نزار حسين راشد - موقف طريف.. قصة قصيرة

بعد نقاش طويل قررنا أنا وزوجي أن نقضي إجازتنا في أمريكا، فمنذ وقت طويل ونحن نتأمل هذه الرحلة ونتحادث حولها ،وأخيراً اعترفنا كلانا أن لدينا فضول كبير متعلق بهذا البلد،وأن علينا أن نشبعه بالطريقة المثلى،وهي بلا شك الذهاب إلى هناك ،وبالفعل حجزنا رحلة مباشرة على الخطوط السويدية، ستكهولم-نيويورك!
الإجراءات في مطار نيويورك سهلة جدّاً،ولكنّه تسهيلٌ ليس عفوياً، ولكن لديهم تصنيفاتهم الخاصة بالمعيار الأمريكي:الجنسية ،الدين،لون البشرة، ويبدو أننا وقعنا ضمن الفئة المحظية،وسرعان ما اتجهنا إلى باب الخروج،قبل الباب بخطوات أشار إلينا رجل واقف هناك،بملابس مدنية يبدو أنه رجل أمن ،أشار لنا بسبباته لأن نذهب إليه،وأدخلنا إلى مكتب زجاجي خالٍ إلا من طاولة مكتب بسيط وبعض المقاعد الخشبية،اتّخذ مقعده وراء المكتب، وأشار إلينا بالجلوس،وبدأ باستجوابنا بلا رحمة،أمطرنا بعدد من الأسئلة المتلاحقة دون أن يترك لنا فرصة للإجابة،وأخيراً صمت وبسط راحتيه معلناً:
-والآن أريد ان أسمعكم!
استشاط توماس غضباً وهو أصلاً امتلأ حنقاً على هذه الطريقة في التعامل،لماذا يؤجلون استجوابنا حتى لحظة الخروج؟ هل هو تكتيك للتأثير علينا نفسياً؟
وأعلن توماس محتجاً:
-لن اجيبك على شيء حتى تأتيني بالمسؤول عنك!
-ليس هناك مسؤول عني، أنا هنا المسؤول عن كل شيء.
-ومن تكون أنت على أية حال؟
ويبدو أن صراخ توم جذب انتباه رجل أمن كان مارّاً من أمام المكتب باتجاه باب الخروج،وما إن لمحنا حتى هرع إلى المكتب،اتجه فوراً إلى الرجل وراء المكتب:
-ماذا تفعل هنا يا هاري؟هلا تعود إلى عملك!
ثم التفت إلينا متسائلاً:
-هل أنتم من أقرباءه؟
وكادت عينا توم تطفران من محجريهما،وهو يسأل الرجل بنبرة مؤكدة حادّة؟:
- هل تقصد أنّ هذا ليس محقّقاً؟
ينظر الرجل نحو توم بدهشة:
-لا بالتأكيد ليس محقّقاً!هذا هاري مشرف المراحيض،هل بدر منه ما يسيء؟
ويردّ توم ساخراً:
-لا بالتأكيد لم يبدر منه ما يسيء باستثناء أنّه استدعانا للتحقيق!
وتندّ عن الرجل صيحة دهشة:
-ماذا؟تحقيق؟ هاري؟
ثم يستدرك ضاحكاً :
-لا تقلقا سأرفع تقريراً بذلك،نحن آسفون بإمكانكما المغادرة الآن!
ويصيح توم وهو يلوح مودعاً:
-سأقاضيكم على الضرر النفسي.
ويجيب الشرطي من خلفناّ:
-لا أظنك ستحصل على شيء من هاري،لن يغامر قاض بذلك،فهو محطة كونية للإشارات الفضائية إذا كنت تفهم ما أعني،كل ما هنالك أنهم سيحيلونه إلى مصحة،لا تفسد إجازتك بالمحاولة!
..
في التاكسي لا يتمالك توماس نفسه من الضحك،وبعد أن يوجه السائق:ريتز بلازا،
ويردف ملتفتاً إلي:
-أنا من سيعوضك وليس القضاء الامريكي! هذه تدليلة لك!
ويراوح رأسه ضاحكاً:
-هذه هي أمريكا!ألم أقل لك أنها بلاد مجنونة!
لا ندري أية مواقف مجنونة سنواجهها بعد ذلك!
نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى