جمال نصرالله - ليس دفاعا عن بوحدرة، ولكن تعاطفا معه؟ا

ما زلت أتذكر شخصيا تلك المهانة الشرسة التي تعرض لها الأديب رشيد بوجدرة في دياره ومع خلانه وبني جلدته...أينما تمت مساءلته من طرف فريق من الإعلاميين الذين لم يكونوا مختلفين عن المحققين البوليسيين يوم يعثرون على المشتبه رقم واحد بين أيديهم .أو قل إن شئت فهي صورة من صور محاكم التفتيش في أروبا أيام عصور الظلام والهمجية....لقد بدا يومها بوجدرة مرتبكا ومفزوعا وأنه يساق نحو حبل المشنقة جراء أسئلة...لم تكن بدا أن تصدر من طرف جزائريين أحرار إلا أيام العشرية السوداء والجماعات الدموية التي كانت تمارس الربوبية والعياذ بالله بإسم الدين والإسلام الحنيف بعينه؟ا
تذكرت هذا حتى وأنا أختلف كلية مع بوجدرة في كثير من المسائل خاصة في اعتقاداته وايديلوجية تحملها أعماله وما جاء فيها من عبثية ومجون؟ا بل مقولته الشهيرة التي يفتخر بها وكأنها إنجاز عظيم (يوم قال بأنني أول روائي عربي أدخل الجنس إلى الرواية) .ولكن رغم ذلك تعاطفت معه...وقلت لا وألف لا؟ا لا يمكن كما يقال أن تورد الإبل هكذا أو تساق يا سعد...إنها وجه آخر من وجوه الإرهاب المعنوي(وليس هو الإرهاب الذي كان موجودا في الجبال) ...فأهم شيء تعلمناه من إسلامنا الحنيف أليس هو لغة التسامح واللباقة أثناء الحديث ....وإلا ما فائدة أن نحفظ بأن الدين معاملة بالأساس .....ـ وأن الإسلام الحقيقي هو روح التسامح والتعايش مع الآخر حتى وهو على ديانة أخرى.ونحن نجد آيات بينات كثيرة تترك حرية الخيار للإنسان كي لا يفرض على أي كان ديانته( لكم دينكم وليّ ديني.... من شاء منكم فليؤمن ومن شاء منكم فليكفر...الخ)
الإسلام في مقاصده العليا لم يكن في يوم من الأيام أداة تفرض على الإنسان إتباع دينا دون آخر... أو مُشجعا على العصبية المقيتة بل كان رسالة دعوة وهداية....ـ كان ترغيبا ولم يكن ترهيبا ـ .... الإسلام هو منشأ الإنسانية ومحطاته ومساراته السمحاء ....وليس كما يفهمه بعض الدهماء المعقدين الذين شوهوا ومازالوا أحكامه وشروحاته وتفاسيره....إننا ندعو من هذا المنبر أن تتّبين الناس كثيرا وتتعامل مع كل الجزئيات الدقيقة دون تسرع أو تهور في مسائل تبدو لهم اعتقادات ومسلمات...لكنها في الأصل ليست كذلك...نظرا لقصور في العقول الضيقة وعدم فهم واستيعاب الكثير من المسائل؟ا
اليوم ما يشهده العالم الإسلامي من تردي وانتكاسات دليل على ما يفعله أولئك الذين نسبوا أنفسهم قادة وروادا بالإسلام وهم في ظنهم بأنهم ينشرونه ولو بلغة السيف والمناغصة...لذلك ففوبيا الإسلام هي مصطلح أوجدته تصرفاتهم ليس إلا, لأنها لم لم يكن لها أثر واضح وصريح في النصوص



والأحكام(الأشخاص هم الذين جلبوا هذا الرهاب وأصقوه بصفة رسمية على جبينه)...فرشيد بوجدرة لم يتعرض طول مساره وغربته في بلاد الغرب وهو الذي أجرى أزيد من سبعين مقابلة .لم يتعرض
إلى ما تعرض إليه في بلده الأصلي بسبب كما أشرنا إلى ذهنيات لا زالت مركبة بالعنف والجهل والعصبية القبلية .وهي التي رأسمالها العنف اللفظي والأسوا حينما يتحول ذاكم إلى عنف سلوكي؟ا
لو تهجم البعض على مضامين أدب بوجدرة وقيمتها الفنية .لربما اتفقنا معهم وعقبنا عليه...لكن أن يتم ذلك باسم المركزية الدينية القاتلة معنويا وحضاريا وحتى إنسانيا فهذا ما لا يقبله أي عاقل ولنا في التاريخ الإسلامي مآثر وحوادث.خاصة مع سيد الخلق نفسه وما أدراكم ما سيد الخلق ثم يليه أتباعه والصحابة الكرام.وبعض الأمراء والوزراء.من خصال في السماحة والدعوة إلى الحوار............اليوم تطلع علينا فئات تنبت كالفطر تدعي بأنها تفهم وحدها الدين وأنها على نهج السلف .وأن كل ما هو موجود ومعايش غلط في الغلط .فقط هم من يحملون مشعل الحقيقة .أي أنهم أرادوا محو كل الإنجازات التي إجتهد بشأنها علماء وأفذاذ العقول .(هذا عين الخطأ حقا) وما لا يتفق مع المنطق والموضوعية...هذه الأخيرة التي تتوافق وتتطابق مع العقل وليس الخرافة والشعوذة وبعض الطرائق الصوفية المبتذلة والهرطقة التي هي خارج سياق التاريخ والزمن. مع التسليم بأن التطرف موجود في كافة الحقب والعصور وفي جميع الديانات.
لذلك وجب التقيّد بمبدأ أن الإنسان سيظل إنسانا وكرما معززا مهما اختلف معنا في الفكر والإيديلوجية وحتى الديانة..رسولنا الكريم حينما اختلف مع يهود بني قريضة وبني النضير
لم يصدر خطابا بمقاتلتهم أو إبادتهم بل أجلاهم خارج المدينة تظير خبثهم ومكرهم.وعدم بقائهم على العهد . ـ هذا مع الرسل والأنبياءـ فما بالنا بشخص عادي اليوم تجده يدعو إلى سفك دماء فلان وفلتان.
أخيرا وجب أن نقول بأن الحوار هو رأسمالنا مهما كانت درجة الطرف الآخر .ورأسمالنا دوما الدعوة على الصبر والتعايش..وتأتي في نهاية الأمور مقاطعة هذا الطرف أو ذاك إن تجبر واستعصى وليس ترهيبه أو الدعوة إلى قتله ؟ا

شاعر وصحفي جزائري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى