافة الآمنة الورطة التى نختلف عليها وان كانت هى بدموعها تكفى جيلا يقترب من الموت فهى العين الباكية التى لا تكفى وحدها للحزن فالسباع جاهزون للموت وأيضا المتفائلون يسقطون وكأنما البشرية فى صورتها القاتمة فالقبلة الصغيرة تكشف والزهرة/ جثة المراهقة هى شرفة فاصلة بين قبرين تذوى فوق شفاه الفواعلية الشقاء فى ابشع صوره، فمن الغارقة فى نعاسها تتحرى دفء الضوء القبلة أم الزهرة ربما لأن جثة المراهقة هى القبلة هى الزهرة.
وربما تحيلنا المفردات الغرقى قاتل جثة مراهقة بين قبرين ابتسامة جثة حديثة العهد الزغاريد والنواح إلى عالم كابوسى فالعلاقة بين جثة مراهقة وجثة حديثة العهد بما تحمله من مجاز وتشبيه يجعلنى اقول أن العالم تحول لجثث إما أمامنا أو نستدعيها من الذاكرة كما الأشياء المتعاكسة الحب والكراهية الموت والحياة الأحياء والأموات الأبيض والأسود الزغاريد والنواح اللقيا والوداع على أن الوداع ليس هو المطلوب فى الإقامة والرحيل كما فعلت إيزيس رفضت الموت وجلبت منه جثة أحيتها بالمحبة وهذه الجثة هى الآخر على وجه العموم العالم بمفرداته وكائناته بقصصه التى حدثت فى الليل .

تحياتى لشاعرة كبيرة
صلاح عبد العزيز- مصر 🇪🇬 🇪🇬 🇪🇬

------------------
رضا احمد

وقعت أحداث كل القصص التي أعرفها
في الليل
حيث الوحوش تستلم ورديتها
ببصمة إصبع وصرخة ألم ،
انظر إلى هذا :
معي دموع تكفي سلالة من السباع المسنة
جاهزون للموت
بلا أنياب ،
جرى كل شيء على نقيض ما تتمنى الغابة
بوفرة من الأرانب
قبلنا الحلول الوسطى
مثلما نقبل الأحذية الرخيصة
لأن الطريق ليست لنا ولم تعد ملكا للحكومة.
..

الرصاص لا يكبر في البنادق
الرصاص يكبر مع الجرح
في ضغينة مسافة لم تتح العناق لسكين ،
أرني ما تظن أنه يؤلمك حقا
أعدك بأنني سأحررك
من وخز الضمير
من مراقبة خوفك المدلل وهو يترنح أمام من لا يستحق
ومن مماطلة عينيك في النظر إلى الماضي
بخشوع وهلع .
..

يومان والشاطئ
يوقظ الأسماك بحطام قارب صغير ؛
يمكنني اقتراح وظيفة جديدة للغرقى
عظامهم جيدة
للدق على الطبول
والغرائز الهشة ،
يومان ورغبتي في أن أحبك أكثر
حفرة عميقة في قلبي
تغمرها طبقة من التراب والعرق والأوراق الذابلة
قف بعيدا
اطمئن
لن نسقط معا .
..

قبلة صغيرة
بحجم حبة ندى
سقطت من المحبة
رأت كل شيء
كما ينبغي لقاتل ضائع في تفاصيل جثة مراهقة
وسمعت كل شيء
حتى تخبط أنفاس تلك الزهرة
التي اقنعتها أنها شرفة فاصلة بين قبرين،
لن تشتهي الشمس أبدا
ولا تأكل الرحيق بنهم وألفة ؛
غارقة في نعاسها كانت
تتحرى دفء الضوء
وتذوي
فوق شفاه الفواعلية المتشققة .
..

لك ابتسامة جثة حديثة العهد بالموت
ليس ثمة أكذوبة هناك
لو أنك وجدت جنتك في مراقبة المتفائلين
وهم يتساقطون تباعا
خلفك
بلا حكمة أو مرفق تعليمات .
..

نحتاج إلى الكراهية أحيانا
مثلما نحتاج الحب وأكثر ؛
من يرضى بثوب أبيض
سجن في تأويل صدى الزغاريد والنواح ،
كما أن العين الباكية
ليست الملجأ الوحيد للحزن
و"وداعا" ليست الكلمة المطلوبة
حين نختلف على نصيبنا من ورطة المسافة الآمنة
للطعن بالخناجر في الظهر
وأماكن أخرى
أحببناها بشدة ذات يوم .
..

"لن أسمح لك أن تموت وأنا مازلت أريدك" قالت إيزيس
فما الذي توقعه النيل من امرأة
جلبت من الموت جثة تحميها المحبة
من التفسخ والفقدان؟

رضا احمد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى