ابو يوسف طه - حكاية.. زينة النساء

أنشأ السعداوي ابريك ظلة. من قصب وشحلاف ، وضع جرة في زاوية منها وأدوات الشاي ، وكان كلما أرهقته دورات الدراس يلوذ بها محتميا من صهد الشمس الحامية ، يتمدد ، وأنا وابن عمي نتفرج على " الزويجة " وهي تدوس مجهدة بقوائمها سنابل الشعير . كنا نموت من الضحك حينما يتعمد السعداوي الضراط وهو ممدد بقامته الفارعة وعضلاته المتكتلة ، يكاد يملأ جوف الظلة . كان يصطحبنا معه ، ربما لطرد مايعتريه من ملل ، وحينما يرى عيشة زوجة أخيه آتية حاملة الطعام ، ينهض ويستوقفها بعيدا عن الظلة ، يمسك الطبق ، يبادلها الحديث قليلا ثم تستدير عائدة ، وهي تتلوى في مشيتها . لقد كانت امرأة جميلة ، لحيمة ، بيضاء البشرة ، وهي فريدة وسط نساء الدوار ، تتخطفها نظرات الرجال والشبان النهمة ، وكانت على خلاف دائم مع زوجها المتبطل الذي ينسى نفسه كلما قيض له أن ينضم إلى جلسة تٓكٓيٌُفٍ مع أصدقائه تحت شجرة التين الضخمة في مدخل الدوار ... امرأة جميلة تثير حفيظة النساء وغيرتهن ، فهي على خلافهن ناعمة لم يخشوشنها أو يلوح بشرتها التعرض لأشعة الشمس اللافحة لأن أخت زوجها التي تعيش معها تنوب عنها في كل شيء ، فهي سيدة تعيش متنعمة في الظل ، ولاتبالي بشيء ، ولها مجال فسيح من الحرية ، فزوجها يسوق قطيع الأغنام للرعي في أماكن بعيدة ، وأحيانا في مدينة مراكش حيث يكتري فندقا في دوار إيزيكي يتيح له الرعي في بعض الحصائد أوالمزابل ، وهذاهو العمل الوحيد الذي يُقبل عليه ، لأنه ينأى به عن عصبية زوجته ومشاجراتها . وهذا الرحيل كان الفرصة الذهبية ل " زينة النساء " التي سهٌٓدها عشق سليفها ، فتعاشرا معاشرة الأزواج
في القيلولة ، عادت خدوج من منزل الشيخ حيث كانت تساعدفي الإعداد لعقيقة ، مرت على الكلب المدد في الظل مندلق اللسان وهو يلهث ، ولما وقفت امام باب البيت ، ذهلت لما رأت ، مايشبه دائرة ضخمة سوداء منفلقة من الوسط ، يحوطها فخذان يتدلى منها ساقان شديدتا البياض ، هكذا من خلال غلالةدُوٌٓار، تبدى لها المشهد ، مشهد شخصين تجمدا مرعوبين ، لكنها لم تودع السر في بئر مما انتهى بعدم عودة الزوج من رحلته نهائيا ، إذ في بوادينا للفضائح أرجل وأجنحة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى