عبد الواحد السويح - مأدبة لزمن جائع (قصة قصيرة)

تدقّ تدقّ البابَ باليد التي تحمل السّاعةَ.
- من؟ من؟
- لستُ أنا.
السّاعة متأخّرة والرّماد بالكانون وبقايا سمر..
- عندي حكايات يا أمّي أجمل من خرافاتكِ ومن ناس تحتنا وناس فوقنا. اسمعي:
كانت في الأرض الثّابتة كنيسة وفي الكنيسة آدم بكلّ ضلوعه، ولم تكن ثمّة شجرة تفّاح ولا كان ثمّة شيطان. هذه المرّة همس الملاك، أقسم بالشّمس وضحاها أن اعدموه في الأرض الثّابتة، ودار الملاك على نفسه ولم يلمح ظلّه، ويصافح قيصر يدَ اللّه مع الجماعة، والضّمير هم، وغاليلي ضمير مضمر.
- اغفر له يا ربّ!
- إنّني في الجنّة. إنّه عليم. وما أوتينا من العلم إلاّ قليلا.. علم النّفس وعلم الاجتماع وعلم التّاريخ ستشفع لي.. والمنطق أيضا..
- وا ولداه لكم شربت!
- سبحان من خلق المرأة والدّواء.
- المرأة؟
- رحلة الشّتاء والصّيف. قالت لي قبل أن تصبح امرأة: أحبُّ العمّال وأكره الرّأسماليّة. ولم تطلب منّي نقودا وهي الطّالبة! بعدها قالت: أحبّ الرّفاقَ وأعطف عليهم ما ظلّوا رفاقا. سحقا لأستاذ البلاغة، قال: نفثت المرأة سمّها، استعارة. وقال: الحيّة الرّقطاء امرأة، تشبيه مقلوب. لا أصدّق.
جميع الزّناةِ ناس، الطّلبة ناس، رجال الدّين من النّاس.. والبقيّة حيوانات، كلاب، حاشى قيصر! أمّا محمّد ابن السّلطان بطل خرافاتكِ، فقد شخر في زمن الأمر، والآن في الماضي، وغدا.. سيشخر ! وإنّي في السّياسة والسّياسة فيّ والاختبار الحقيقيّ في الإضراب والإضراب جهاد وجنّة وحجّة كلّ سنة مرّة إلى الحرم الجاهليّ والزّمن؟ السّاعة؟
- إنّها بيدكَ !
- إذن سجّلي: الآن أكل عليّ الزّمان وشرب ولم يترك لي شيئا. جسدي مأدبة لزمن جائع فمن ينقذني من الجوع ومن العطش؟ من؟




L’image contient peut-être : ‎‎‎أبو محمود السويح‎‎, selfie et gros plan‎

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى