صلاح عبد العزيز - قصيدتان ● لمن يقدمون أنفسهم

تطبق السماء عينيها لمن يقدمون أنفسهم للموت إما أن يكونوا عرايا أو مجرد خيال تتغير صورهم وهيئاتهم التى تعلق فى الذاكرة كأنهم لا يستسيغون محبة وإذا كانوا حالمين يقتلون أنفسهم ويقتلوننا والموت لا أين ولا كيف ربما بعد أن يهمس الموت يتركنا للكراهية وهى موت مؤجل وصامت مثلما ينعكس النهار من وجهها وعينيها اللتين أنارتا قلبى.
عند انتحار شخص كيف لا يرى كل ذلك الجمال كم لامست يدها يدى حتى أن أسماءنا تتبدل كشئ منعكس على وجه ماء هكذا عليك وحدك أن ترى الليلة هذه الظلال وهى تغيب فى ظلام يرعى أيامنا ومهما أشرقت يكون الليل سيدا طالما الأرض تحضن قاتلين وخونة
كم يأكل قلوبنا ذلك الانحطاط وكم يجعلنا لا شئ حتى وإن كاد يظهر الأمل فى خيالاتنا أو نصنعه.
ادخل لمشرحة الجثث فى عقلى المهترئ ستخرج تقريبا بلا عقل كيف لى كل تلك الدعة فى العالم الشرس.
الحروب والمجاعات والأوبئة. لا إنسانية.
بداخل كل منا غابات محترقة ومع ذلك قريبا ستومض أنت مثلا تتذكر لونها المفضل هو الأخضر وأن ملبسها الشفاف كان أحمر كدم البرقوق وأن شعرها حرير كسواد هذا الليل فاحم بلا نجمة واحدة تتهدل على جبينها أمسكتُه مرة أعنى هذا الليل المنسدل بالكاد استعدت يدى لكننى ضعت فى متاهاتها لم أعد مطلقا وها أنا أبحث عنى .
شعرها الليل أم الليل شعرها .
أينا يغتسل فى مياهها أيها الموت أينا يدرك أن ماءها من مائى وأننى التراب الذى يغسل قدميها كل صبح.
● الزهرات التى نمت على ملابسها
لابد من مطر يزورها
فى غابة الزهر هذه كانت يدى
بعيدة بعيدة حتى جذورها
تسلقت أشجارا فى الداخل
ووجدت سحابات
أوقفتها
وعلى نهر ممتد صارت قبرا
القباب العالية تنحنى لمولود جديد أعنى لميت كمولود جديد لا أعنى شيئا على الإطلاق لا معنى سوى أن الكلام يخرج بلا معنى لا نعرف كيف نحزن أو كيف ينطلق الحزن بيننا نحن أحبابه الماشين معه فى غبشة الفجر.
لم يكن سوى غراب واحد ينتظرنا كنا على موعد بالأمس علمنى كيف ندفن موتانا كان غرابا وحيدا عندما طار كنا قد انتهينا.
فى سيل الدم تكونين أكثر بركة أيتها الأرض حولك المزارع والحقول والمرابطون والسماء كعادتها لا شئ سوى أن سحابات مرت من داخلنا ولآخر أيام العمر فى منتصف الطريق غابت الشمس الزانية والقمر الزانى .


صلاح عبد العزيز - مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى