نبيل عودة - فلسفة مبسطة: الصراع الطبقي من ستالين حتى زينب!!

(مقال فلسفي وقصة تعبيرية: زينب تستحق اضافة معاش)

نبيل عودة

حسب الماركسية يتجلى الصراع الطبقي في الحياة الاجتماعية بأكثر صوره شدّة في ظلّ النظام الرأسمالي، وتضيف الماركسية ان الصراع الطبقي بين البروليتاريا (أي طبقة العمال) والبرجوازية يحدّد كافة جوانب حياة المجتمع.

تقسم الماركسية الصراع الطبقي الى ثلاثة أشكال من الصراع هي: الصراع الاقتصادي، السياسي والصراع الأيديولوجي. حسب الماركسية تطور الصراع الطبقي يؤدي لا محالة الى وصول البروليتاريا للسلطة وإقامة دكتاتورية البروليتاريا.

طبعا ما حدث هو النقيض المطلق!!

في الواقع ان ما ذكرته أعلاه هي تعاليم سادت في فترة ستالين، وألصقت بماركس والماركسية. الواقع ان ماركس لم يُعرف الطبقة بالشكل الذي ساد "ماركسية ستالين".

ورد تعبير الطبقة والطبقات في كتب ماركس ورسائله دون دخوله إلى إعطاء تعريفات دقيقة.. المفكر اليهودي أمريكي نوعم تشومسكي يقول ان تحليل ماركس للطبقات كان نظريا وتجريديا وكانت حدوده الفكرية تعتمد على الواقع الأوروبي الغربي في القرن التاسع عشر. من هنا يرى الكثير من الباحثين ان البروليتاريا لم تنشا إلا في فترة محدودة تاريخيا في القرن التاسع عشر، ثم تلاشت ولم تنشأ أي بروليتاريا خارج الدول الأوروبية الغربية المتطورة اقتصاديا. طبعا لم تنشأ بروليتاريا في أمريكا أيضا. فقط العقول المريضة تتوهّم بنشوء بروليتاريا في دول الرمال النفطية. من الأسهل ان ينور الملح... من ظهور بروليتاريا في قرننا الواحد والعشرين!!

لا أريد التوسّع ببحث أصل تعبير بروليتاريا لكني أضيف نقطة أساسية ان أصل التعبير جاء من الامبراطورية الرومانية، لوصف الفئات المسحوقة المعفية من الضرائب. ثم استعمل الاصطلاح اقتصادي انكليزي للتمييز بين فئتين من العمال، فئة عمال شديدة الفقر وفئة عمال ذوي مكانة اقتصادية أرقى.

اذن ما سجلته الماركسية او سجل عنوةً باسمها لم يكن الا بدع فترة ستالين، وقد سادت بالفكر الشيوعي حتى أيامنا هذه دون ان نجد مفكراً عقلانياً يعيد التفكير ويزيل التاثير الستاليني الخاطئ والمدمّر للحركة الشيوعية. التي مازالت أحزابها تتعامل مع الموضوع كمرتكز أساسي في فكرها وتخطيط سياساتها.

السؤال المهم اليوم ، وبتجاهل كامل لما سبق وسجلته: هل يوجد حقا صراع طبقي؟

أين هو؟

كيف لا نشاهد هذا الصراع في الأنظمة الرأسمالية الكبرى؟

ما الذي تغير؟

للأسف الخطأ كان في الفهم المشوّه لماركس. لنتخيّل، في القصة التالية، الصراع الطبقي بين الشغالة زينب ومشغلتها عبير.. وكيف "تنتصر" الطبقة العاملة على المشغّلين البرجوازيين!!



زينب تستحق اضافة معاش/ نبيل عودة



كانت زينب تشتغل مساعدة في منزل، تقوم بكل أشغال المنزل، لأن الزوجة عبير غائبة معظم ساعات النهار، بحجّة تواجدها مع صديقاتها، والزوج غائب في عمله بإدارة شركة مقاولات، لكنه بين فينة وأخرى يتردّد على المنزل لبعض الوقت.. ومع الأيام صار تردّده شبهَ يوميٍّ أحيانا، الا اذا كان على سفر. زينب لا تجهل حقيقة تمتّعها بجسد متناسق ووجه يطيب للإنسان النظر اليه، فهو وجه جذّاب بتقاسيمه وصفاء بشرته...

في يوم من الأيام وقبل ان تخرج الزوجة للقاء صديقاتها، قالت لها زينب انها تريدها لحديث هام.

- ألا يمكن تأجيل حديثك لوقت آخر؟

- لا يا سيدة عبير.. لأني يجب ان اقرر.

- ماذا تقررين؟

- البقاء في عملي في منزلك او الانتقال للعمل في منزل آخر.

- لكننا ندفع لك معاشا جيدا.

- لم يعد يكفي... مقابل ما أقوم به من خدمات منزلية..

- هذه هي وظيفتك.. هل تعتقدين انك جئت للراحة هنا؟

- ان لم نتكلم الآن سآخذ أعراضي وأغادر المنزل.

- ما هذا الكلام.. تهدّدينني؟

- لا أهدّدك يا عبير، بل أطالب بحقي...

- ما هي طلباتك...؟

- إضافة 20% على معاشي.

- لماذا يجب ان أضيف لك هذه الزيادة؟

- اولا انا أعد الطعام وزوجك يقول لي اني طباخة ماهرة وطبيخي أفضل من "الخبيصة" التي تعدّينها له عندما أكون غائبة.

- ليسامحه الله.. لا يعجبه العجب.

- لكنه معجب بما أعدّه من طعام.

- هذا ليس سببا كافيا لزيادة معاشك.

- اقوم أيضا بتنظيف البيت ومسح الغبار وكيّ الملابس وزوجك يقول لي إنّي منذ بدأت العمل في بيتكم صار البيت أكثر نظافة وترتيبا ولم يعد بحاجة لإرسال ملابسه للكوى.. بل يقول لي اني أفضل منك في كيّ ملابسه وتنظيف البيت وترتيبه.

- هذه تفاهات لا تعني شيئا .. وهي ضمن أشغالك المتّفق عليها.

- ألم تقتنعي بعد يا عبير بأني أستحق إضافة معاش؟

- لا.. حججُك لا قيمة لها يا زينب.. وما تقومين به تقوم به كل شغّالة أخرى وربما أفضل منك!!

- حسناً.. يقول لي ما هو أهم وأخطر.. بأني افضل منك في السرير...

- ماذا؟ زوجي نام معك في السرير..؟

- ليس زوجك فقط، الجار أيضا قال لي إني أفضل منك في السرير!!

[email protected]

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى