عذري مازغ - الطفولة البريئة

كنت انا وأختي وليدين لأسرة شابة أمضت عشر سنين من الزواج، كان هناك اخ وأخت آخرين ماتا بسبب جائحة ما، لا نعرف حتى الآن ماهي وإن كان اعتقادي الأكبر هو انها جائحة "بوحمرون"، لكن لن أدخل في هذه التفاصيل حول المرض، بل سأدخل في تفصيل آخر له علاقة بهذه المناسبة من عيد الكبش، أحب أن أسميه عيد الكبش لأسباب موضوعية قد يرى البعض بأن الأمر سخرية مني، في الحقيقة هي دعوة مضمرة لذبح الذكور عوض قتل الخصوبة الحيوانية عندنا، يعني أن تسمية الكبش قصدية عندي، انا مع عقلنة عيد الأضحى، عقلنته في اتجاه المحافظة على الثروة الحيوانية (الغنم والمعز بالخصوص) فذكور هذه الحيوانات أغلى من إناثها، في الوقت الذي قيمة الإناث في التدبير الإقتصادي أكثر من قيمة الذكور، لذلك، وحيث يتجه العموم من الفقراء إلى الإناث، في مسار حياتي، شاهدت ذبائح أغنام إناث عندما نفترسها نجد في أحشائها أجنة حمول (ج الحمل). الآن تصوروا وعلى مقاس تفكير ذلك الفرنسي الذي حاضر في المغرب في الأيام الأخيرة واخبرنا على ان غبار الفسفاط المنبعث من مناجم الفسفاط يصلح وبشكل أبدي لصناعة الكارتون (على مقاسه العقلاني لدينا أيضا أفكار تصلح للإستثمار وليس فقط الزائرون الذين ينبهوننا لعبثية التدبير عندنا). غلاء لحم الذكور ناتج لقلة الشحم فيه مقارنة مع لحم الإناث، لكن عقلنة القيم يجب أن يتحكم فيها منطق النفع العقلاني التدبيري (يمكن مثلا للدولة ان تشجع على اكل لحم الذكور بوضع تخفيضات معينة كتلك التي مثلا نساعد بها قطاع معين يضعف بسبب المنافسة وعموما حتى بدون هذا التدبير، إذا حافظنا على الخصوبة، ستنزل الأسعار تلقائيا وهذا يفترض وجود وزير فلاحة ملم بالفعل بقطاع الفلاحة وهنا انا ضد اقتراح رئيسة حزب الإشتراكي الموحد التي تفترض شهادة معينة مدرسية للترشح، أقصد بان الكساب إذا لم تحتقر لغته يمكنه ان يفيد في الفلاحة التي برامج التدريس بعيدة عنها)
سقطت في تلك الخرافة الجميلة : "الشيء بالشيء يذكر"، إذا استرسلت في هذا النمط من التشيء لن اخرج من الثرثرة وعليه ساعود إلى طفولتي ووالدي وسوريالية العيش في غابات الاطلس المتوسط
كان لدينا "عتروس" (العتروس بالمغربية هو ذكر المعز) جميل مزركش باللون الأسود والأبيض، كان فكاهيا لدرجة كان يخطف من ايدينا انا واختي قطعات خبز، ومقابل ذلك كان يسمح لنا بالركوب على ظهره، كان يداعبنا بقرونه، يناطحنا برأسه بشكل حميمي، لم يتجرأ يوما ان يؤلم احدنا بشكل كان اللعب معه تلقائيا وبثقة كبيرة، كان حيوانا رائعا يبادلنا الحب مقابل قطعنا الخبزية، وحين حل عيد الكبش وقع اختيار والدي عليه كأضحية لعيد الأضحى، كان أمرا محزنا بالنسبة لي ولأختي، حزن نسيناه بالطبع عندما بدأنا نفترسه .
هذه الذكرى لا زالت مترسبة في ذاكرتي، واعتقد ان عزوفي عن ذبح أي حيوان ترسخت في قناعاتي منذ ذلك الزمن الطفولي
أذكر ان نساء القرية كن في مشهد احتضار نعجة (بالمغربية هي انثى الكبش) بوادي جبل عوام، ونظرا لغياب الذكور أمرنني بذبحها (تحليتها، من الحلال) ورفضت، ولغياب ذكر آخر قامت امرأة سوسية منهن بذبحها بتلاوة تلك الشهادة المعروفة..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى