الغربي عمران - مريم.. قصة قصيرة

001.jpg

كان شتاء عام 1948م شديد البرودة بمدينة "ذمار"، المنازل الترابية تحتمي بالدور الحجرية العالمية، "وبيت زيد المعطب" لا يختلف عن المنازل المحيطة به ولكنه يختلف عنها في كل شيء! فجدرانه الخارجية طليت بالطين الني، وتكحلت نوافذه المغلقة على الدوام بالجص الأبيض الباهت، الصمت يحتضن أركانه.
المارة يتحاشون الاقتراب منه أو التطلع إليه بعد أن خصصه حاكم ذمار سجناً للنساء.
تحوم الأحـلام في عقول الذكور، فيحلم البعض وقد دخل البيت المليء بالجواري وأمسى من أمراء ألف ليلة وليلة وهن من حوله دون منافس! وتحلم نزيلات هذا البيت بظهور ذكر من بينهن! ذكر مكتمل! وتتمنى بعضهن أن تنبت الجدران رجالاً أو تتحول إحداهن إلى رجل
"مريم" إحدى نزيلات "بيت زيد المعطب" منذ سنوات عدة اقتادها عسكر حاكم "ذمار" من قريتها... تحمل سنوات عمرها التسعة عشر، تحلم بالعودة إلى قريتها! أو أن تتحول إلى فراشة تطير من هذا المكان، وتارة تحلم وقد تحولت إلى ذرة من درات الضوء، تسبح عبر خيوط الشمس! وكثيراً ما تزورها الكوابيس وتفسد عليها أحـلامها، فتحلم وقد أخرجوها نحو "المجنة".
هي تراقب رحيل زميلاتها كل جمعة إلى اللاعودة.
نادراً ما تنخرط في حديث مع النزيلات... ووجودها بينهن يثير أسئلتهن! فلا أحد يعرف سبب وجودها هنا منذ أن كان عمرها خمس عشرة سنة إلا " خديجة" المسئولة عن "بيت زيد المعطب"، لتنمو التكهنات والظنون في رؤوسهن! فإحداهن تنعت مريم " بالزانية" وأخرى تنعتها بـ "القاتلة" وبعضهن بـ"السارقة" وصمتها يبتلع كل شيء...، ومن خلف عينيها المذعورتين تطل ابتسامتها الحزينة على الدوام.
موقعها الدائم عند فسحة السلم بين الطابق العلوي والطابق السفلي... حيث ممر الأقدام، ونادراً ما تستضيفها خديجة في غرفتها الصغيرة الدافئة، خديجة تعشق الصغيرات ولا تحب المتزوجات رغم كبر أثدائهن! دعتها ذات مساء كعادتها، وقفت تحدثها بصوت هامس أجش
سمعيني يا مريم ... لقد صدر حكم في حقك يقضي بإعدامك في أول جمعة بعد عيد الفطر القادم.
- ومتى يأتي هذا العيد!؟ ... قالتها مريم وكأن الأمر لا يعنيها!
- بعد أكثر من أربعة أشهر. قالتها وهي تتمسح بأطرافها العارية.
- والنزيلات هل يعرفن شيئاً؟
- لا ...
- أرجوك اكتمي الخبر ... أرجوك !
- أتخافيهن أكثر من الموت !؟
- سيقتلني الخوف والقلق عندما أرى الخبر وأسمعه من عيونهن . اقتربت خديجة من صدر مريم وهمست إليها :
- عندي لك مفاجأة ... ستنامين في غرفتي ... ولكن ليس في حضني ! صمتت مريم ثم أردفت خديجة : سنكون الليلة معاً
كانت مريم تكره غرفة خديجة رغم فراشها الدافئ فهي تفضل فسحة الدرج المفتوحة... أخذت خديجة تخلع ملابسها قائلة :
- أنظري هناك يا مريم ... إنه " أدم " !
- من أدم ؟ قالتها مذعورة وهي تخفي صدرها في ذعر !.!
- أليست مفاجأة ؟ ... إنه من حملك إلى هنا مقودة من القرية ... قبل خمس سنوات... أنسيتيه؟ لقد حدثني عن ذلك اليوم كثيراً !
لم تصدق مريم ما تراه ، تفحصته ببلاهة ... صرخت في صوت مخنوق :
- أدم ! ! جثت عند أقدامه باكية ! كانت ... قد كرهت عبثت أصابع خديجة وأنفاسها ، فتح آدم صدره يحتضن مريم المرتعشة ... وهي غير مصدقة أن رجلاً بكل أطرافه معها ولها وحدها! انتفضت من بين ذراعيه ! دفعته وقد غزت أجزاء جسدها حرارة الشبق المدفون منذ اكتشافها أنوثتها ، صرخت في وجهه مبتعدة :
- ماذا تريد مني؟
إبتسم وقد لمعت في عينيه آهات ثعلب متمرس، وأشداقه تسيل بلعاب أصفر قال لها مبتسماً
- أريد إنقاذك من الموت ! نظرت إليه هامسة في تضرع :
- هل سنهرب ؟
تقدم في خطى ثابتة بعد أن أدرك أن المفاجأة أرهقتها ... إحتضنها يمسح وجهها... يستنشق شعرها... مسمام بشرتها ... قال هامساً في شفتيها :
. لا لن تهربي ولكني سأجعل الموت ينساك ولو إلى حين كان يحدثها ويداه تطارد تضاريس جسدها البكر... أزال أسمالها الرثة... شعرت بلذة، حاولت مقاومة قسوته... أحكم قبضته... أطبق عليها... لم تستسلم، استمر التفاعل، قاومته بطريقتها! جثم الصمت... مات سراج الفانوس، وجسديهما يطفوان تحت رداء العتمة... توردت جدران الغرفة... عبقت روائح جسديهما بعفن لذيذ، ولم تسكن الغرفة بعد أن سكن الليل!

في هدوء رحل آدم قبل أن يتسلل الضياء، نهضت مريم عارية تتلمس عنقها المجرح... صدرها المتورد... أعضاء جسدها، إنها تكتشف جسدها... تتعرف عليه لأول مرة ، لم تكن تعرف وظيفة تلك النتوءات اللذيذة سألتها خديجة :
- أين تكون الجنة يا مريم ؟
- حيث يكون أدم بكل قسوته ! ردت خديجة عليها :
- بل حيث يكون جسدك الجميل وأنا ... وأخذت تلثمها !

أشهر مرت... تغيرت مريم... قوامها ... بطنها المتورمة! ثرثرتها الدائمة، انتشر الهمس بين النزيلات ونمت الأسئلة! ومريم تبتسم على الدوام دون أجوبة! وهي تمسح بطنها بكفيها.

صالون في دائرة باتساع " ميدان الحوطة " أرتفعت المباني القديمة في صفوف عشوائية ... أطل الأطفال من المباني كطيور معلقة! الكل ينتظر تنفيذ العقوبة بعد صلاة الجمعة كالعادة! وصل عسكر الحاكم ، يتقدمهم آدم تلض ... ساحباً مريم بحبل متسخ! وهي تجاهد اللحاق به... تحت ثوبها الأسود، والعسكر يرددون زاملهم المعتاد عند كل جمعة تسبقهم أصواتهم الجميلة:
(( بسم الله الرحمن مفتاح السماء من فوق خلق الله .
دليتنا وهديتنا لأحسن طريق .
سلام يبن المام يالي طلعتك جنب أمظلام .
يا ذروة الباهوت يا دولة عليه .
سلام يا لي في مقام السيف منا بالسلام آلاف .
ما هبت الريح في غصون أمقات .
تبلغ ولي العهد ذي هز المشارق واليمن والشام .
سيف الخلافة ذي له الرايات .
طاعت ليسدي عصمرة . وسلمت لبن الأمام .
لاحمد ولي العهد تهناه الخلافة .
ما قاله البداع ، أنا من جنبكم لأذلكم .
حل الحضى وأحنا نيبس كل ريق .
استمرت أصواتهم تتشعب مخترقة الأزقة الترابية... يحفها الغبار ونظرات الصبية، استقر عسكر الحاكم في قلب الميدان، وبعد دقائق من الانتظار عادوا بمريم من حيث أتوا دون عقوبة! لم يصدق الناس ما يشاهدون في هذه الجمعة... لتطير الأخبار إلى " تفارط " النساء ، ومقايل القات ، الجميع يسرد حكاية عودة مريم من الميدان! يبحثون عن سر نجاتها من حد السيف وأنياب عزرائيل ! أنها أول جمعة تفر فيها نفس! .

صغيرة تبدد هدوء الليل! تزيد من ضوضاء النزيلات حول حجرة خديجة في بيت المعطب! صاحت في سعادة :
- ولد مثل القمر يا مريم ! ما شاء الله ، وهي تحمله من بين السوائل الدافئة.
ردت مريم بأنة ولم تغلق فخذيها بعد :
- أروني إياه ... كنت متيقنة أنه ولد ...! ولد أرجوكم سموه " أبو مريم "... واجهشت بالبكاء... صوتها الأخضر الرقيق طمرته زغاريد النزيلات وضحكاتهن، إنها أول ولادة، استمر الليل يسافر، وما لبثت الضوضاء أن اختفت رويداً رويداً حتى عم الصمت على تلك الليلة اليتيمة.

وقضى الحكم السابق في حق مريم بتأجيل تنفيذ حكم الإعـدام إلى أن تكمل رضاعة وليدها! كانت مريم تحدث خديجة غير مصدقة بأن الموت يبتعد قليل!
مرت سنة ونصف ... تكررت تكويرة بطن مريم مرة ثانية ! ... بدأ الهمس من جديد بين نزيلات بيت زيد المعطب ! هاهي حامل في شهرها السابع!
حضرت عند فجر أحد الأيام التالية مجموعة من عسكر الحاكم تحت إمرة آدم ! وتم نقل مريم إلى بيت أخر ! تم تعديل الحكم للمرة الثانية ... وقضى بتنفيذ حد الرجم حتى الموت، بعد أن تضع مولودها مباشرة! وحتى لا تكرر مريم خصوبتها مرة ثالثة.

جد آذان جمعة رجب، وآدم يتقدم صفوف عسكر حاكم ذمار، يقودون مريم... مرددين زاملهم المعتاد... متجهين أمام صفوف الناس، نحو ميدان ساحة الحوطة، بدت مريم حافية... منكوشة الشعر وقد تقدم عمرها قليلاً... تجاهد إخفاء أطرافها تحت ثوب أسود مهترئ... وجهها ينساب منه ضياء لبني... صدرها المتضخم يبكي حليب... تبتسم للإطفال... وهم يرجمونها ! .
أطلت النساء وعلى صدورهن أطفالهن من نوافذ وأسطح المنازل المجاورة... الميدان امتلأ ... سرى الهمس حتى تحول إلى عويل، الكل يتأملها كمخلوق خرافي، وهي تتأمل أكـوام الحجارة المعدة أمام أكوام البشر، العيون تلتهم أطرافها العارية .
في قلب ميدان الجامع أخذ آدم يشد وثاقها... إلى عمود غرس في جسد الأرض... إبتسمت من شدة الألم وهي تتطلع إلى السماء... يسيل الدم من فمها، الآم الوضع والحبل الضاغط على ثدييها اللذين يسيلان حليباً بلل صدرها .
تمنت لو أنها ترى وليدها إسماعيل! ... لقد أخذوه بعد أن ولدته مباشرة بالأمس وتركوها وحيده! تحلم بأن يحملوا إليها إسماعيل، وابو مريم! وعيناها تغرقان في بحر الإبتسامة، تزاحمت الجموع ينتظرون ! ومريم تنتظر معهم! .

ولها ... أكـوام الحجارة السوداء ... أكـوام البشر ... الجسد المتطلع إلى السماء، صوت خطيب جمعة رجب ، نسيت كل شيء .
حملتها الذكريات إلى سنوات طفولتها في القرية ، فهي لا تعرف ملامح أمها التي توفيت بعد ولادتها ... يردد سكان القرية بأنها نحس ! ابوها كان يقول لها :
- أمك لم تمت ! ها هي ملامحك تشهد على ذلك ... وجهك ... إبتسامتك... كل شيء ...
كل شيء … حتى صوتك ! واسمك ... يا " مريم " أمك لم تمت ! هي أنت ! كان يزهو بها ... يصطحبها أينما ذهب فلا يراهما أحد إلا معاً .
لقد نسي سكان القرية اسمه ولا يعرفونه إلا بـ"أبي مريم " ! يشاهد وقد علقها أعلى كتفه أو إلى جواره تحاول اللحاق به يسأله البعض مشفقين :
- لم لا تتزوج يا " أبا مريم " يرد مبتسماً في ود وهو يحتضنها .
- لا أريد أحداً يشاركني مريم ... لا أريد أحداً في بيتي يزعج مريم .
- ولكن يا ابا مريم ، مريم بنت ! فمن يحمل اسمك ؟ يرد غاضباً . أليست مريم بنتي وهي رزقي من الله ! ... هي ستحمل اسمي ! .
وتطوف بها ذكريات قديمة ، يوم كان عمرها تسع سنوات ، إلى ذلك الصباح ، يومها وجدوا " أبا مريم " مذبوحاً في صرح مسجد القرية وقد سلخ وجهه ... لم تبك مريم ولم تعرف السبب ! بعد أن شاهدت دمه المتجلد على الأحجار السوداء . لم تصدق وهي تبحث عن ملامحه ... عن صوته ورائحته ... ابتسامته في وجوههم ! .
الكل يعرف السر إلا مريم ، لقد قام شيخ القرية بكل شيء حتى بدفن أبي مريم ! مرت أيام وأسابيع ومريم غير مصدقة أن اباها لن يعود ! كانت تنتظر عودته ! ردد سكان القرية سخريتهم :
- لو كان لأبي مريم ولد يحمل اسمه !
مرت السنوات ... عرفت مريم أن أباها لن يعود ! كان الحقد، وكانت المرارة والقهر يتشاركانها أيامها وسني عمرها، كان سكان القرية قد تناسوا أبا مريم ... إلى ذلك اليوم الصيفي قبيل الظهر، عندما وجدت بعض نساء القرية " إسماعيل " أصغر أبناء شيخ القرية ... وجرواً حديث الولادة عند اعتاب مسجد القرية وقد جز رأساهما بمنجل طويل ! حرارة الشمس ساخنة وهي تعتلي صهوة عرشها. ساحة القرية امتلأت بغبار حار... العويل ينسج أشرعته ، صاحت إحدى نساء القرية : إنه منجل مريم ... ! التفت الجميع نحوها حاولت التراجع ... أدركت معنى نظراتهم ! ثم ركعت أمام الجثتين صارخة وهي تمرغ وجهها في الدم :
- لا تنظروا إلي هكذا ... لا أريد عطفكم ... ولا صدقاتكم، إذبحوني بعد أن قتلتم أبي من قبل ! أنتم القتلة ! لقد قتلتموني منذ سنين! ... أنا أعيش بينكم ميتة! قال أحدهم :
- نقتل هذه الشيطانة! .
آخر غاضباً :
- لا بد أن ندفنها مع الجرو حية ! إعترض آخرون بالصمت والبعض قال في حزم :
- نبقيها حتى يعود الشيخ من الحج وهو الذي يقرر ما يريد.
وصلت إلى القرية في اليوم التالي مجموعة من عسكر الحاكم! ... اقتادوا مريم... ورحلوا بها فوق خيولهم الرشيقة باتجاه ذمار ، وسط الطلح وبين صخور الجبل على طرق تتلوى كثعبان فاتح اللون .
خرجت القرية وعيون النساء تودعها... تغسل بعض أحزانها وقف الرجال يشيعون مريم بلعناتهم، ومريم تفارق قريتها لأول مرة. بكت بعد أن تذكرت أنها لم تزر قبر أبيها... ولم تقرأ على قبر أمها الفاتحة، لم تصمت الدموع وقد بللت ظهر العسكري ذي الثوب النيلي اللماع برائحة العرق قال يواسيها :
- ما اسمك !؟ لم تجب ... انهمكت في النحيب ... قال لها :
- أنا أسمي آدم ... وقد عرفت أن لك اسماً جميلاً ! ... لم ترد عليه ولكنها شعرت بالدفء من ثنايا صوته ... خفت صوت نحيبها ! ... استمر يحدثها ويعرفها بأسماء الجبال والقرى المحيطة بالطريق :
- أنظري يا مريم: ذلك الجبل الأسود البعيد هو " حيد أسبيل " ... وتلك هي قرى (مرام) وهذه قرية "الهجر" ... وتلك قرية "الجرشة" وهذا الجبل الوردي "جبل اللسي" ... أنظري يا مريم قرية " سامة " السوداء ... وقرية " عباصر " .
خف نحيبها وهو مستمر في حديثه على إيقاع حوافر الخيل وضحكات بقية العساكر، ظل يحدثها دون ملل حتى صمتت عن البكاء ... حين عبروا " باب الفلاك " أشرفوا على ذمار:
- أنظري ذمار مناراتها وقبابها البيضاء... إنها عروس معلقة في السماء .
لأول مرة تعرف مريم أن قريتها ليست كل لدنيا .


أفاقت من ذكرياتها على صخب المصلين ... وهم يتدفقون إلى الميدان ، تمنت يداها ملامسة دموع عينيها ... أن تمسح حلمات ثدييها من البلل الأبيض ... تمنت لو يأتون بوليدها إسماعيل... أن تراه ... لماذا كل هذه الوجوه ... أين وجه وليدي ؟ ... حدثت نفسها ترى أين يكونان ؟ كانت أطرافها الشمعية ووجها الشاحب وجبة شهية لعيونهم،... أكوام البشر تلتهم تفاصيل جسدها شبه العاري .
إعتلى آدم درجات بوابة الجامع، رفع وجهه نحو جموع الناس، وأخذ يقرأ الحكم في حق مريم حتى آخر جملة، حينها أرتفع صوته مكرراً " ... حد الرجم حتى الموت " تزاحمت الكتل البشرية... يلوكون أجزاءها ... يتمنون لو لم يكن على جسدها هذه الخرق البالية ! اقتربت عيونهم أكثر، سالت أجسادهم حولها وأيديهم تحمل عناقيد الحجارة ... مريم تنظر إلى السماء تستقبل إسماعيل وأبا مريم ... تشم رائحتهم ... إنهم يبتسمون ! تنظر إلى أقدام الدوائر البشرية... استجمعت قواها ... ابتسمت ... صرخت :
- هل تسمحون لي أن أرضع إسماعيل ! ... ألا ترون صدري ؟ ... أرجوكم ... أراه قبل أن أودعكم ... لماذا تمنعوني من رؤيتهم؟ ... أرجوكم … إنها أخر أمنية ! لقد كنتم أطفالاً ولكم أمهات! صممت أمام ذهولهم، عاد صوتها الدامع : لماذا لا تعطونني فرصة !؟ ... فرصة ثالثة، قبل أن أودعكم، أود أن أعطيكم مريم بعد أن أعطيتكم أبا مريم وإسماعيل ، كلكم تعرفون أنني لم أقتل أبن الشيخ! والحاكم يعرف ايضاً ! إذن لماذا ترجمونني، ولا ترجمون آدم ؟ ... لماذا أنتم صامتون ... شكراً لكم ... إني أعرف مقدار حبكم وعطفكم علي ! ... خلصوني من غربتي... من عذابي! أني سعيدة بكم... أرجوكم أرجموني. كان صوتها يسافر عبر ملامحهم، وقف الجميع دون حركة ... تراجع البعض ! أدرك آدم أنها ستنجو مرة أخرى ! تقدم في محاولة لإعادة الناس... دفعهم وهو يردد نص الحكم ! أزبدت شفتاه ... تدفقت لزوجة حول دفنه الطويل .
تقدم يحمل الحجارة مردداً فقرات الحكم ، صرخ بهستيريا وقذف بأول حجر على وجهها وهي تبتسم ! تنظر إلى عينيه ، اكتشفت أنه ليس آدم الذي أخرجته من الجنة! .

* الغربي عمران/ اليمن

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى