بوزينة محمد اسعاد - مشكلة الإنتماء بين الهوية الدينية و الهوية القومية

يظهر من خلال النزاعات القومية على مر العصور أنها خصومات ذات طابع عرقي لا تتعدى المواجهات بين مجموعة من الأفراد ذات نفس النوع البشري مع غيرها من النوع المختلف نصرة للإنتماءات القومية التي يتحكم في تمييزها أسس بيولوجية وراثية...
لكن في واقع الأمر فإن جوهر الصراع هو ديني عقائدي خالص، و شرط الإنتماء هو في وجوب الإنتساب بالمعتقد لا بالأرض و لا بالأصل و لا بالقوم؛
و قد انتصر الإسلام على غيره من الأديان السماوية في فك هذه العقدة و بَيَّن في آيات عديدة أن الإيمان بالله و وحدانيته و بمحمد و رسالته يُدخل المسلمين تحت ظل الأمة الواحدة و لو اختلف لونها و لسانها...
قال تعالى:
﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)﴾
• و إلا فما حجة أبو لهب و أبو طالب عمومة النبي صل الله عليه و سلم على كفرهم بدين محمد و رفضهم الإنتماء إلى عقيدته مع أنهم يجتمعون في العرق و النسب و القوم و اللغة و الأرض...؟
• و ما حجة إنتماء صهيب (الرومي) و بلال (الحبشي) و سلمان (الفارسي) وغيرهم من أصحاب محمد رضي الله عنهم أجمعين إلى أمة الإسلام بحكم المعتقد على إختلاف العرق و النسب و القوم و اللغة و الأرض...؟

و لقد واجه الأنبياء من قبل محمد صل الله عليه و سلم نفس المشكلة مع أقوامهم فتبرؤوا من الإنتماء للكافرين منهم على قربهم و أقروا الإنتماء للمؤمنين منهم على بعدهم
و في قصة إبراهيم عليه السلام عبرة لأولي الألباب
قال تعالى:
﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)﴾
أما عن بيان أولوية الإنتماء بالمعتقد عن الأرض فقد أخبرنا الله في كتابه عن قوم لوط عندما تبرؤوا من الإنتماء له و لآله بسبب إختلاف الدين و العقيدة رغم إجتماع الهوية القومية و اللغة و الأرض، و قاموا بإخراجهم من قريتهم...
قال تعالى:
﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)﴾
و قوله سبحانه:
﴿قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167)﴾
و النفي من الأرض هو براءة من الإنتماء لا يشفع فيه العرق و لا الأصل.
⁩ و مع هذا لا يزال البعض يصر على التفرقة بين المسلمين بالإعتماد على عنصر (الهوية القومية، العرق، النسب، اللغة، و اللون....الخ)
التي أراها شخصيا دعوة إلى الجاهلية و التخلف و الردة عن الحق و لو كان لهذه العناصر قوة ثأثير على أولوية الإنتماء لَرَفَضَ العجم من الألمان و الأمريكان و البريطانيين و غيرهم إعتناق دين الإسلام باعتباره طمسا للهوية القومية...!
• كذلك عندما يقال أن بعض البحوث الدقيقة تشير إلى أن عدد المسلمين في العالم يبلغ 1.8 مليار شخص (بغض النظر عن مصداقية الدراسات) فالتحصيل هنا يقوم على أساس الإنتماء بالمعتقد و لا يركز على عدد المسلمين في الدول الإسلامية بالخصوص بل عددهم عبر أنحاء العالم على إختلاف أجناسهم و ألوانهم، و في هذا إقرار لوحدة الأمة المسلمة من مراكز الأبحاث الغربية القائمة عليه.
⁦و على هذا أعتبر أن المسلمين في الجزائر على إختلاف أصولهم أمة واحدة بحكم المعتقد، و من رأى عكس ذلك فليراجع دينه.
⁩ من شهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله بحق ما رأى دافعا و لا حاجة لإثبات هويته.

⁦ عاشق الوطن
بوزينة محمد إسعاد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى